مرفوض بديهياً


نشر في 08-10-2009
آخر تحديث 08-10-2009 | 00:00
 ضاري الجطيلي أعترف بأني لا أستطيع مقاومة شغفي بمتابعة موقع «الآن» رغم إيماني بوجود سوء فهم فادح بين القائمين عليه وفكرة العمل الصحافي، وآخر أسباب الشغف ما ورد قبل أيام على جانب الصفحة عن ردود الفعل على الإعتداء الهمجي على رئيس تحرير الموقع زايد الزيد، إذ يعتب على البعض بأنه «لا زال يقولبها»، لافتاً إلى أن «الساكت عن هذا الفعل المشين كالراضي عنه»، هنا لم يسعني إلا أن أسترجع بذاكرتي ردود الفعل على حادثة اختطاف الزميلين في «الجريدة» آنذاك بشار الصايغ وجاسم القامس من قبل جهاز أمن الدولة في صيف 2007.

بعد عام من الحادثة، جمعني لقاء في واشنطن مع الأستاذ أنور الرشيد أمين عام تجمع «معك» الذي ينتمي له الزميل الزيد، وتبادلنا حديثاً مطولاً عن أحوال التيار الوطني ومن ضمنه جاء ذكر حادثة الاختطاف، فعبرت له عن حزني بسبب طريقة تعامل موقع «الآن» مع الجهود الرامية إلى الإفراج عن الصايغ، إذ كان يعلن التضامن فوق الحزام وفي الوقت نفسه يضرب غمزاً ولمزاً تحته، بينما كنا في أمس الحاجة إلى كل الجهود، خصوصاً ممن نعتقد أننا ننتمي معهم إلى نفس التيار، وكنا في غنى عن أي طرح سلبي إلى أن يفرج عن الصايغ، وبينت له أنني أعي الخصومات السياسية المحركة لتلك النغزات، ولكن المشاعر الشخصية والإنسانية يجب أن تتقدم على ما سواها، وأخشى اليوم الذي يتكرر به الأمر مع شخص آخر ويوضع أهله ومحبوه في موضع القلق ذاته الذي وضع فيه أهل ومحبو الصايغ والقامس، وتمنيت من الرشيد إيصال مشاعري هذه إلى القائمين على «الآن».

لا يجب فرز الناس بين متضامن وساكت راض، فذلك يضر قضية الزيد أكثر مما يفيدها، فالواثق من نفسه لا يحتاج إلى التدافع لحجز مقاعد الصف الأمامي في إعلان التضامن. صحيح أنه لم يثبت إلى الآن وجود دافع سياسي وراء الاعتداء، ولكن ذلك لا يغير شيئاً في القناعة بأن العنف مرفوض مرفوض مرفوض مهما كانت دوافعه، والبلطجة السياسية مرفوضة أكثر بعشر مرات. ما يهم الآن هو الشق الإنساني في القضية، وهو أن أسرة الزيد تعيش حالة قلق مبررة حتى تحسم التحقيقات، فالضربة ربما نُوي لها أن تكون في الرأس بدلاً من الأنف، وتلك بحد ذاتها فكرة مرعبة، لذلك يجب إعطاء أسرته فرصة التعامل مع محنتهم من دون تكسب أي أحد منها، فمن حق الأبناء الاطمئنان بأن أباهم سيعود إلى البيت سالماً كل ليلة، وهو حق تم سلبه من أبناء الزميل الزيد.

back to top