المتحدثون في ندوة دار معرفي: الدستور صك ميلاد أي دولة
شدد المتحدثون في ندوة دار معرفي، التي كانت تحت عنوان «الدستور... صدر ليبقى» على أن التمسك بالدستور أساس لإقامة الدول، موضحين نشأة الدستور الكويتي.أكد د. غانم النجار أن هذه الفترة تشهد العديد من الأنشطة الخاصة بالدستور، وأن كثرة هذه الأنشطة هي دليل على وجود خوف مبرَّر ومشروع، نظرا إلى الحالة التي نعيشها، التي تشير إلى وجود مؤشرات واحتمالات للانقضاض على الدستور بطريقة تؤدي إلى القبول بالتردي والترهل في الممارسة السياسية.
وقال النجار في الندوة التي أقامتها دار معرفي مساء أمس، والتي حملت عنوان «الدستور... صدر ليبقى» وبحضور د. محمد المقاطع ود. محمد الفيلي، وأحمد الديين إنه لم يكن هناك مؤشرات تدل على ظهور الدستور، إذ إنه في عام 1959 أعلنت الأندية الثقافية والصحف وتم ايقافها بسبب احداث ثانوية الشويخ، اي ان الموضوع لم يكن يسير باتجاه انشاء الدستور، وذلك لعدم وضوح النظام السياسي حينئذ.وأضاف النجار أنه في 1961/6/19، أعلن استقلال الكويت، إلا أن المفاجأة كانت أن عبدالكريم قاسم (الرئيس العراقي الأسبق) طالب بإلغاء هذا الاستقلال، واعتباره باطلا، وبأن الكويت ليست إلا قضاء من ولاية البصرة، وعليه يجب أن تعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، وتعود الكويت الى العراق، مؤكدا أن هذا الأمر أحدثَ نوعاً من الإرباك السياسي، سواء من الناحية الديمقراطية أو المؤسسية.وأشار النجار إلى أن الكويت كانت محطة تجارب، خاصة عندما بدأت بريطانيا في الانسحاب من الخليج، لأن الواقع السياسي كان يشير الى ان القوى السياسية كانت واضحة الاتجاه نحو الديمقراطية، مبينا أن ما حصل عام 1961 مع الاستقلال من شخصيات ضاغطة على الشيخ عبدالله السالم بالدفع في الاتجاه المعاكس، وفي ذات الوقت غيابها عن المسرح السياسي، أعطى الفرصة للشيخ عبدالله السالم للتحرك.وأضاف النجار أنه بعد استقلال الكويت كان التصور أن يكون الاتجاه نحو دولة دستورية، الا أن القوى السياسية كانت نوعين، أولها تجار وإصلاحيون، والآخر كان الشارع (حركة القوميين العرب) التي ظهرت بعد احداث ثانوية الشويخ، والتي كانت علاقتها بالحكومة قوية، مؤكداً أن الدستور كان الحد الأدنى لوجود تنازلات كثيرة، ليصبح الدستور كما نراه محتاجاً الى تطوير ودفع نحو مزيد من الحريات، وليس تقليصها. وقال النجار إنه بعد انتخاب هيئة تأسيسية لتحديد الدستور، واللجوء إلى المجلس التأسيسي أصبح هناك اختلاف على موضوع الدوائر الانتخابية وعددها، مبينا أن الأسرة الحاكمة كانت مع 20 دائرة، بينما الجانب الشعبي يسعى إلى الدائرة الواحدة، حيث تم الاتفاق بين الطرفين على عشر دوائر ليفاجأ الشعب بصدور قانون بـ 20 دائرة، الا ان الشيخ عبدالله السالم، وفي اقل من شهر اصدر قانوناً آخر ينص على جعلها عشر دوائر.ومن جانبه، أكد د. محمد المقاطع أن الدساتير هي عبارة عن صك ميلاد الدولة، وأنها العلامة الفارقة بين وجود دولة من عدمها، مضيفا ان هناك خطأ في اخذ الدستور لوضع ينفصل مع تاريخه، حيث ان عمر دستور الكويت 88 عاما، اي أنه يبدأ من تاريخ 1921.وقال المقاطع إن اهم مراحل وضع الدستور جاءت في مراحل تاريخية سابقة، وعلى سبيل المثال كانت هناك رغبة في أن يكون ممثل ولي العهد فرداً واحداً، الا ان الحوار داخل المجلس التأسيسي خرج بثلاثة افراد، اضافة إلى عدم جواز ترشيح ابناء الأسرة الحاكمة للانتخابات رغم انه لم يصدر فيها قرار.وأشار المقاطع الى وجود قيم داخل الدستور تتمثل في ان الأسرة هي اساس الاستقرار، والمؤسسات في الدولة تعني الاستمرار، وهي التي تخلق كياناً يتولد من خلاله الاستمرار، وأن الشعب هو صاحب القرار، ولذلك فإن فكرة المادة 6 بأن الأمة مصدر السلطات ليست شعارا، وانما هي قيمة اساسية، وقد جاء النظام الذي تم اختياره ليكون في الكويت من عملية ابتكار، ومن هنا جاءت مشقة الصعوبات العملية ليكون نظاما مبتكرا يتناسب مع طبيعة البيئة الكويتية، وتبين عملية التعاقد عملية الاصرار التي تمثل الشعب والأمة، واختيار أن تكون الشريعة مادة للتشريع هو اختيار عن وعي وطبيعة العمق الذي يتحلى به المجتمع.وتطرق د. محمد الفيلي إلى الحديث عن الوثائق الست التي مرت على تاريخ الكويت، مبيناً أن الوثيقة 21 جاءت لتقول ان هناك مجلسا تأسيسيا ينافس السلطة التنفيذية، ومجلس 1938 يعتبر مجلسا منتخبا يمارس السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية (نظام عرفي)، مشيرا الى ان جميع المؤشرات والتشريعات كانت ترسم تأسيس دولة.وقال الفيلي ان الكويت كانت بدأت تنضم الى مستوى المنظمات الدولية، وحتى تقبل على هذا المستوى، يجب أن يكون دستورها متوافقاً مع المتطلبات الدولية المعتمدة، ومنها الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وفقا للقواعد الفنية لصناعة الدساتير. وقال الفيلي إن دستور 62 متأثر كثيرا من بعض الممارسات السابقة، ولذلك يجب أن نحدد هوية ثقافية، وايديولوجية، واجتماعية، واقتصادية كما هو الحال في الدول المحيطة بالكويت.