«غلف تالنت»: الكويت أقل دول الخليج في زيادات الرواتب وعمان الأعلى

نشر في 31-01-2010 | 00:01
آخر تحديث 31-01-2010 | 00:01
● دبي الأشد تضرراً من الأزمة وستكون الأكثر جذباً للمواهب في حال التعافي
● فقدان الوظائف ما زال مستمراً والأعلى 20% في دبي
أعد التقرير وفق نتائج مسح شمل حوالي 24 ألف موظف يعملون في نحو 3 آلاف مؤسسة بدول مجلس التعاون، ونحو 900 مسؤول عن الموارد البشرية في شركات خليجية ودولية.

قال تقرير ميداني صدر عن "غلف تالنت" إن قلة من الناس فقط، وبعد عدة سنوات من النمو الذي بدا متواصلا دون انقطاع، هي التي توقعت حدوث الأزمة الاقتصادية، ذلك "التسونامي" الذي عصف بمنطقة الخليج العربي في عام 2009، فمع انهيار أسعار النفط وتوقف البنوك ومؤسسات التمويل عن منح الائتمان والقروض بدأت الشركات في شتى أنحاء الخليج العمل تعدّل خططها التجارية وتستبدل برامج النمو بمبادرات لخفض التكاليف.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير قد أعد وفق نتائج مسح شمل حوالي 24 ألف موظف يعملون في نحو 3 آلاف مؤسسة بدول مجلس التعاون ونحو 900 مسؤول عن الموارد البشرية في شركات خليجية ودولية.

ويؤكد التقرير أن التباطؤ الاقتصادي قد أدى إلى تحول في ديناميكية وطبيعة سوق العمل في المنطقة بصورة جذرية. ومع ارتفاع معدل البطالة في مختلف أنحاء العالم وتقلص الطلب الإقليمي على المواهب، انتقل ميزان القوة من مصلحة المرشحين من أصحاب المواهب إلى مصلحة أرباب العمل وتباطأت وتيرة أنشطة التعيين بشكل واضح في شتى أرجاء إقليم الخليج، وبخاصة في إمارة دبي نظراً إلى انكشافها الشديد على الأسواق العالمية ومؤسسات التمويل الائتماني الدولية.

وعمدت مجموعة من الشركات إلى خفض عدد موظفيها خلال عام 2009 وفقد نحو 10 في المئة أو واحد من بين كل عشرة مهنيين وظائفهم، وكانت النسبة الأعلى من نصيب دولة الإمارات العربية المتحدة حيث بلغت 16 في المئة ووصلت تلك النسبة الى 15 في المئة في قطاع العقارات. وفي مختلف أنحاء المنطقة وصلت عمليات الاستغناء وبدرجات متفاوتة إلى كبار المديرين التنفيذيين والاختصاصيين من رعايا الدول الغربية.

وأضاف التقرير أن الخطوات التي اتخذتها بعض من حكومات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للحد من إنهاء خدمات المواطنين قد ساعدت على ضمان وظائفهم في المدى القصير، وعلى أية حال فإن تعذر استخدام إنهاء الخدمات كخيار جعل بعض أصحاب العمل أكثر حذراً إزاء تشغيل المواطنين.

العودة إلى دبي

لقد أفضى التنوع في الثروات في بلدان مختلفة الى عملية انتقال كبيرة في شتى أنحاء المنطقة، وانتقل عدد ضخم من المهنيين الوافدين من دبي الى العمل في كل من أبوظبي والدوحة والسعودية. ولكن بالرغم من ذلك تظل دبي هي الوجهة الأكثر شعبية بالنسبة الى الوافدين، ومن المحتمل أن تجتذب العديد من المواهب بمجرد أن تبدأ حالة التعافي هناك.

يضاف إلى ذلك التباطؤ الكبير في زيادة الرواتب في مختلف أنحاء المنطقة، فقد ارتفع الراتب الأساسي بمعدل بلغ 6.2 في المئة خلال فترة الاثني عشر شهراً المنتهية في أغسطس من العام الماضي 2009 مقارنة بـنسبة 11.4 في المئة للفترة ذاتها من عام 2008.   

عمان الأولى في زيادة المرتبات

وشهدت سلطنة عمان أكبر زيادة في متوسط الرواتب حيث بلغت 8.4 في المئة، وحلت بعدها قطر والسعودية والبحرين عند 7 في المئة، وكان المعدل الأدنى في دولة الإمارات والكويت إذ بلغ 5.5 في المئة و4.8 في المئة على التوالي. وفي ما يتعلق بالمهن حقق قطاع مدققي الحسابات الزيادة الأكبر نتيجة زيادة الطلب على خدمات التدقيق في أعقاب الانهيار الواسع للمؤسسات الدولية الكبرى.

وقال التقرير إنه على الرغم من الانخفاض النسبي في معدلات الزيادة في الرواتب والأجور فإن معدلها المتوسط قد تجاوز

للمرة الأولى منذ عدة سنوات الارتفاع في كلفة المعيشة. ونتيجة لذلك لمس الكثير من السكان تحسناً في نوعية الحياة وإمكان التوفير وخاصة في دبي والدوحة، حيث تراجعت إيجارات المساكن بأكثر من 30 في المئة.

حماية الموظفين

ومضى التقرير إلى القول إن منطقة الخليج تشهد باستمرار تقدماً تدريجياً نحو نيل الموظفين المزيد من الحقوق القانونية والحماية، ويعمل عدد أكبر من الدول على تسهيل تحويل الموظفين إلى عمل آخر، وقد تم إقرار قوانين عمل جديدة ولايزال البعض الآخر منها قيد النظر مع توجه نحو مزيد من الحقوق لمصلحة العاملين. وأشار التقرير إلى إقرار مجلس الأمة الكويتي لقانون العمل الجديد في القطاع الأهلي الذي يوفر ظروف عمل أفضل في القطاعين الخاص والأهلي.

ومن خلال النظر الى المستقبل يبدو أن من المحتمل حدوث مزيد من الخفض في عدد الموظفين ولكن بوتيرة أبطأ من تلك التي شهدتها الأثنا عشر شهرا الماضية. وفي الوقت ذاته من المتوقع أن تقوم نصف الشركات بخلق وظائف جديدة وبقدر يفوق عدد الوظائف التي فقدت. كما أنه استناداً الى دراسة قامت بها "غلف تالنت" حول أصحاب العمل فإن من المتوقع أن تبلغ زيادة الأجور في عام 2010 في دول مجلس التعاون 6.3 في المئة.

حالة الاقتصاد

وقال التقرير إنه عندما تم السماح لبنك "ليمان برازرز" بتقديم طلب لإعلان إفلاسه في شهر سبتمبر من عام 2008 استشرفت قلة فقط من الناس حجم الكارثة التي سوف تلحق بالاقتصاد العالمي. ومع سعي الحكومات إلى إنقاذ النظام المالي العالمي تساءل العديد من المراقبين في الأسواق الناشئة، بما فيها أسواق منطقة الشرق الأوسط، ماذا لو كانت تلك الأزمة سوف تقتصر على الدول الغربية فقط.

ولم يتطلب الأمر الكثير من الوقت حتى وصلت الأزمة الى شواطئ الخليج. وبحلول شهر نوفمبر من عام 2008 وصلت عمليات الائتمان والتمويل المصرفي الى جمود فعلي وواقعي، وتم إلغاء مشاريع البناء الواحد تلو الآخر، كما انخفضت أسعار النفط الخام من نحو 150 دولاراً للبرميل إلى أقل من 40 دولاراً، وهو أدنى هبوط من هذا النوع في التاريخ.

شركات الاستثمار

كانت شركات الاستثمار في مقدمة المؤسسات التي تضررت بالأزمة، وذلك نظراً لأن قيمة الأصول قد انهارت على صعيد عالمي، ثم أعقبها انهيار قطاع البناء والعقارات بحكم اعتماده الشديد على التمويل المصرفي. وأفضى هبوط أسعار العقارات إلى دفع المضاربين إلى سحب أموالهم، مما أدى إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار والى شطب المليارات من الدولارات من أموال السكان، كما انخفضت قيمة تجارة التجزئة والضيافة بعد ذلك نظراً لتقليص المستهلكين الذين تملّكهم القلق لإنفاقهم وبقاء السائحين في بلدانهم.

وقد أصابت الأزمة دول مجلس التعاون بدرجات متفاوتة وذلك وفقاً لمستوى اعتمادها على تمويل الديون وعلى درجة انكشافها على الاتجاهات العالمية. وكانت دولة الإمارات العربية، وإمارة دبي بالتحديد، في قلب الأزمة الإقليمية حيث هبط معدل نموها الاقتصادي من 7.4 في المئة في 2008 إلى 3.5 في المئة في السنة الماضية.

وأضاف التقرير ان حكومات دول مجلس التعاون، كما كان الحال في أماكن أخرى من العالم، قد سارعت إلى احتواء الأزمة عن طريق توفير ضمانات مصرفية وضخ مليارات الدولارات من أجل تحريك عجلة الاقتصاد عبر الاستثمارات في مشاريع البنى التحتية الرئيسية. وبعد سنوات عديدة من الأسعار العالية للنفط تمكّنت خزائن الدولة وصناديق الثروة السيادية من تجميع احتياطيات ضخمة يمكن توظيفها بسهولة لتحسين الوضع الاقتصادي.

وقد ساعد مزيج من الدعم الحكومي والانكشاف المتدني على الاتجاهات العالمية في تحصين منطقة الخليج ضد التأثير التام للركود الدولي، ونتيجة لذلك كان أداء دول مجلس التعاون أفضل من معظم البلدان الاخرى في عام 2009.

تقليص الوظائف

ومع اعتياد مجتمع الأعمال الخليجي على سنوات من النمو القوي فاجأت حدة الركود المباغت العديدين. وبالنسبة إلى معظم الشركات حل محل الصراع الطويل لاجتذاب المواهب والاحتفاظ بها في سوق ضيق ومحدود عملية خفض للتكلفة بين عشية وضحاها.

ولقد أفضى الخفض في الوظائف الى إرباك كبير في حياة العديد من الوافدين. ولا تقتصر هموم هؤلاء على افتقارهم إلى الضمان الاجتماعي أو تعويضات البطالة إذ إن قوانين الهجرة المحلية تطالب معظمهم بمغادرة البلاد في غضون 30 يوماً من انتهاء عملهم. ومع قلة فرص العمل واشتداد المنافسة فإن فقدانهم لوظائفهم كان يعني عودتهم مع عائلاتهم الى أوطانهم.

اتجاهات الرواتب

انخفض المعدل الوسطي لزيادات الرواتب في منطقة الخليج بصورة حادة من 11.4 في المئة في 2008 إلى 6.2 في المئة في السنة الماضية. وكان الجانب الأكثر أهمية ان حوالي 60 في المئة من الموظفين لم يحصلوا على أي زيادة في الأجور على الإطلاق، وذلك مقارنة مع 33 في المئة فقط خلال الفترة ذاتها من عام 2008.

من جهة أخرى، يذكر أن معظم الزيادات في 2009 تحققت قبل شهر يناير 2009، أي قبل اتضاح صورة المدى التام للتباطؤ الذي عطل النشاط الاقتصادي في المنطقة. وتشير بيانات المرشحين للزيادة إلى أن وتيرة الزيادة في الرواتب تباطأت بشكل كبير بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2008.

صورة المستقبل

بالرغم من استقرار وتيرة فقدان الوظائف فإنها لم تصل الى نهايتها على الإطلاق. ووفقاً لدراسة أجرتها "غلف تالنت" على الشركات فإن 15 في المئة منها في منطقة الخليج كانت لاتزال تجري المزيد من الخفض في الربع الأخير من عام 2009 بينما كانت النسبة الأعلى من التقليص في دولة الامارات حيث يلغت 20 في المئة. وفي الوقت ذاته أشار 51 في المئة من الشركات التي شملتها الدراسة إلى أنها تعتزم زيادة عدد موظفيها، وإن كان ذلك بأرقام متواضعة، وبذلك فإنها سوف تعوض الوظائف التي فقدت.

ومضى التقرير إلى القول إن من المتوقع أن تتحسن وتيرة التشغيل بقدر أكبر خلال الربع الأول من 2010 مع عودة الثقة، ولكن من غير المحتمل أن تصل الى مستويات الطفرة الاقتصادية قبل مرور فترة من الزمن. وتستمر الشركات في توخي الحذر إزاء التوظيف ولن تبدأ عملية توظيف واسعة قبل تحقق فترة نمو طويلة.

النمو الاقتصادي

شهد التفاؤل إزاء مصير اقتصادات الخليج زيادة بطيئة خلال الشهور الأخيرة بالرغم من وجود القليل من الحقائق الثابتة التي تشير الى انتعاش مستدام. كما أن أسعار النفط التي تمثل المحرك الأكبر للنمو الطويل الأجل في المنطقة قد ارتفعت بصورة بارزة خلال الأشهر الأخيرة، ولكنها تظل دون مستوى الذروة الذي بلغته في 2008. والأكثر أهمية في هذا الشأن هو ظهور مؤشرات على تخفيف ظروف التوقف في عمليات اسواق الائتمان والتمويل المصرفي ما يسمح بإمكان عودة النشاط الى الاستثمار في القطاع الخاص.

وفي الجانب السلبي يستمر التدفق النقدي في طرح تحديات مع وجود العديد من الشركات تجهد لتحصيل مستحقاتها، كما أن البنوك تعاني أحجاماً ضخمة من الديون المعدومة.

أوضاع الرواتب

وخلص التقرير إلى القول إنه لا توجد عوامل بارزة تضغط لزيادة الرواتب لأن المنافسة الإقليمية والعالمية للحصول على المواهب تعتبر متواضعة ويظل التضخم تحت السيطرة، وعليه فإن من المحتمل أن تكون الزيادة في الأجور متواضعة في 2010.

back to top