عضو الاتّحاد العالميّ لعلماء المسلمين د. محمد كمال إمام: صحيفة المدينة أوّل نصّ دستوري في التاريخ يؤسّس للمجتمع المدني
المفكر الإسلامي المعروف د. محمد كمال إمام (رئيس قسم الشريعة في كلية الحقوق- جامعة الإسكندرية وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) أحد فقهاء القانون الذي جمع بين علوم الدين والشرع وعلوم الدنيا القانونية والسياسية، له آراؤه المعتبرة في ما يخص قضية الإسلام والديمقراطية ونظرته الى نظام الحكم في الإسلام وما يحدث اليوم على الساحة العربية والإسلامية من تغييب شبه متعمد سواء لمبدأ الشورى الذي أقره الإسلام أو الديمقراطية المعاصرة المنطلقة من رحم الشورى الإسلامية، ورؤيته للإصلاح المطلوب في العالم العربي والإسلامي.هذه القضايا كلها ناقشها إمام في سياق الحوار التالي.
هل الديمقراطية مؤصّلة في التاريخ الإنساني أم أنها مصطلح غربي بدأ مع النهضة الأوروبية؟الديمقراطية تعني «حكومة الشعب» ويُقصد بها أن مشاركة الشعب في تسيير أمور بلاده واختيار حاكمه ومحاسبته، وعزله إذا انحرف، ومعناها أيضاً أن تكون حرية التعبير متاحة والقضاء مستقلاً وحقوق الإنسان محترمة، فهذه الأمور موجودة في الإسلام قبل أن توجد في الغرب، وثمة جزء مشترك بين الشورى والديمقراطية، فالله سبحانه وتعالى قال لرسوله الكريم «وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ» آل عمران 159، والرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يوحى إليه وكان يستطيع أن ينفرد بالسلطة، فهو ليس بحاجة الى آراء البشر ولكن الله كان يعلمه ويعلم المسلمين، والله تعالى قال للمجتمع الإسلامي «وأمرهم شورى بينهم»، فالشورى إذاً من أسس الإسلام، وليست أساساً سياسياً فحسب ولكنها أساس اجتماعي أيضاً.هل ثمة اختلاف بين الشورى الإسلامية والديمقراطية؟الاختلاف بين الشورى والديمقراطية هو اختلاف في المرجعية فحسب، فمرجعية المسلمين هي في الشريعة وثمة خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، أما لب القضية فواحد، وهو قدرة الشعب على فرض إرادته واختيار حكامه ومحاسبتهم وهذا حق أصيل ومقرر في الشريعة ولا يهمنا الاختلاف في الألفاظ.ما معنى الشورى الحقيقي في الإسلام وما أوجه التقارب بينها وبين الديمقراطية؟الشورى مبدأ إسلامي تعني أخذ رأي مجموعة الصفوة من أهل العلم والرأي والاختصاص، وما ينتهي إليه أهل الغالبية يكون ملزماً ولا ينبغي الخروج عليه، وإننا نحتاج الآن أكثر من أي وقت التركيز على الجوانب المضيئة في تراثنا الإسلامي لتكون ملهمة لنا في الانطلاق نحو المستقبل، والشورى كما وضعها الإسلام هي أقرب ما تكون إلى روح الديمقراطية المعاصرة التي تترجم هذه الفكرة الإسلامية الأصيلة في شكل مؤسسات وعمليات وقوانين وإجراءات، ولا نرى بأساً في تطوير مبدأ الشورى، وصبغه بصبغة معاصرة بحيث يترجم إلى واقع سياسي فاعل، ولا ضير هنا من الاستعانة بما توصل إليه الآخرون من نظم وإجراءات تقرر سيادة الأمة ومسؤولية الحاكم أمامها، ولا نبالغ إذا قلنا إن تطوير الشورى وتحويلها إلى إطار مؤسسي عملي، هما فرض عين على فقهاء الأمة ومثقفيها وحكامها ومحكوميها.يعتبر البعض أن الأخذ بمبادئ الديمقراطية مضاد للتعاليم الإسلامية، فما تعليقك وهل هذه النظرة قاصرة وناتجة عن عدم فهم الدين بشكل صحيح؟تقوم دولة الإسلام على أفضل ما في الديمقراطية من مبادئ، وجوهر الديمقراطية أن يختار الناس من يسوس أمرهم، وأن يكون لهم حق محاسبته إذا أخطأ وعزله إذا انحرف، والإسلام متفق تماماً مع الديمقراطية في مبدأ اختيار الحاكم، وأكبر دليل على ذلك أن الإسلام ينكر أن يؤم الناس في الصلاة من يكرهونه، وفي محاربة الطغيان والفساد. كذلك أوجدت البشرية للديمقراطية صيغًا وأشكالاً مثل الانتخاب والاستفتاء وترجيح حكم الأكثرية، وتعدد الأحزاب السياسية، وحرية الصحافة، واستقلال القضاء، وحق الأقلية في المعارضة، وهذه الأشكال كلها ابتكرها الغرب وسبقنا فيها، وكان يجدر بنا كمسلمين أن نكون نحن السباقين إذ إن الإسلام سبق الديمقراطية الغربية بألف سنة، وترك الأشكال والتفصيلات لاجتهاد المسلمين وفق أصول دينهم ومصالح دنياهم وتطور حياتهم بحسب الزمان والمكان وتجدد أحوال الإنسان. وثمة نقطة شديدة الأهمية وتثير الالتباس وهي أنه لا يلزم من الدعوة إلى الديمقراطية اعتبار حكم الشعب بديلاً عن حكم الله، إذ لا تناقض بينهما فلدى المسلم الدعوة إلى الديمقراطية شكل للحكم يجسد مبادئ الإسلام السياسية في اختيار الحاكم وإقرار الشورى والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الجور، بمعنى آخر عندما يطالب المسلمون بالديمقراطية فهم يطالبون بوسيلة تساعدهم على تحقيق أهداف حياة كريمة يستطيعون من خلالها الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولن يضرهم أبدًا أن يستخدموا لفظًا غربيًا كالديمقراطية لأن مدار الحكم ليس على الأسماء بل على المسميات والمضامين.إذا كانت هذه هي حال الشورى الإسلامية والديمقراطية الصحيحة فهل الغرب اليوم يطبق هذه المبادئ؟الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية يطبق الديمقراطية على نفسه وشعوبه فحسب ولكن عندما يكون الأمر متعلقاً بالعالم الإسلامي ومنطقة الشرق الأوسط فالوضع يختلف تماماً، إذ إن الغرب لا يسعى إلا إلى ديمقراطية الدم والمدفع لتحقيق الأهداف السياسية والاستراتيجية في المنطقة، لذلك تسعى الولايات المتحدة الأميركية منذ أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 إلى نشر الديمقراطية المشوّهة في العالم العربي والإسلامي والتي لم يجنِ منها المسلمون إلا القهر والتدخل في شؤونهم بشكل مباشر أو غير مباشر، لذلك فإنه عندما نتحدث عن الديمقراطية الحقيقية والمطلوب تطبيقها على أرض الواقع يجب أن ننحّي الولايات المتحدة جانباً لأنها تعمل على نشر الديمقرطية المفصّلة من وجهة نظرها وليس تلك المقصود بها نشر قيم العدل والمساواة السياسية في الحقوق والواجبات.القانون الدستوري رافد أساسي من روافد التطبيق الديمقراطي، فهل عرفه المسلمون الأوائل؟بالتأكيد والإسلام يملك في هذا الإطار تراثاً غنياً, فقد قام التاريخ الإسلامي وتجربة الإسلام التاريخية عموماً على قبول الخصوصيات المتنوعة لكل المجموعات المختلفة، دينية كانت أم قومية أم ثقافية أم لغوية, وقد وجدت أديان ومذاهب وثقافات عدة وأقوام كثيرون إمكان العيش بأمان في ظل الإسلام وتمثل صحيفة «المدينة» أقدم نص «دستوري» ينظم العلاقة بين سكان الدولة المسلمة, وقد كتبت الصحيفة بإشراف النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته، فقد كان المجتمع المدني مفككاً لا يتمتع بوحدة سياسية تمكّنه من الاستقرار وشهدت العلاقة بين مكونه العربي, الأوس والخزرج، نزاعات وحروباً منها حرب بعاث الشهيرة التي استمرت عقوداً، والأمر ذاته ينطبق على القبائل اليهودية، بني قَينقاع وبني النضير وبني قريظة، وأمام هذا الواقع السياسي والثقافي والعرقي والديني الجديد كان لزاماً أن يضع النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره القائد الجديد لمجتمع المدينة، تنظيماً يعالج حالة عدم الاستقرار ويحمي التنوّع ويؤسس للتعايش، وما أن انتهى النبي من تنظيم العلاقة بين المسلمين بادر إلى بناء علاقة قانونية بين كل سكان المدينة بتنوّعهم الديني والعرقي بعد أن بنى العلاقة بين المسلمين على أساس الإيمان وهو ما لم يكن ممكناً في ظل اختلاف الدين بين الفئات السكانية في المدينة، فكان العقد أو العهد هو الممكن واقعياً، إلا أن الأمر لم يكن سهلاً وميسراً في ظل ذلك التنوع ولعدم وجود سوابق وتجارب قريبة من موطن النبي يمكن أن يستند عليها، والناظر إلى نص الصحيفة يلحظ أنها أسِّست على توجيهات القرآن الكريم من العدل والمساواة والاعتراف بالاختلاف والتعدد الواقعي للمجتمع المدني ولكن بصيغة قانونية يقبلها غير المسلم ويوافق عليها، وقد وُضعت بتشاور موسع شارك فيه المسلمون والعرب المشركون واليهود، إذ ذُكر بأن الاحتكام إلى النبي عند الاختلاف بين أي من سكان المدينة كان اقتراحاً من السكان اليهود في محاولة منهم لإيجاد قانون مشترك وثابت في حال النزاع, وبإعلان الصحيفة أصبح سكان المدينة خاضعين لعهد جديد ينظم علاقاتهم المالية والدفاعية ويحدد جهة التحاكم وفض النزاعات لتكون أول نص دستوري أو عقد اجتماعي في تاريخ الإسلام. يقول البعض إن النظام السياسي في الدولة الإسلامية لا يقبل بمشاركة غير المسلمين، ما يعرقل مسيرة الديمقراطية.هذا كلام مغلوط وعار عن الصحة، فالإسلام لا يمنع مشاركة غير المسلم في العمل السياسي الإسلامي، إذ إن النظام السياسي الإسلامي ليس حكراً على المسلمين فحسب، فهو يتميز بمبادئ إنسانية راقية تدعو إلى تنظيم الدولة بشكل كفوء على أسس أخلاقية رفيعة يلتف حولها ويقبلها العُقلاء في المجتمع الواحد بِغَض النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي، ولذلك نحن نرى في التاريخ الإسلامي وزراء ومستشارين من غير المسلمين قاموا بواجبهم الوطني على أكمل وجه في ظل الدولة الإسلامية، فهذه الأخيرة ليست دولة دينية ثيوقراطية وإنما دولة ترعى مصالح جميع مواطنيها من دون تمييز وهي بذلك إنما تحكم بشرع الله فيَحيا فيها الجميع بسعادة ومساواة وعدل ورحمة.كيف تعامل الإسلام مع التعددية الدينية وهل ترى العالم اليوم يعطيها حقّها؟الغرب الذي اشتهر بأنه أبو الديمقراطية هو الذي لا يعرف التعددية في الدين ولا في الجنس، حتى المسيحية فقد خاضت مذاهبها المختلفة حروبًا ضد بعضها البعض، وما حدث في البوسنة وكوسوفو ويحدث الآن في كثير من بلدان العالم من تطهير عرقي هو دليل على عدم قدرة الغرب على استيعاب الآخر الديني، أما الإسلام فقد حافظ على وجود الأقليات الدينية والعرقية الأخرى وعلى حقوقها، وتعدد الآراء في الإسلام ظهر في اختلاف المذاهب الفقهية، وترحيب المسلمين بهذا الاختلاف، ثم في اختلاف المذاهب الفلسفية والكلامية، ولم تحدث مجازر لأي طرف فأصل التعددية عندنا مصون، وفي الوقت نفسه مهدور في الغرب، وهي لب الديمقراطية، فالإسلام الذي يعيبون عليه أنه غير ديمقراطي يؤمن بالتعددية بكامل أنواعها، أما في الغرب فلا يطبقها، ومع ذلك لا يخجل القوم بل يستمرون في مغالطاتهم، فالإسلام في تعاليمه وتفاصيله وثوابته يسمح بالتعددية في النظم الاقتصادية وفي السيطرة على رأس المال وفي الحياة الاجتماعية والسياسية الفكرية، وفي الإطار الفكري رأينا على مدار التاريخ الإسلامي تعدد المذاهب الفكرية والفلسفية من دون أن يضار أحد لفكره.في بعض المجتمعات العربية والإسلامية يكون تولّي الحكم بنظام البيعة وليس بالانتخاب، فهل يتعارض ذلك مع مبادئ الديمقراطية المتفقة مع مبادئ الإسلام؟ليس في القرآن والسنة صيغ محددة للحكم واختيار الحكام، لذلك قد تختلف هذه الصيغ باختلاف الزمان والمكان، وحسب تطور المجتمعات طالما لم تخالف نصاً آمراً أو تتعارض معه، فيمكن هنا أن نأخذ من الديمقراطية أو نضيف إليها بما يتلاءم مع ظروفنا، وإذا كان نظام البيعة سهلاً في المجتمع الإسلامي الأول البسيط فإن اجتهادنا قد يقودنا إلى القول بأن الانتخابات طالما أجريت بنزاهة ومن دون تزوير وكانت تحقق إرادة الناخبين فقد أدت وظيفة البيعة تماماً.برأيك ما هو المطلوب على المستوى العربي لتحقيق مبادئ الإصلاح على أرض الواقع؟للأسف الشديد الراصد لواقعنا يجد أن ثمة تجهيلاً سياسياً متعمداً للشعوب، وغياباً لعمليات التثقيف السياسي بشكل صحيح ولمشاركة الشعوب الحقيقية في صنع القرار على أرض الواقع، ولذلك نستطيع التأكيد أنه لا يمكن أن نحقق إصلاحاً حقيقياً على أرض الواقع إلا إذا سلَّمنا بأن السلطة موقتة وليست مؤبدة، وبتداول السلطة والتخلي عن الفكر الشمولي الأناني، ولا تستطيع الدول التقدم وتحقيق الديمقراطية إلا بتحقيق أوسع مجال للمشاركة السياسية والتي تعني أن للمواطن قيمة وأنه صاحب رأي ومشروع حضاري في دولته وليس مجرد فرد في قطيع وإنما إنساناً حراً يمضي في موكب حر، والإنسان الحر قادر على حماية وطنه ودينه وقيمه وتقديم نموذج مهم. وعلينا أن نعلم أن ثمة فارقاً هائلاً بين شعب يتمتع بمعنويات عالية وآخر مغلوب على أمره، فالأول أكثر قدرة على الإنجاز وإعطاء أفضل ما لديه والقيام بواجبه ونيل الاحترام، ولن يتحقق ذلك إلا بمواطن يعرف الأرض التي يقف عليها وهذا هو الأمن الحقيقي، ولكن للأسف الشديد هذه الأمور كلها لا تمارس في العالم العربي والإسلامي بصورة متكاملة ولكن بدرجات متفاوتة وليس ثمة نموذج متكامل، وربما إذا أُعطي بعض الدول الفرصة يستطيع أن يقدم النموذج المطلوب ونحن في أشد الحاجة الى ذلك. كيف تنظر إلى صورة العالم الإسلامي وواقعه؟ وهل هو مؤهل لتحقيق هذا النموذج المطلوب؟في عالم السياسة ثمة تعبير فني معروف يستخدم أيضاً أحياناً في قضايا عسكرية وهو إعداد المسرح أو بناء الصورة، بمعنى آخر أنك اليوم تتعامل مع العالم الخارجي فما هي صورتك أمام هذا العالم وكيف يمكن أن تبني عليها؟ وللأسف، صورة العالم الإسلامي هي صورة نمطية من التخلف والفقر والجمود بل ثمة أمر أخطر وغير مقبول وله تراكمات تاريخية وهو أن البعض أصبح يدعي كذباً بأن الإسلام سبب في هذا التخلف، وقد استُخدمت منصات إسلامية وخصوصاً خلال الفترة الأخيرة وما زال بعضها قائماً الآن تحت مسمى الإرهاب ومحاربة الإرهاب الذي أوجد خلال السنوات الأخيرة لتدمير المسلمين، واستُخدم لزيادة الإساءة إلى هذه الصورة وعلينا أن نطرح طرحاً آخر يساوي ترجمة واعية لما يصلح لنا، وهنا لا نستطيع أن ننكر أن ثمة إنجازات يمكن الاستفادة منها وليس في ذلك عيب وأن نكون منفتحين واثقين من أنفسنا بحيث نتقبل إعمالها وبالتالي نتحرك في مسيرة الإصلاح المطلوب ليس إرضاءً للآخر وإنما لأننا بحاجة إلى ذلك على أرض الواقع لأن هذا هو طريق للإصلاح وللتجديد وللنهضة، ومشروع النهضة هو الذي ينبغي أن يكون الأفق الواسع أمامنا، أفق إصلاحي تجديدي وليس تراجعياً أو نمطياً وينبغي بذلك الابتعاد عن استرجاع التاريخ أو اجترار الماضي. هل ترى أننا بحاجة الى تربية النشء العربي والمسلم على الممارسة الديمقراطية الصحيحة؟ينبغي أن نربي النشء العربي المسلم على المبادئ الأساسية في الإسلام والتي ترجمتها ممارسة الديمقراطية وتداول السلطة وإعمال حقوق الإنسان، وأن نذكر هذا في إطار تاريخ إسلامي يتمتع بروح ناقدة لنقول للنشء أين أصبنا وأين أخطأنا، وذلك يكون بموضوعية وليس دفاعاً أو حكماً أو نظاماً. وبالنسبة الى النظرة التاريخية لغيرنا علينا أن نعلم النشء الحكم والمناقشة وألا يكون الهدف من ذلك مجرد دفاع عن وضع أو نظام أو ترويج له، وإنما يكون سعينا الدؤوب الى أن نربي جيلاً قادراً على أن يحكم ويوازن ويقف على أرض حقيقية صلبة يحترمها لأنه على قناعة بها وهذا أكبر درجات القوة والتقدم.هل الحرص على البقاء في السلطة السياسية في دول عربية كثيرة سبب مباشر في غياب الممارسة الديمقراطية؟بالطبع، الحرص على المواقع والتمسّك بالسلطة حتى الموت سبب مباشر في غياب الديمقراطية في العالم العربي، وثمة نظرية خاطئة ولكنها مترسّخة في كثير من المجتمعات العربية والإسلامية بأن الحاكم هو «سوبر مان» ولكن الصحيح هو أن النظام هو الأساس ووجود نظام قوي يساوي ترسيخ الديمقراطية فالحاكم يزول ويبقى النظام، ومثال على ذلك أنه عندما حدثت فضيحة الرئيس الأميركي السابق كلينتون مع مونيكا لم تنهار الولايات المتحدة واستمر نظامها فاعلاً على الساحة الدولية وهذا هو سر قوة النظام، وما نحتاج إليه في العالم العربي والإسلامي هو قوة النظام والعمل للحفاظ عليه وليس قوة الحاكم، وعلى الأخير أن يقتنع بأنه جزء من النظام وليس هو النظام نفسه.