من علوم الكتاب جمع القرآن

نشر في 06-09-2009 | 00:00
آخر تحديث 06-09-2009 | 00:00
No Image Caption
جُمع القرآن الكريم على ثلاث مراحل، امتازت الأولى بأنها تمت في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب، وكان جبريل أمين الوحي يعارضه بالقرآن كل عام مرة في شهر رمضان، وفي العام الذي تُوفي فيه الرسول عارضه مرتين.

وعن الرسول، صلى الله عليه وسلم، حفظ الصحابة السور فور نزولها، ولم يكتفوا بذلك، بل كتبوا بعض السور على ما توافر من مواد للكتابة في ذلك العصر من الرقاع والأكتاف والسعف واللخاف، وكان مِن كتبةِ الوحي علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهم.

أما الجمع الثاني فتم في عصر خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، فنتيجة لاستشهاد عدد كبير من قراء القرآن في حروب الردة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق بضرورة جمع القرآن، فاستدعى زيداً بن ثابت وأوكل إليه مهمة جمع القرآن من مصادره فجمعه زيد فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهم أجمعين.

ونتيجة لاختلاف القراءات في المصاحف الموجودة جاءت المرحلة الأخيرة من جمع القرآن في عصر الخليفة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فكان الرجل يقرأ القرآن بلهجة قبيلته، فجعل ذلك بعضهم يخطئ بعضاً، فخُشي من تفاقم الأمر في ذلك، فنسخت تلك الصحف في مصحف واحد، فالمصحف الذي بين أيدينا هو نفسه الذي نزل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو نفسه الذي كان مكتوباً في الصحف التي كتبت بين يدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو نفسه الذي جمعه أبو بكر، رضي الله عنه، حين جمع الصحف في مكان واحد، وهو نفسه الذي نسخ عنه عثمان، رضي الله عنه، النسخَ السبع وأمر أن يحرق ما عداها، وهو عينه القرآن الكريم في ترتيب آياته بالنسبة لبعضها وترتيبها في سورها وفي رسمه وإملائه.

كانت المصاحف العثمانية خالية من النقط والشكل اعتماداً على السليقة العربية التي لا تحتاج إلى مثل هذه النقط والتشكيلات، وظلت هكذا حتى دخلت العجمة بكثرة الاختلاط، وتطرق اللحن إلى اللسان العربي، عندئذ أحسَّ أولو الأمر بضرورة تحسين كتابة المصاحف بالتنقيط والشكل والحركات مما يساعد على القراءة الصحيحة. فقام أبو الأسود الدؤلي بمهمة تشكيل القرآن، في حين قام الخليل بن أحمد بتنقيط القرآن بوضع النقط على الحروف، فاكتمل بذلك حفظ القرآن وصيانته وحفظه كما أخبر عز وجل: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ». (الحجر: 9).

back to top