أمين عام المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة د. فوزية العشماوي: المسلماتُ في أوروبا يعانينَ مضايقاتٍ بسبب حجابهنّ
د. فوزية العشماوي (أستاذة الدراسات العربية والإسلامية بجامعة جنيف) عالمة مسلمة صاحبة فكر مستنير، ساهمت في تعريف المجتمع الأوروبي بماهية الإسلام ثقافياً وعقائدياً. لُقبت بـ»العالمة الجريئة» نظراً لتعرضها للقضايا المثارة دون خوف، يُنسَب إليها الفضل في أن يكون للمسلمين صوت في سويسرا، أسست المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة حتى يصبح لها دور بارز في هذا الكيان، ولها العديد من المناظرات التلفزيونية عن الديانات، وتلقى قبولاً كبيراً في الأوساط السويسرية بسبب تمتعها بقدر كبير من الوسطية والاعتدال. يتم الاستعانة بها عند وضع القوانين والتشريعات من أجل ضمان حقوق المسلمين في سويسرا. التقيناها خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة وكان لنا معها هذا الحوار. • كيف تصورين لنا واقع المسلمين في سويسرا؟
- وضع الأقلية المسلمة في سويسرا قد لا يختلف عن وضع المسلمين في كثير من الدول والأقطار الأوربية، نظراً إلى ثقافة التسامح التي تبنتها سويسرا، والتي من خلالها أوجدت حوار تواصل مع الأقلية المسلمة هناك، كما أن هذه الأقلية استطاعت أن تتجاوب وتتفاعل مع المجتمع المدني، ولعل أدل شيء على ذلك أن المؤسسات الإسلامية وقضايا الأقلية المسلمة ارتبطت بوزارة الثقافة، وهذا يدل على أن سويسرا حكومة وشعباً تبنت سياسة الحوار والتعايش والتسامح.• ما التحديات التي تواجه مسلمي الغرب عموماً؟ وما الحل من وجهة نظركم؟- ثمة تحديات عدة. أول تحد هو المواطنة لأن مفهوم المواطنة إذا ربطناه بقضية الولاء فسوف يقع فيه ظلم كثير للأقلية المسلمة، أما إذا ربطناه بقضية الإقليم والجغرافيا والأرض وقضية الهموم المشتركة، فإننا سنحقق الكثير من القضايا.التحدى الثاني هو المشاركة، وللأسف هناك بعض الدول أرادت لهذه الأقليات المسلمة أن تعيش نظام الـ»جيتوهات»، ولهذا لابد لهذه الأقليات أن تندمج إيجابياً دون ذوبان ودون فقدان للهوية حتى تحقق شيئاً من المشاركة في التنمية ويكون لها وجود. وهناك مسألة أخرى هي قضية التعليم والوجود في مؤسسات الدولة، سواء كانت اقتصادية أو إعلامية.• ما أولويات العمل الإسلامي في الغرب؟- أولاً لابد من ترشيد الخطاب الإسلامي من خلال الفكر والممارسة والسلوك.- ثانياً تحقيق مفهوم المواطنة وما يتبعها من حقوق. - ثالثاً لابد أن نفكر في بناء الساجد قبل المساجد، ولذا لابد أن نركز على بناء المدارس والمحاضن التعليمية التي سوف تهيئ الأجيال للمرحلة المقبلة لبناء أفضل لمستقبل الأقلية المسلمة. • يبذل المجلس الإسلامي جهوداً كبيرة لتصحيح صورة الإسلام في الغرب فما أبرز هذه الجهود؟- بدأنا سلسلة حوارات مع مؤسسات المجتمع المدني، كما عقدنا لقاءات مع الوزراء وبخاصة وزيرة الثقافة، ضمن سلسلة لقاءات مع وزراء الحكومة، وكما تعلمون فإن الوزيرة عندما تلتقي وفدا تضع نصب أعينها مقترحاتها تجاه الحكومة، وعلى ضوئها تصنع السياسة.وهناك وسيلة أخرى لتصحيح صورة الإسلام، فمنذ سنوات ونحن نقوم بحملة تعريف بالإسلام وتصحيح ما يُنسَب إليه خاصة في الكتب المدرسية، وأوضحنا أن هناك صورة نمطية وضعت منذ سنوات في كتب المدارس عن المسلم تصفه بأنه متخلف وإرهابي ومزواج ومستهلك فقط، وبالفعل استجابت وزارة التعليم، وقررت حذف بعض الموضوعات الدراسية التي أشرنا إليها في المناهج. كما شرعنا نشتري مساحات زمنية من أهم القنوات التلفزيونية لتقديم برامج لتصحيح الصورة، ويتم في هذه الخطوة اختيار شخص متخصص في شؤون الأديان ولديه لغة سليمة وعلم واسع بالشرع والفقه والعبادات، ومن حسن حظي أنني في كل مرة أنال ترشيح أغلبية المسلمين للتحدث باسمهم وباسم الإسلام في هذه البرامج، وأحياناً تتطور بعض الحلقات النقاشية إلى مناظرات، وفي كل الأحيان ننال ثقة المشاهد غير المسلم.• ترأسين المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة فما أهم أهدافه؟- المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة أُسس عام 2006، وهو كيان يجمع في عضويته أكثر من 13 دولة أوروبية من الجمعيات النسائية بهذه البلدان، ويهدف إلى دمج المرأة المسلمة الموجودة بأوروبا في هذا المجتمع، إلى جانب تبني قضايا الحوار الديني أيضاً بهدف التنديد بكل أشكال التمييز ضد المرأة المسلمة، ولاسيما أنها تتعرض للعديد من المضايقات في بلدان عدة بسبب حجابها، وكذلك مساعدة المرأة على تمثيلها في المحافل الدولية في أوروبا.• تطالبين منذ فترة بتكوين تحالف ثقافي فماذا يعني هذا التحالف؟- أنشأنا بالفعل تحالفاً ضد الثقافة الاستهلاكية الأميركية، ونسعى إلى انفتاح الثقافة العربية على نظيرتها الأوروبية والآسيوية للوقوف ضد الهيمنة الثقافية الأميركية، لأن تفاعل الثقافات سيؤدي إلى صد هذه الهيمنة الأحادية، كما أن الاتحاد الأوروبي يرفض العولمة الثقافية، وبالنسبة لي كأستاذة للدراسات الثقافية والاجتماعية أقوم بغرس هذا الأمر في نفوس الطلاب.• سويسرا بلد الحريات والديمقراطية وتعدد الديانات، فما السبيل لحماية الهوية الثقافية الإسلامية وسط هذه الماديات؟- رغم أن سويسرا فتحت مجالاً كبيراً للعمل الإسلامي وللمؤسسات الإسلامية فإن هناك تياراً جارفاً من المادية والإباحية تعانيها الأقلية المسلمة وبخاصة جيل الشباب، لذا لابد من بناء فكري وتربوي وعقدي لهؤلاء من خلال إيجاد محاضن تربوية وإشعار الأسرة بمسؤوليتها، ثم التواصل مع أمتنا العربية من خلال إقامة الرحلات والتبادل الثقافي، ثم تبقى بعد ذلك الجهود الفردية التي تقوم بها المؤسسات الإسلامية من إيجاد محاضن وبدائل لهؤلاء الشباب لتصحيح الفكر وتقديم السلوك وبناء الشخصية الإسلامية.