ولاية المرأة القضاء في الكويت: الذكورة أو الأنوثة ليست من شروط تولي القضاء... وتفسير «الإدارية» خالف مبدأ المساواة

نشر في 19-05-2010 | 00:01
آخر تحديث 19-05-2010 | 00:01
أكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي أن الذكورة أو الأنوثة ليست من الشروط المقررة في تولي القضاء، وأن ورود تعبير رجال القضاء في قانون تنظيم القضاء لا يفيد حصر التعيين في الذكور، إنما هو لفظ كلفظ رجال الدين ورجال القانون.

وأضاف الفيلي في دراسة خص بها «الجريدة» أن تعدد الاجتهادات الفقهية رحمة للمكلفين لكنها لا تشكل رخصة للمخاطبين بنص قانوني، لافتاً إلى أنه لا يسع المشرع اختيار اجتهاد مخالف لأحكام الدستور. وفي ما يلي نص دراسة الفيلي:

هل يجوز للمرأة تولي القضاء في الكويت؟ كان هذا السؤال نظرياً باعتبار انه لم تتقدم أي امرأة بطلب لشغل أي وظيفة قضائية، كما أن الحكومة لم تعين أي امرأة في منصب قضائي. نعم كانت هناك فكرة تم تداولها في الثمانينيات لإنشاء نيابة مختصة بشؤون الأحداث، ويكون بعض أعضائها من النساء. وكانت الإجابات عن السؤال النظري تدور بين القول بالجواز لعدم وجود مانع في القانون والقول بعدم الإمكان استنادا إلى عدم القبول الاجتماعي أو لوجود آراء فقهية في الشريعة الإسلامية تقصر ولاية القضاء كلياً أو جزئياً على الذكور. وبعد صدور الحكم في القضية رقم 2492/2009 بتاريخ 14/4/2010 أصبحت أمامنا معطيات جديدة في الموضوع، ونعتقد أن بحث المسألة المثارة يقتضي الوقوف أمام عدد من العناصر:

• أحكام القانون الكويتي المنظمة لتولي القضاء.

• مبدأ المساواة في القانون الكويتي.

• الفقه الإسلامي.

ومن بعد ذلك يمكن تحليل الحكم الصادر في القضية رقم 2492/2009.

 أولاً: أحكام القانون الكويتي في تولي القضاء

 

تقرر المادة 19 من قانون تنظيم القضاء (مرسوم بقانون رقم 23/ 1990) أنه يشترط في من يتولى القضاء:

أ‌- أن يكون مسلماً.

ب‌- أن يكون كويتياً، فإن لم يوجد جاز تعيين من ينتمي بجنسيته إلى إحدى الدول العربية.

ت‌- أن يكون كامل الأهلية غير محكوم عليه قضائياً أو تأديبياً لأمر مخل بالشرف والأمانة.

ث‌- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.

ج‌- أن يكون حاصلاً على إجازة الحقوق أو الشريعة أو ما يعادلها من الإجازات العالية.

والذكورة أو الانوثة، على ما يقرر النص السابق، ليست من الشروط المقررة في تولي القضاء وفق القانون الكويتي. وورود تعبير «رجال القضاء» في المواد 20 و23 من ذات القانون لا يفيد حصر التعيين في الذكور لأنهما لا ينظمان الموضوع محل البحث، وإن كانت لهما دلالات ثقافية، فمن يكتب نص القانون يتأثر بالموروث الثقافي لمجتمعه. وقرن مهن أو أعمال أو أنشطة محددة بجنس بذاته أمر شائع في كثير من المجتمعات، وهو ينعكس على اللغة (رجال الدولة، رجال الدين، رجال القانون...)، ويمتد لصياغة القانون أحياناً، فالقانون 36/ 1982 ورد في عنوانه « في شأن رجال الإطفاء» والمادة الثالثة من قانون الانتخاب تنص على أنه «يوقف استعمال حق الانتخاب بالنسبة إلى رجال القوات المسلحة والشرطة. «ومع ذلك فقد فسرت الإدارة النص على أنه وقف لحق الانتخاب بالنسبة «إلى رجال الشرطة» من الذكور والإناث.

وإذا كان القانون لم يشترط الذكورة أو الانوثة في من يتولى القضاء فهل يجوز للسلطة المختصة تعيين القضاة او الجهة المختصة بإعدادهم تقرير هذا الشرط دون ان تكون قد اخلت، بشكل غير مبرر، بمبدأ المساواة؟

 ثانياً: مبدأ المساواة

يقرر الدستور الكويتي مبدأ المساواة في موضعين، فالمادة 7 تنص على أن «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع الكويتي، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين» وهذه المادة تقع في الباب الثاني من الدستور «المقومات الاساسية للمجتمع الكويتي»، وهو يتضمن تحديدا للفلسفة الاقتصادية والاجتماعية التي يتبناها الدستور، كما يتضمن توجيهاً للمشرع للتدخل لتوفير سبل المساواة الفعلية للمواطنين. أما المادة 29 فإن نصها «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين»، وهذه المادة تقع في الفصل الثالث «الحقوق والواجبات العامة» وأحكام هذا الفصل منقولة بتصرف عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إذاً الدستور الكويتي يقرر مبدأ المساواة بصورتيه المعروفتين؛ المساواة بالقانون والمساواة أمام القانون. والنظام القانوني للمساواة يجد إسنادا إضافيا في حكم المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه الكويت بالقانون رقم 12/ 1996، وهي تقرر «يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة 2، الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة:

أ‌- ..............

ب‌- ..............

ج - أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.

ونلاحظ ان الفقرة ج ليست محلاً لتحفظ من دولة الكويت، كما ان التحفظ على حكم المادة الثانية قد اتى في الالتزام بتطبيقها في الحدود المقررة بالقانون الكويتي فقط، لان القانون الكويتي آنذاك كان يقصر حق الانتخاب السياسي على الذكور دون الإناث بالمخالفة لحكم الدستور، وهذا التحفظ لم يعد ذا محل.

والمحكمة الدستورية في الكويت تقرر ان التمييز بين من تتماثل مراكزهم القانونية غير جائز، وفي الاحكام 17/2006 و4 و7/2007 تؤكد المحكمة المبدأ السابق وتضيف إليه فكرة التمييز المباح او التمييز القائم على اسباب موضوعية، ويمكن تحديد عناصر إجازة هذا التمييز بالعناصر التالية:

- المصلحة العامة، المبررة للتمييز، يجب ان تكون متصلة مباشرة بمقاصد التشريع ولازمة لتحقيق هذه المقاصد.

- يجب الا تكون هذه المصلحة ممنوعة بنص اعلى من النص الذي قررها.

والمثال الموضح لهذه الفكرة، وهي معروفة على مستوى القضاء المقارن ومقررة في المدة 25 من العهد الدولي المشار إليه سابقا، منع القضاة من الترشح للانتخابات السياسية، وهو منع مخل بمبدأ المساواة ولكنه جائز لاتصاله المباشر بتحقيق مصلحة مشروعة يبتغيها المشرع وهي ضمان رقابة محايدة على العملية الانتخابية.

نلاحظ أن المحكمة في القضية 2492/ 2009 لم تبن حكمها برفض الطعن على أساس وجود سبب يقود إلى جواز التمييز وفقا لمعيار التمييز المباح، بل قدمت معيارا جديدا في الموضوع وهو حق سلطة التعيين في اختيار الاحكام الفقهية المتصلة بالشروط الواجب توافرها في القاضي، والمحكمة تستمد هذه السلطة التقديرية للمادة الثانية من الدستور.

 ثالثاً: اختيار الأحكام الفقهية وفق المادة الثانية

 من الدستور

عندما تقدمت الحكومة بمشروع الدستور الذي اعدته كانت صياغة المادة الثانية من الدستور هي «دين الدولة الاسلام، والشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، فعدلت لجنة الدستور هذا النص كي تصبح الفقرة الثانية «والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، واضاف المشرع الدستوري أحكاما اخرى في الموضوع وردت في المذكرة التفسيرية للدستور، وهي ملزمة في الكويت، والاحكام المضافة هي:

• المقصود بأحكام الشريعة الفقه وبهذا يخرج عن اطار النص مسائل العبادات والاعتقادات.

• المختص بتقنين الاحكام الفقهية هو المشرع العادي وهو يختار منها ما يلائم مصالح الناس واحتياجاتهم.

• لا يمنع النص من اخذ المشرع بأحكام من خارج الفقه الاسلامي ما دامت مصالح الناس والدولة تقتضي ذلك.

• لا يسع المشرع العادي ان يأخذ من احكام الفقه ما يتعارض مع نصوص الدستور الاخرى.

والمعاني السابقة مقررة في حكم المحكمة الدستورية رقم 3/ 1992 الصادر بتاريخ 28/11/ 1992، وقد اعادت المحكمة الدستورية تأكيد المبادئ السابقة في حكمها رقم 20/ 2009 (طعون انتخابية) بتاريخ 28/10/2009، وقد  أصلت المحكمة الموضوع ورتبت نتائج منطقية فيه فقررت مثلا؛ ان إحالة المشرع العادي لاحكام الشريعة الاسلامية لا يترتب عليه خطاب تشريعي ملزم للمكلفين، ما دام النص لا يحتوي بذاته على عناصر التكليف بشكل واضح، وعليه فلا يجوز ان يترك امر اختيار احكام الفقه او الترجيح بينها لمن يطبق النص.وإذا تعددت الأفهام والتفسيرات بشأن نص من النصوص فيجب اختيار ما يتسق مع أحكام الدستور وترك ما يتعارض معه. ومن بعد هذا العرض

وعلى ضوئه نعرض لحكم المحكمة في القضية رقم 2492/2009.

رابعأ: الحكم 2492/2009

تتلخص وقائع الدعوى بأن وزارة العدل أعلنت فتح باب القبول، أمام خريجي كلية الحقوق من الكويتيين الذكور، للالتحاق بمعهد الدراسات القضائية، ومن يقبل ويجتاز برنامج الإعداد يتم تعيينه في سلك النيابة العامة، وهو ما يسمح في وقت لاحق بإمكان تعيينه في سلك القضاء. وقد تقدمت المدعية بأوراقها الى المعهد فرفضت الادارة قبول تسلم أوراقها فقدمت تظلما امام الإدارة كما انها تقدمت بصحيفة دعوى أمام دائرة رجال القضاء والنيابة بمحكمة التمييز للطعن في القرار السلبي بعدم قبول فحص طلبها للالتحاق بمعهد الدراسات القضائية ولكن إدارة الكتاب في المحكمة امتنعت عن قيد صحيفة دعواها. ومن بعد ذلك تقدمت أمام الدائرة الإدارية في المحكمة الكلية طاعنة بالقرار الإداري السلبي برفض قبول استلام طلبها. وتقدمت الحكومة بدفاع جوهره ان آراء فقهاء الشريعة تتباين في جواز ولاية الأنثى للقضاء، فالجمهور لا يجيز ارتباط ولاية القضاء بالولاية العامة وهي عندهم مقصورة على الذكور اما بعض الحنفية فيجيزها في ما تصح شهادة المرأة فيه واتجاه ثالث يرى جواز تولي المرأة للقضاء بالمطلق قياسا على جواز فتواها.

ويخلص دفاع الحكومة من ذلك الى حق الإدارة بالاخذ بما تراه من هذه الآراء دون أن تكون قد أخلت بمبدأ المساواة مادامت المادة الثانية من الدستور تقرر ان  دين الدولة الاسلام وان الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع. أمام هذا الدفاع دفعت المدعية بعدم دستورية اللائحة الصادرة عن الادارة المتضمنة شرط الذكورة في المتقدمين للالتحاق بالمعهد لإخلالها بمبدأ المساواة ومبدأ حرية اختيار العمل.

قراءة حكم المحكمة والوثائق المتصلة به تسمح للمراقب بتسجيل

عدد من الملاحظات:

1- الولاية والوظيفة العامة: نسبت مذكرة الدفاع المقدمة من إدارة الفتوى  والتشريع إلى المستشار رئيس محكمة الاستئناف عضو مجلس القضاء قوله «إن القضاء ولاية وليس وظيفة» وهي إشارة بلا سند أو توضيح دلالة، وحسنا فعلت المحكمة بعدم إيراد هذه الإشارة، وهي إشارة مرتبطة عادة بنقاش فكري حول طبيعة القضاء في الفكر الإسلامي التقليدي الذي يرى أن القضاء شعبة مشتقة من الولاية الكبرى وبالتالي فإن القاضي يمارس اختصاصه او ولايته نائباً عن الخليفة، وهو ليس موظفاً يحدد القانون اختصاصاته وأسلوب توليها وممارستها، ويسوق بعض من يقول بهذا التحليل التقليد المستقر في كثير من الدول الملكية وهو الترويسة الموجودة في الأحكام كسند لفكرة الولاية. وفكرة الولاية بالمعنى السابق ليس لها سند في الدولة القانونية، فالدستور يحدد وظائف ثلاث في الدولة وينشئ لكل وظيفة جهاز يتولاها وفق القواعد المقررة في الدستور والقوانين ويقرر لكل جهاز (سلطة) استقلالا يسمح له أن يراقب السلطات الاخرى، كما أن القانون بالمعنى الموضوعي يحدد شروط واساليب ولاية كل الوظائف في الدولة. على كل حال فإن تعبير الولاية تستخدمه المادة 26 من الدستور وهي تتكلم عن الوظائف العامة، كما أن المادة 19 فقرة ب من قانون تنظيم القضاء تستخدم تعبير «تعيين» للكلام عن ولاية القضاء.

2- الدفع بعدم الدستورية: قررت المحكمة عدم قبول الدفع بعدم دستورية القرار التنظيمي المشترط ذكورة المرشح ، لأن الاختصاص بفحصه لا ينعقد للمحكمة الدستورية مادام هناك حاجب بينه وبين الدستور وهو قانون تنظيم القضاء. ويترتب على ذلك أن مخالفة اللائحة لمبدأ المساواة تغدو عنصرا من عناصر مشروعية اللائحة. وتحليل المحكمة منطقي لأن اللائحة قد خالفت مبدأ المساواة المقرر في المادة 19 من قانون تنظيم القضاء بإضافة شرط لم يقرره القانون وهو مخالف للقانون.

3- المادة 19 من قانون تنظيم القضاء: لا تشترط المادة 19 من قانون تنظيم القضاء في القاضي ذكورة أو أنوثة، انطلاقا من ذلك قررت المحكمة ان هذه الصياغة تعني أن المشرع قد ترك لجهة التعيين حرية التقدير بقصر التعيين على الذكور دون الإناث. ونحن نعتقد أن المحكمة تبنت اجتهادا يصعب مسايرتها فيه، فهو يخالف دون أي سند مبدأ المساواة امام القانون كما انه يخالف التفسير المستقر للنصوص في دولة الكويت وغيرها من الدول، فمن المستقر عليه في اللغة والعرف ان التذكير يستغرق التأنيث، فلو كان في جماعة المخاطبين ذكور وإناث فلا يلزم في الخطاب أن يأتي بصيغة المذكر والمؤنث بل يكفي ان يأتي بصيغة التذكير لتقرير التكليف بالنسبة للمخاطبين كافة علما بأن العكس غير صحيح، والعمل مستقر على الفهم السابق في تحديد معاني النصوص القانونية كافة، ولا يجوز إخراج الإناث من الحكم الوارد في النص إلا إذا ورد في النص تحديد صريح مثل «كويتي من الذكور».

4- أثر تعدد الاجتهادات الفقهية على السلطة التقديرية للإدارة: نحن نعلم أن مسألة ولاية المرأة للقضاء محل اجتهاد من قبل المختصين بدراسة الفقه الاسلامي، فمنهم من يقول بعدم الجواز مطلقا وبعضهم يجيزه في قضايا محددة فقط وبعضهم يجيزه مطلقا في كل القضايا، ولكل اجتهاد من هذه الاجتهادات سنده وحجته. وإذا كان في تعدد الاجتهادات الفقهية رحمة للمكلفين، فإن هذا التعدد لا يشكل، كما قررت المذكرة التفسيرية واوضحت المحكمة الدستورية، رخصة للمخاطبين بالنص القانوني فيختاروا ما يشاؤون، لان تقنين احكام الفقه الاسلامي ينعقد للمشرع العادي حصرا وهو اختيار له حدود تقيده، فلا «يسع» المشرع اختيار اجتهاد مخالف لأحكام الدستور. وإذا كان تولي المرأة القضاء محل عدم اتفاق بين فقهاء الشريعة الاسلامية، فهل كان هذا الموضوع هو محل النزاع الذي حكمت فيه المحكمة؟

5- محل النزاع: محل النزاع في الدعوى كان عدم قبول الإناث في برنامج اعداد وكلاء النيابة، وهو جهاز يختص بتحريك الدعوى العمومية، نيابة عن المجتمع، في الجنايات وبعض الجنح بعد إجراء التحقيق فيها. وإلى جوار النيابة العامة هناك جهاز آخر وهو الادعاء العام، ولكن اختصاصه استثنائي فهو يحقق ويحرك الادعاء في الجنح فقط كما انه يتبع، استثناء، وزارة الداخلية ولكنه بحسب المآل جزء من النيابة العامة، وعمل المرأة في الادعاء العام لا يثير أي اعتراض او تحفظ . اذا كان العاملون في النياية العامة، كما في الادعاء العام، لا يقضون في خصومة. نعم أعضاء النيابة العامة من الممكن ان ينقلوا، بعد حين، إلى سلك القضاء ولكن هذا الانتقال لا يتم بشكل آلي بل هو مربوط بإجراءات مستقلة عن إجراءات التعيين في سلك النيابة  العامة وإن كانت مرتبطة بها. وحكم الفقرة الأولى من المادة 63 من قانون تنظيم القضاء واضح "نقل أعضاء النيابة العامة إلى القضاء ونقل القضاة الى النيابة العامة يكون بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الاعلى".

وإذا رجعنا الى حيثيات الحكم في الدعوى 2492/2009 نجد ان اجتهاد المحكمة منصب على جواز او عدم جواز ولاية المرأة القضاء وليس جواز او عدم جواز التحاقها بسلك النيابة العامة، ونحن نعتقد ان اجتهاد المحكمة قد انصب على مسألة احتمالية وهي طعن احد اعضاء النيابة العامة من الاناث في قرار مجلس القضاء برفض طلبه بالانتقال الى سلك القضاء.

6- ربط الحكم في المسألة بالتطور الاجتماعي: يقرر الحكم أن الرأي بعدم جواز تولي المرأة للقضاء ليس حكما نهائيا وهو «لا يمنع جهة الإدارة من الأخذ بالرأي الآخر الذي يجيز تولي المرأة منصب القضاء في وقت لاحق عند تغير ظروف المجتمع وملائمة ظروف الحال». ونحن نتفق مع المحكمة في أن بعض الاحكام تتأثر باعتبارات الزمان لكننا نعتقد ان أغلبية المجتمع الكويتي لا ترفض عمل المرأة في القضاء، حال توليها للقضاء، اما عن عملها في النيابة العامة فإن موقف المجتمع الكويتي منه لا يختلف عن موقفه من توليها لأعمال الادعاء العام وهي تتولاه الآن، كما اننا لا نشاطر المحكمة في اجتهادها بالنسبة إلى اطلاق السلطة التقديرية للإدارة في هذا الموضوع واجتهاد المحكمة، مع تقديرنا الكامل له، قابل للفحص وإعادة النظر من قبل محكمة الاستئناف ومحكمة التمييز.  

back to top