الإعلانات... وسيلة جديدة لجذب الشبان إلى الأفلام العاطفيّة
طوال سنوات عدة، عملت شركة والت ديزني على نسخة مشغولة على الكمبيوتر من «رابنزل»، قصة خرافية عن فتاة جميلة وحيدة شعرها طويل حُكم عليها بالعيش في برج عالٍ.
ولكن عندما نزلت مقتطفات الفيلم إلى دور السينما، أعيدت تسميته Tangled وبالكاد رأينا رابنزل. بدلاً من ذلك، تمحورت الأحداث حول لص محتال قوي يُدعى فلين رايدر. فما السبب؟
ولكن عندما نزلت مقتطفات الفيلم إلى دور السينما، أعيدت تسميته Tangled وبالكاد رأينا رابنزل. بدلاً من ذلك، تمحورت الأحداث حول لص محتال قوي يُدعى فلين رايدر. فما السبب؟
يقول محلّل صناعة الأفلام، بول ديغارابيديان، من موقع Hollywood.com: «ينفر معظم الرجال من عبارة «أفلام رومنسية موجّهة إلى الفتيات» (Chick flick). إليكم المشكلة: تحب الشابات مشاهدة الأفلام الموجّهة إلى الشبان، غير أن هذه الفئة الأخيرة ترفض رؤية أفلام الفتيات. وهذه حقيقة مسلَّم بها منذ فجر السينما».في مقال نُشر في مجلة Entertainment Weekly، أشارت ميسي شوارتز إلى أن فيلم ديزني The princess and the Frog أخفق في استقطاب الشبان وكانت أرباحه مخيِّبة للأمال، إذ بلغت 140 مليون دولار فقط. لذلك، ركّز الاستوديو على شخصية الذكر في Tangled، متجاهلاً كل ما يهم الفتيات. ولا شك في أن آريال وأميرات ديزني الأخريات يرثين وضعهن هذا».
يعود نجاح فيلم The Twilight Saga:Eclipse هذا الصيف إلى الحملة الدعائية التي قللت من أهمية العلاقة الرومنسية بين الثلاثي بيلا ومصاص الدماء إدوارد والمستذئب جاكوب، لتركِّز على المخالب والفرو والقتال.فعند مشاهدة مقتطفات Eclipse، قد لا تدرك أن الفيلم جزء من قصة حب كبيرة.ولم يزعج هذا الوضع آندي كايزر، أحد محبي السينما في مدينة كنساس، مع أن زوجته إميلي تصفه بأنه رجل «لا يشاهد الأفلام المبكية، إلا إذا كانت من نوع فيلم Rudy».كان كايزر (32 سنة)، الذي يعمل في قسم المبيعات في شركة UPS، مطّلعاً على كامل قصة Twilight لأن زوجته تعشقها. وأدرك أن عليه مشاهدة الجزء الجديد منها مع إميلي. لكنه يقرّ بأن مقتطفات فيلم Eclipse أثارت فضوله بطريقة قصّر عنها الجزءان الأوّلان. يذكر كايزر: «استحوذت مشاهد القتال على اهتمامي. فبدا لي الفيلم ممتعاً حقاً».هكذا، نجحت الجهود المبذولة لاستقطاب الرجال. فلم يحظَ Eclipse برابع أعلى إيرادات لفيلم بدأ عرضه في عطلة يوم الاستقلال فحسب، بل يوضح ديغارابيديان: «سمعت أن 35% من جمهور Eclipse كانوا رجالاً. ويشكّل ذلك ضعف عدد الرجال الذين شاهدوا أول جزئين من Twilight».تصنيفات مزعجةصحيح أن عشاق Twilight لم ينزعجوا من إعلان Eclipse الموجه إلى الشبان، لكن البعض خاب ظنهم، معتبرين أن مقاربة شركة Summit Entertainment هذه عززت التصنيفات المجحفة السابقة بشأن وسائل الترفيه المخصصة للفتيات عموماً.تذكر جينيفر أوبري، بروفسورة مساعدة متخصصة في علم التواصل في جامعة ميسوري- كولومبيا ساهمت في وضع كتابBitten by Twilight: Youth Culture, Media, and the Vampire Franchise: «ندرك أن الغاية من محاولة جذب الرجال إلى هذه السلسلة مالية». ثم تستدرك أوبري موضحة أن هذه المحاولة تقلل من أهمية النساء اللواتي يعشقن Twilight. وتقول: «تُعتبر ثقافة الفتيات غالباً قليلة الشأن وغير مهمة. فتصبح موسيقى البوب والمسلسلات الاجتماعية والمنشورات الموجّهة إلى المرأة... ذا قيمة ثقافية متدنّية عند مقارنتها بأشكال يستمتع بها الرجال».تتابع أوبري: «خلال بحثنا، راحت محبات Twilight يشتكين من تعرّضهن للسخرية بسبب حماستهن. كذلك، تحدّثنا إلى شبان يخجلون من تصنيف أنفسهم من هواة Twilight. فقد هزأ بهم رفاقهم لدرجة أنهم اضطروا إلى نبذ كل ما له علاقة بهذه الكتب والأفلام». وكن بتوجّه Summit إلى الشبان، حققت زيادة قصيرة الأمد في مبيع البطاقات، على حد تعبير أوبري. لكنها فوتت فرصة طويلة الأجل تتيح لها «تحديث مفاهيم الأفلام المستقبلية الموجّهة إلى النساء».تستطرد أوبري قائلةً: «لن يمنح الإعلام شرعية ثقافية لوسيلة ترفيه، ما لم يتقبّلها الرجال». وتضيف موضحة أن Twilight ضاهى بنجاحه سلسلة هاري بوتر وحرب النجوم. لذلك، تسأل: «لمَ لا نعطي هذه السلسة ما تستحقه من تقدير؟».قطعت عملية تسويق الأفلام شوطاً طويلاً منذ عصر صناعة الأفلام الذهبي، حين كان من الضروري أن يتلاءم محتوى أفلام الاستوديوهات مع القواعد الأخلاقية في قانون إنتاج هوليوود، وكان كل فيلم يُعتبر مناسباً للجميع. فلا فارق بين المسن وابن الخمسة أعوام... لأن إعلان الفيلم يُناسب الجميع.تطوّر جديدلكن مرتادي دور السينما اليوم باتوا مقسّمين: الأولاد، محبو أفلام الحركة، الراشدون، النساء، هواة أفلام الخيال العلمي والمجلات المصوّرة، وغيرهم. إلا أن Eclipse يُظهر أن من الممكن للاستوديوهات الترويج لفيلم، مستهدفةً فئتين من المشاهدين في آن. يذكر ديغارابيديان: «لا تحتاج سلسلة Twilight إلى جمهور الرجال لتحقق نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر. ولكن لمَ لا تسعى Summit وراء هذه الفئة من المشاهدين، إذ يكفي أن تركّز على مشاهد يهواها الشبان؟».يشكّل تكييف تسويق الأفلام وفق حاجات جمهور محدد تطوراً جديداً نسبياً. ففي السنوات الأخيرة، اعتادت الاستوديوهات إعداد إعلانين عن فيلم مقبل، أحدهما موجّه إلى مَن هم دون الثالثة عشرة من عمرهم وآخر مخصّص للراشدين فحسب لأنه يحتوي على مواد مزعجة وفاضحة كثيرة.تتوافر اليوم وسائط عدة للإعلان عن فيلم جديد: التلفزيون، المجلات المتخصصة، والإنترنت، فضلاً عن الإعلانات داخل دور السينما. لذلك، من المفيد إعداد إعلانات متعددة تتوجه إلى فئات مختلفة، حسبما يفيد بول فلوغوف من مجموعة Principal Communications، شركة استشارية تعمل مع عدد من استوديوهات هوليوود.يتابع فلوغوف موضحاً أن من الممكن الإعلان عن الفيلم الواحد في مجلتَي Playboy الفاضحة و McCall's النسائية. فيكفي أن يعدّل المسوقون المتمرسون الرسالة لتبدو جذابة في نظر قراء كل من هاتين المطبوعتين المختلفتين أشد اختلاف.لكن هذه الفرص الجديدة تحمل معها بعض المخاطر. مثلاً، هل شعر الرجال الذين دفعوا المال لمشاهدة Eclipse بأن إعلان الفيلم خدعهم بنبرته ومحتواه اللذين يتعارضان مع ما رأوه لدى مشاهدته؟يذكر فلوغوف أن طبيعة وسائل الاتصال الحديثة الفورية تعرِّض المعلنين عن أفلام جديدة لخطر التسرّع لتفضح بعد ذلك الحقيقة غشّهم. ويستطرد: «منذ سنوات عدة، نشاهد إعلانات تحتوي مشاهد لا تتضمنها النسخة الأخيرة من الفيلم. ولكن ما عاد من الحكمة اليوم فعل أمر مماثل. والسبب الرسائل القصيرة عبر الهاتف الخلوي. فبعد انتهاء عرض الفيلم الأول، سيبعث المشاهدون برسائل يخبرون فيها أصدقاءهم عن الفيلم. ولا شك في أنهم سيتصلون بك إذا شعروا بأن الإعلان أساء تصوير الفيلم الذي رأوه لتوّهم».علاوة على ذلك، قد تترتب على محاولة صنّاع الأفلام خداع المشاهدين عواقب وخيمة. فمن الممكن، على حد قول فلوغوف، أن تؤدي إلى عاصفة تقوّض الفيلم بدل دعمه. لذلك «يكفي أن تكون صادقاً».ومن المناسب أن نختم بالعودة إلى كايزر، الذي أثّر فيه الفيلم أكثر مما يودّ. يقول: «غضبت بعض الشيء حين قبّلت بيلا جاكوب قبل المعركة الكبرى. لا أقصد بكلامي هذا أني أفضّل إدوارد. ولست متحيزاً لأي من الفريقين. لكن الفيلم أثّر فيها على رغم رجولتي».