تحقيق ترابها زعفران وأنهارها لبن وعسل وخمرها لا سُكْرَ فيه أو وَهَن الجنة... دار النعيم الخـالد
الفردوس، النعيم، المأوى، دار السلام، هذه بعض أسماء الجنة التي وعد الله بها عباده المتقين.وبالرغم من كل ما ورد في السنة النبوية والأثر والقرآن الكريم من وصف الجنة بمنازلها المئة فإن علماء المسلمين أجمعوا على أن هذه الأوصاف لا تعدو أن تكون قطرة في بحر من العسل.هذا ما يؤكده الدكتور أحمد شوقي إبراهيم (الرئيس الأسبق للجمعية الملكية للإعجاز العلمي بلندن)، موضحاً أن أوصاف الجنة التي وردت إلينا أوصاف «ظاهرية»، فقد ورد في السنة أن الجنة مئة درجة، لكن لم يرد الوصف التفصيلي لكل درجة وما بينها وبين الأخرى، كذلك ورد أن طعام أهل الجنة من الفاكهة والخضراوات، ولم نعلم منها إلا أصنافا محدودة كالعنب والتفاح والرمان، والحكمة في هذا تعود لأمرين، الأول: أن الشيء المجهول تتطلع النفس البشرية إلى معرفته وبذلك يكون هذا دافعاً إلى الإيمان، بالإضافة إلى أن محدودية علمنا بهذا الخير الكثير تبعث في نفوسنا الرهبة. فتخيل شعورك لو أنك ذاهب إلى الجنة غداً!
الأمر الثاني: أن العقل البشري لا يطيق إدراك كل أوصاف الجنات، فهي تفوق تصور أي إنسان، والدليل على ذلك أن كثيرا من الأدباء والمؤلفين استوحوا فصولا كاملة في أعمالهم من كلمة «الفردوس» وهي أحد أسماء الجنة، فما بالك بوصف الفردوس، وماذا سيكون وقعه على النفس والعقل البشري!وأستطيع أن ألخص ما يخالجني الآن من أحاسيس حول هذا العالم الجميل الخالد «الجنة» فأقول إنها سرر مرفوعة كؤوسها من معين، سدرها مخضود وطلحها منضود، فروعها ريحان، بنيانها مرصوص، مضمخة بالمسك، ملتفة الأفنان، ماؤها زنجبيل، نمارقها من حرير، زرابيها النرجس والياقوت.وأضاف أنه مهما قيل في الجنة من أوصاف فلن ندركها ولو قدر أنملة.بينما وصف الشيخ خالد الجندي «عالم أزهري» الجنة بأنها الوقاية والستر لكل من آثر الإيمان على الكفر. واستطرد بأن الجنة لها ثمانية أبواب، أحد هذه الأبواب لايدخل منه إلا الصائمون ويسمى «الريان»، وما بين الباب والباب مسافة سبعين عاماً، وعرض كل باب مسيرة ثلاثة أيام حتى يأتي يوم يزدحم الناس أمام تلك الأبواب «سبحان من خلق وصور» يستقبل خزنة الجنة أهلها على الأبواب بالسلام والترحيب، وبدخول المؤمن الجنة تبدأ رحلته مع الخلود الأبدي، فيصحبه الولدان... وهم غلمان صغار مسخرون لخدمته يصحبونه إلى حيث أنزله الله درجته بالجنة.ودرجات الجنة مئة ما بين كل درجتين مثل ما بين السماء والأرض، واختلف العلماء حول إن كانت درجات الجنة طباقاً أي بعضها فوق بعض، أم أنها متجاورة ولكن تختلف بتميز درجة عن أخرى وهذا ما رجحه جمهور العلماء. الجنة أرضها ثابتة مستقرة عليها قصور معلقة (بعضها فوق بعض) أسرّتها منسوجة من الذهب، وتجري بين هذه القصور أنهار من العسل واللبن، ووسائدها من حرير. وأعلى منازل الجنة الفردوس فإنه وسط الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تتفجر أنهار الجنة. والجنة بنيانها مرصوص وثابت يزينه النبق المقطوع الشوك، ويتخللها استراحات من الريحان وحدائق مزينة بفاكهة من كل الألوان، أشجارها محملة من أسفلها إلى أعلاها، وبالجنة بساتين ملتفة الأشجار يجري بينها ماء «بارد وعذب» يفور من بين البساتين، وتجري في الجنة أنهار من عسل ولبن وخمر، منها نهر يسمى «الكوثر» وهو نهر النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل. ويصف الدكتور سالم عبدالجليل (مدير هيئة الإرشاد والدعوة بوزارة الأوقاف المصرية) الجنة بأنها الفجر الدائم والخلد الموعود، فلا نوم فيها ولا سفر ولا خوف منها ولا ضرر، بنيانها من فضة وذهب، وسكانها أنبياء وشهداء وصديقون من كل عصر وزمن.فأول ساكنيها سيدنا محمد الأمين، صلى الله عليه وسلم، ترابها الزعفران، أنهارها من عسل ولبن، خمرها لا سكر فيه ولا وهن.فيها شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها، بساتينها من أعناب وزيتون دانية مذللة. فيها خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلاً يطوف فيها ولدان كأنهم لؤلؤ منثور لخدمة أهلها. فيها نساء أبكار لم يمسسهن من قبل بشر. فيها ولدان لمن حرم الإنجاب في الدنيا يقال لمن تمنى: لك ما تمنيت وعشرة أضعاف. فيها قصور ممدودة مرفوعة لا مائلة ولا موضوعة مزينة بالياقوت والمرجان، سرائرها بين أيدي أصحابها غير محدودة.وعن أهل الجنة يقول عبدالجليل: «أهل الجنة مكحلون لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم وهم كالقمر ليلة بدره. يدخل أهل الجنة الجنة على أكمل صورة وأجملها ، على صورة أبيهم آدم عليه السلام وقد خلقه الله تعالى بيده فأتم خلقه وأحسن تصويره وكل من يدخل الجنة يكون على صورة آدم وخلقته، أعمارهم حول الثالثة والثلاثين.وأول من يدخل الجنة بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، أبو بكر الصديق، رضي الله عنه.وأخيراً فإن أعظم نعيم يناله أهل الجنة هو رؤية الله سبحانه جل شأنه «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ». (القيامة: 22، 23).