الشاعرة ميسون صقر: السياسة ظلمت والدي... وأنا شاعرة قبل أن أكون أميرة

نشر في 09-02-2010 | 00:00
آخر تحديث 09-02-2010 | 00:00
أميرة، شاعرة، روائية، كاتبة أفلام تسجيلية، فنانة تشكيلية، ابنة صقر بن سلطان القاسمي أمير الشارقة السابق الذي نفاه البريطانيون، فلجأ إلى مصر. إنها ميسون التي تنهل إبداعها من واقع الحياة وهموم الشعب، مبتعدة قدر الإمكان عن برج الإمارة العاجي.

حول تجربتها الشعرية وتعدد مواهبها وأثر والدها في إنجازاتها كان الحوار التالي معها:

كيف اتجهت إلى الأدب وأنت خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية؟

لا يتقرر مصير الشخص من خلال دراسته ولا يرتبط الإبداع بها. نشأت في بيت يجمع بين السياسة والشعر ويستقبل الشعراء الكبار، ومنذ طفولتي نما لديّ فضول التعرف إلى هذه السياسة التي أخرجتنا من بلدنا، وكبر هذا الهاجس عندما وصلت إلى القاهرة مع والدي للمرة الأولى عام 1967، وكان الشعر موازياً لذلك كله، فسواء درست الطب أو السياسة أو الفنون الجميلة كنت سأكتب الشعر لا محالة.

متى بدأت علاقة بالشعر؟

منذ التاسعة من عمري إذ كنت أحفظ القصائد، وفي الصف السادس الابتدائي كتبت أول قصيدة لي، ثم تعددت محاولاتي بشكل متقطع حتى أصدرت ديواني الأول «هكذا أسمي الأشياء» عام 1983.

خضت تجارب في مجالات الفن المختلفة ما عدا المسرح، لماذا؟

يرتبط التجريب لدي باكتشاف العالم، وكل فن أجرّب فيه يصبّ في مصلحة الفنون الأخرى ويمنحني الجرأة في الكتابة وفي الانفصال عن الذات، بمعنى أنه يمحو فكرة تكرار نفسي في اللغة أو في المضامين.

في الأساس، أكتب الشعر والمجالات الفنيّة الأخرى دخلتها من باب الفكاك من المحبوب، أي الشعر، لأعود إليه مجدداً بعد التخلّص من مخزون يعيقني ويقيّدني في مجال الكتابة الشعرية.

شعرت مثلاً، بكثرة السرد في دواويني وبالكتابة النثرية فقررت التخلص منهما عبر وضعهما في نص روائي، ثم عدت إلى الشعر وأنا حرّة. إذاً ليست الرواية كفن السياق الأساسي بالنسبة إلي، وينطبق هذا الأمر على بقية الفنون باستثناء الشعر.

بالنسبة إلى المسرح، لا أخفيك أنه صعب لأنني مرتبطة بالنص الذي أباشره بذاتي وأصنعه بيدي. حين خضت تجربة الفيلم التسجيلي مثلاً اكتشفت أن ثمة عناصر أخرى من المصور إلى المونتير... تتداخل معي فغيّرت شخصيتي، الأمر نفسه بالنسبة إلى المسرح. وعلى رغم أن الصحافي والمسرحي سامي خشبة أكد أنني أصلح تماماً لكتابة المسرح، فضلت عدم الخوض في مجال لا يختصّ بي وحدي.

كتبت الشعر بالعامية، هل تعبرين فيه عن أمور وأحاسيس لا تستطيع الفصحى التعبير عنها؟

أكتب بالعامية في السياق نفسه الذي أكتب فيه بالفصحى، لكن الأولى جعلتني أعبّر عن جزء أحبه في حياتي وهو تفاصيل الحياة داخل المجتمع المصري والموروثات الشعبية التي عاينتها في مصر، وعن عالم أحاول الدخول إليه وكأنني من نسيجه، ما يعطيني إحساساً إضافياً بمحبة هذا المجتمع، فبدلاً من أن أكتب قصيدة في حبّ مصر كتبت قصيدة بلهجتها، أليس هذا أقوى وأفضل؟

ما المواضيع التي لا تستطيع الفصحى التعبير عنها؟

مثلاً فكرة «البنت الجدعة» تصوّرها العامية بكل سلاسة، أما في الفصحى فألتزم باختيار الكلمات وأحاول أن أوازن في أسلوبي بين الجزالة والحداثة. كيف لي أن أعبّر بالفصحى مثلاً عن «الفستان المقوّر والكعب المغروز في الكلام»...

ماذا أفادتك الكتابة بالعامية؟

كسرت في داخلي فكرة حصر الإبداع بالفصحى التي كنت أتشدق بها طوال الوقت...

لكنك لم تكتبي بالعامية الإماراتية، لماذا؟

لأن عالمها مختلف عني.وللهجة الإماراتية في الشعر، الذي نسميه الشعر النبطي، صرامة لا تسمح بدخول قصيدة النثر إليها، وأنا، بطبيعة الحال، مخلصة لهذه الأخيرة، وعوضت عن بعدي عنها بجمع قصائد والدي العامية وتحقيقها.

بمن تأثرت من شعراء العامية؟

تربطني صداقة بمجموعة شعراء يكتبون بالعامية أمثال مجدي الجابري، مسعود شومان، يسري حسان، أسامة الدناصوري، عمر طاهر، وصادق شرشر.

لماذا لم تنجزي فيها سوى ديوانين؟

الإبداع قوس مفتوح للإضافة طالما استمرت الحياة، وربما يمثّل الديوانان حدود التجربة، أترك القرار لمسيرتي الإبداعية، لكن نوافذي مفتوحة دائماً سواء للرواية أو القصيدة بالعامية.

وكيف استطعت أن تهضمي الواقع المصري ثم تكتبي عنه؟

لم أهضم الواقع، إنما هو الذي هضمني، أعيش في مصر منذ طفولتي وأعرفها جيداً، ثم أنا أكتب لمن لا يراني ومن تكون الكتابة بوابته إليَّ.

لماذا تتجه لوحاتك دائماً إلى التجريدية؟

أنا مؤمنةُّ بالحداثة في كل مجال فني ومغرمةُّ باللون والتجريد، وسؤالك هذا كسؤال يوجه إلى شعراء قصيدة النثر، لماذا لم يكتبوا شعراً عمودياً؟ لكن الإجابة أن التجريد اختياري تماماً كما أن قصيدة النثر اختيارية.

حدثينا عن والدك الأمير صقر بن سلطان القاسمي.

والدي شاعر ظلمته السياسة ولو لم يكن شاعراً جيداً لما سعيت إلى جمع قصائده في أعمال كاملة، وقد نشرت له «دار الشروق» و{دار العودة» في بيروت أحد دواوينه. إلى ذلك والدي أحد رواد الشعر في منطقة الخليج، إلا أن اسمه كشاعر غاب فترة طويلة لوضعه السياسي ولأنه لم يسعَ إلى طباعة دواوينه ولم يروج لنفسه. وقد توليت أنا هذه المهمة براً بالوالد والشاعر الذي أثر في خارطة الخليج الثقافية، لذا تعدّ طباعتي لشعره احتراماً لتاريخ الشعر عموماً.

ماذا أفادتك هذه الخطوة باتجاه والدك؟

خولتني التعامل مع الشعر النبطي وتذوقه وفهمه، ومع الشعراء النبطيين في الإمارات كنت أمضي يومياً حوالي أربع ساعات في مركز التراث الشعبي أتعلم منهم كيفية نطق الكلمات بشكل صحيح، فتشرفت بتدوين أعمال والدي واعتبرت ذلك إضافة شخصية إليَّ.

back to top