آمال خلاص عاااادي

نشر في 23-06-2009
آخر تحديث 23-06-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي أول مرة شاهدت فيها "جنس ثالث"، أو "متشبه بالنساء"، كانت في لندن. ويبدو أنني شاهدت مثله من قبل لكنني لم أنتبه إلى أنه ذكر وظننته امرأة... حينئذ لم أصدق صاحبي الذي أقسم لي بأغلظ الأيمان وأطولها أن من نشاهدها أمامنا ذكر بكامل معداته وقطع غياره، لكنه أجرى تعديلات على الهيكل فظهر كما يظهر الآن، الدعامية هوندا والماكينة جي أم سي والكشنات بي أم دبليو! شوف تفاحة آدم يا غبي، شوف مفصل الكف عن الذراع، شوف حجم يديه، شوف شوف شوف، قلت بغضب: إذاً هو كذاب أشر، كذب على البشر في نوع جنسه، وبالتأكيد سيكذب عليهم في أي شيء آخر. قلت ذلك ثم هرولت مسرعاً إلى دورة المياه لأفسح المجال أمام معدتي لتعبر عن رفضها للمنظر. وكدت أموت جوعاً في اليومين التاليين لشدة شعوري بالقرف من كل شيء، كل شيء بلا استثناء.

ودارت الأيام، وتأقلمت أنا مع الحياة على الأرض كما تتأقلم الثعابين، وصرت أتقبل المنظر بدرجة أقل من القرف، ثم أقل، ثم أقل، إلى أن تلاشى القرف وتطاير في الهواء الطلق... ودارت الأيام التي تليها، واستقبلت ثلاثة منهم، أو ثلاثا منهن (لنتفق على التأنيث كي يسهل الأمر عليّ في الكتابة بدلاً من التمرجح بين التأنيث والتذكير كالبندول المهبول)، أقول استقبلت ثلاثاً منهن – عندما كنت أكتب في جريدة الراي - بناء على طلبهن، واشتكين لي جور قانون منع التشبه، فحوّلتهن بدوري إلى الزملاء كي يجرون معهن مقابلة، فتصنيف الموضوع هو تحقيق صحافي لا مقالة. والآن تمر أمامي الجنس الثالث فتسلم فأرد السلام. عاااادي.

وأول مرة شاهدت فيها شباباً مراهقين يقف شعر رأس كل منهم كمنصات إطلاق الصواريخ، ضحكت حتى كاد صاحبي يستلقي على ظهره، وتوهمت أنها حفلة تنكرية، وقلت لصاحبي: لو كنت أنا مكانهم لحملت "رضاعة أطفال" وعكازاً لأبهر الناس في الحفلة! ومع الأيام اكتشفت أنها تقليعة ليس إلا. الله يقلعها. وصار المراهق السبايكي يمر من جانبي فلا أكلف عيني عناء الانبهار، ولا أكلف فمي عناء الانفغار. خلاص عاااادي.

وأول مرة قرأت فيها عن استجواب – بعد اهتمامي بالشأن السياسي – لم تنجح محاولاتي في النوم ليلتذاك، ورحت أقرأ ما له علاقة وما ليس له علاقة بالاستجواب، واعتقدت أنها من علامات الساعة، وأن القيامة ستقوم بعد قليل، وأنك سترى الناس سكارى وما هم بسكارى، وستضع كل ذات حمل حملها، ووو...

ثم توالت الاستجوابات، بل وتعهد المرشحون، أيام الدوائر الخمس، باستجواب رئيس الحكومة دفعة واحدة! اوف اوف اوف.

وتطايرت أبراج عقول البعض، لكن تبين مع مرور الزمن أنها "عوافي ومرقدٍ دافي"، وأنك سترى الناس يمشون على الخط فلا ينحرفون عنه، وستحتفظ كل ذات حمل بحملها، وأن مجمل القضية هي أن نائباً يؤدي عمله واستجوب وزيراً أو رئيس حكومة، وبس.

واليوم هو يوم استجواب وزير الداخلية، وأجد أن الكتابة عن الجنوس والسبايكي قد يكون فيها جديد بخلاف الكتابة المكرورة عن استجواب وزير. وما صوت الصريخ المصاحب للاستجوابات إلا صوت وزير أداؤه ركيك، وما العويل ذاك إلا عويل حكومة رخيمة، أو كانت رخيمة (الرخيمة تستخدم للتصغير)، تصدت للمسؤولية قبل أن تشاهدها، وما إن شاهدتها حتى شرعت بالعويل ونثر التراب على رأسها... لكن صريخها وعويلها أيضا صار خلاص عاااادي.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top