خذ وخل: البنشرجية وغشاء الصين العظيم!

نشر في 14-10-2009
آخر تحديث 14-10-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • في الأيام الخوالي، حين كان الشائع بأن شرف البنت كما عود الثقاب، يتم الإعلان عن عذرية العروس عبر التلويح بقطعة قماش بيضاء مضرجة بدماء العذرية التي تدفقت ليلة الدخلة، بفعل البعل العريس ذاته. وأحسب أن هذا التقليد غاب عن الأعراس، وتضاءل حضوره في الأفراح، ربما من جراء تغير شرف البنت من عود الثقاب والوقيد والكبريت الى «بوتاغاز يشب ويطفأ» حسب الطلب! وإذا شابه عطب ما يخص غشاء البكارة، فإن بعض الأطباء الجراحين يجرون عملية الترقيع المطلوبة، بسهولة فعل «البنشرجي» الذي يرتق عجلة السيارة المثقوبة! أقول ذلك بمناسبة الضجة الإعلامية المثارة حول غشاء البكارة الصيني الجاهز المحمول والذي روجت له بعض إعلانات النت، والعديد من الآراء والتعليقات الرافضة له غيرة على الشرف الرفيع الذي يبدو أنه لم يسلم من الأذى بحضور الغشاء الصيني إياه.

فما برحت جرائم الشرف تترى وتتنامى في العديد من المجتمعات الإسلامية المختزلة لشرف البنت في غشاء البكارة فقط لا غير! ومن هنا راجت عيادة «البنشرجية» الأطباء الجراحين المختصين بإعادة العذرية إلى سابق عهدها الشريف! وهم فصيلة من الأطباء الجراحين الذين لحسوا قسم «أبو قراط» ونفوه من الحضور في ممارستهم المهنية، لذا تبدو لي الضجة المثارة بشأن الغشاء الصيني متناسية حضور «بنشرجية» العذرية السالف ذكرهم، والموجودين في جل الديار الإسلامية، إن لم أقل كلها ولله الحمد!

• من نافل القول إن الجهات المختصة في الأقطار العربية لاذت بالصمت تجاه الغشاء «الشيناوي» وكأنه لا يعنينا من فوق ولا تحت، ولا من قريب أو بعيد، بينما الأمر ليس كذلك، على الأقل لدى الشركة الصينية المنتجة له. ذلك أن الفضاء العرباوي يشكل أرضا خصبة لترويجه وتسويقه بخاصة فيما يسمى بالسوق الموازية المعروفة باسم السوق السوداء المحتشدة بكل ما هو ممنوع ومهرب ومتسلل وهارب من الرقابة والرسوم والجمارك والضرائب والعقوبات العديدة المعروفة لدى الكافة. وعلى الرغم من الصمت المريب و»الأريب» إن شئتم، فإن غشاء البكارة الصيني سيتسلل إلى أسواق العالم الإسلامي رغم أنف حماة الحدود والموانئ والمنافذ والنوافذ، ربما لأن مافيا التهريب قادرة على تجاوز عدة وعتاد وآليات التفتيش والضبط والربط، كما سوف نرى في الشهور القليلة القادمة! ولعل الضربة القاصمة لهذا المنتج جاءت من حيث لا يحتسب معشر التجار المهربين أنفسهم، فقد انفردت صحيفة الوفد القاهرية بعدد الأحد بتاريخ 11 اكتوبر الجاري بلقاء مع القائم بأعمال سفارة الصين في القاهرة يقول فيه: إن الغشاء «مضروب» وضار بصحة مستخدميه إلى حد الموت من جراء استعماله، وأفاد الوزير المفوض «وان كه جيان» بأن سماسرة عربا هم وراء طرح الصفقة في الأسواق العربية، وأن حكومة بلاده تلاحق الشركة المنتجة للحفاظ على العلاقات الإسلامية الصينية. وأحسب أن تصريح الدبلوماسي الصيني جيد ومطمئن ويشي برغبة على المحافظة على سمعة المنتج الصيني لدى المستهلكين العرب الكثر! على الرغم من أن التصريح جاء متأخرا عن أوانه، لاسيما إذا كانت طيور التهريب قد طارت بأرزاقها! كما هو دأبها دائما! لذا فإن إبراء الذمة الصينية التي أعلنها، على استحياء، القائم بالأعمال الصيني، لن تكون لها قيمة إذا لم تردف بأفعال رادعة تجفف منبع ومصنع الغشاء في عقر داره.

لقد رضينا بوجود المنتوجات الصينية في حياتنا اليومية برحابة صدر استهلاكية لا نغبط عليها، ولكننا (نشجب ونندد) باقتحامها لحرمة الشرف الرفيع، ونرفض تسللها إلى خلوة ليلة الدخلة وتقويض رومانسيتها بالغشاء الكريه إياه، إلا البكارة ياصين ياعظيم. ابعد عنها! فالبكارة- كالحمق- أعيت من يداويها!

back to top