الطبطبائي امير المتناقضين


نشر في 21-01-2010
آخر تحديث 21-01-2010 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي التناقض ليس بغريب على الطبطبائي لأننا تعودنا على تناقضاته التي كان آخرها موافقته على عدم التعاون مع سمو رئيس الوزراء بسبب الشيكات مع أنه أحد مستلميها وكان حرياً به إرجاع ذلك المبلغ إلى الرئيس إن كان (أي الطبطبائي) فعلاً قد اعترف بخطئه كما برر له زميله النائب فيصل المسلم.

يوماً بعد يوم تكشف لنا الأحداث المزيد من التناقضات الصارخة لمن امتهنوا الاستعراض الانتخابي والتكسب الفئوي، فالذين عينوا أنفسهم أوصياء على الناس وظنوا أنهم وحيدون في الساحة، تجرعوا من الكأس المرّة التي طالما أسقوها غيرهم. كانوا ينادون بالحريات، لكنهم انقلبوا عليها عندما مستهم وباتوا يريدون حريات صحفية على مقاسهم وحسب مزاجهم، واليوم يرفضون قرارات منع البعض من دخول البلاد مع أنهم أول من مارس الضغوط لمنع آخرين من دخولها!

بعض النواب حاول متذاكياً تسطيح موضوع منع العريفي وتصويره بأنه مجرد «انتقاد» من سعودي إلى عراقي لا دخل لنا به، وتجاهل أن العريفي تجرأ وبوقاحة على مرجع ديني له وزنه الكبير في دولة مجاورة لنا، كما أنه كفّر مذهباً كاملاً يتعبد به قسم مهم من شعبنا، لذلك، إذا قبلنا بمبدأ المنع، فكيف لا تكون آراء هذا الشخص «الفتنوية» مبرراً لمنعه من دخول البلاد؟! وكيف يصدر 100 من مشايخنا بيانا يدَّعون فيه أن العريفي يتسم بالاعتدال في الطرح والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة؟! وكأن هذا الشخص لم يستخدم كلمات وعبارات وأوصاف يندى لها الجبين، ولا تليق أن تصدر حتى من شخص عادي.

ولا أدري ما ردة فعل المشايخ عندما عرفوا أن هذا الشخص ترحم على صدام بحجة أنه نطق بالشهادتين (مع أنه شتم مرجعا ومذهبا ينطقان بنفس الشهادتين) إضافة إلى دفاعه عن صدام تحت ذريعة أنه كان يبني المساجد ويحارب الفساد ويطبع المصحف الكريم؟!

المشكلة أن البعض مصرّ حتى الآن على الدفاع عن هذه الآراء المتطرفة، والقول إن قرار المنع مسيء للعلاقات مع السعودية مع أن الحكومة السعودية نفسها تبرأت من هذه الآراء عبر تصريح المستشار بالديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن العبيكان بأن «ما قاله العريفي لا يمثل رأي حكومة السعودية، وبأن خادم الحرمين الشريفين يسعى دائماً إلى نبذ الخلافات بين المسلمين وتوحيد الكلمة، وترك التطرف (لاحظوا كلمة تطرف) بكل أشكاله التي تشق صف الأمة»، وأضاف أن «الرأي الذي خرج به الشيخ العريفي مرفوض تماماً». ويخرج علينا النائب محمد هايف ليقول إن هذا المنع «سابقة في تاريخ الكويت لأنه تم دون سند قانوني أو قضية»، وكأن منع نصر أبوزيد الذي كان لديه تصريح دخول إلى البلاد تم بقضية وليس عبر تدخلات وضغوط النائب هايف وزميله الطبطبائي الذي شاركه بنفس الرأي قائلاً إن «الشعب مستاء من مسلسل التخبط والتنازلات»!

النائب الطبطبائي سأل وزير الداخلية عن القوانين الكويتية التي خالفها العريفي حتى يتخذ قرار المنع بحقه، وفي نفس السؤال يسأل عن «الهوسات» التي «فيها استفزاز طائفي وإساءات بالغة لعلماء أجلاء» ويسأل عن «هوية مَن تورطوا في هذه التجاوزات الماسة بأمن البلد والغريبة على ثقافته والمسيئة للجمهور المسلم عموماً وللمملكة العربية السعودية خصوصا».

ونحن نتساءل: ألا يرى الطبطبائي في شتائم العريفي أي استفزاز طائفي؟! وألا يعتبر كلامه (الذي تعرض فيه لمذهب يتعبد فيه كويتيون) ماساً بأمن البلد وغريبا على ثقافته، مثلما اعتبر «الهوسات» كذلك؟! وألا يعتبر ترحمه على صدام مسيئا لكل الكويتيين؟! وهل الإساءة للجمهور المسلم في السعودية حرام وفي العراق، بل وفي أنحاء العالم كافة، حلال؟! وهل هناك سند قانوني يمنع الإساءة إلى علماء دولة أخرى حتى يطالب بإجراءات ضد أصحاب «الهوسات»؟! لكن هذا التناقض ليس بغريب على الطبطبائي لأننا تعودنا على تناقضاته التي كان آخرها موافقته على عدم التعاون مع سمو رئيس الوزراء بسبب الشيكات مع أنه أحد مستلميها وكان حريا إرجاع ذلك المبلغ إلى الرئيس إن كان (أي الطبطبائي) فعلاً قد اعترف بخطئه كما برر له زميله النائب فيصل المسلم.

في النهاية، وبالرغم من كل ما ذكرته، فإن سياسة المنع بشكل عام لن تمنع انتشار الأفكار، خصوصاً في عصر الفضائيات و»اليوتيوب» وتناقل حتى الكتب عبر الإنترنت، بل قد تزيد من شعبية الممنوعين، لكن هذا لا يبرر سياسة الكيل بمكيالين وإعطاء فئة دون أخرى حق «الفيتو» على دخول الأشخاص، وكأننا في مجلس الأمن، فإما عدم تطبيق سياسة المنع كلياً، وإما إعطاء جميع أطياف المجتمع حق «الفيتو».

وإن كنتم تريدون رفع المنع عن العريفي، فلترفع أولاً جميع القيود الأمنية عن المفكرين بمن فيهم السيد الفالي (الذي تمت تبرئته من التهم المنسوبة إليه) ونصر أبوزيد (مع اختلافنا كلياً مع آرائه). فنحن في بلد متعدد الأفكار والأطياف ومن المستحيل على أي فئة فرض رأيها على البقية، لكن المشكلة أن البعض يعتقد أنه في دولة «طالبان»، وأبرز مثال على ذلك ما حدث من التعرض لحفل خاص بسبب معلومات مغلوطة لأن وزارة الداخلية سمحت، وبكل أسف، بأن يتدخل النواب في صميم عملها.

back to top