التأمّل... طريقة فاعلة لحياة هادئة

نشر في 23-02-2010 | 00:00
آخر تحديث 23-02-2010 | 00:00
صحيح أنّ فن التأمل هو طريق يتعلّمه أكبر الحكماء طوال حياتهم، لكن يساعد إدراج هذا النشاط في صميم حياتنا اليومية على تغيير نظرتنا إلى أنفسنا وإلى العالم. الأهمّ هو فهم هذا المسار الداخلي.

يعني التأمل التعرف الى الذات وتطوير قدرات باطنية لا نستغلّها كما يجب. إنه نشاط ذهني وروحي يقضي بتركيز الانتباه على فكرة معينة، مثل مفهوم التأمل الفلسفي بهدف التعمّق في معناه، أو على الذات، بهدف تطبيق شعائر التأمل لاكتشاف الهوية الفردية الروحية. يتطلب التأمل عموماً أن يتمحور تركيز الشخص المعني على مرجع واحد.

يدخل التأمّل في صميم العلاجات الطبية الراهنة. يساهم هذا النشاط في إعطاء شعور بالسلام الداخلي والروحي أو الهدوء الذهني التدريجي، بالإضافة إلى بعض الاسترخاء الذي يحصل عند التعرف على الشيء الذي نركّز عليه، سواء كان خارجياً (غرض ملموس أو رمز) أو داخلياً (الروح أو فكرة معينة).

شفافية صامتة

في الحياة الروحانية المعاصرة، يدلّ مفهوم التأمل على حالة من الشفافية الصامتة والتيقّظ الذي تغيب عنه التركيبات الذهنية. في ما يلي عوامل ترافق عملية التأمل:

• «الانتباه»: تتطلب هذه المرحلة انتباهاً لا يشمل أي توقعات. بعبارة أخرى، إنه انتباه بريء. يمكنك الجلوس بهدوء في الصباح الباكر. إنه تأمل بالفراغ، من دون التركيز على أمر معيّن. إنه الهدوء الطبيعي!

• «المراقبة»: ترتكز عملية تعلّم تقنية التأمل على الفهم، والفهم هو نتيجة المراقبة الجيدة. إنها مراقبة مفتوحة المدى، من دون إطلاق أي أحكام، ولا إقامة المقارنات، ولا تفسير الأمور. لا يمكن تجسيد الفكرة ولا وضعها في إطار زمني لأنها خارجة عن المكان والزمان. في الواقع، الزمن هو وليدة الفكر، في حين ترتكز المراقبة على مبدأ الأزلية، أي ما من بداية ولا نهاية.

• «الزمن»: الفكر يعني الزمن، إنه وظيفة محددة. الزمن هو تعبير عن الأزلية، ولا بدّ من توقفه للتمكّن من عيش حياة أزلية. حين يكتشف الفكر حدوده، يدرك معنى توقف الوقت في الحاضر الأبدي.

• «الحرية»: لا يمكن اختصار مفهوم الحرية التي يعيشها المرء أثناء لحظات التأمل ولا التعبير عنها. قد تتركز عملية الفهم في الدماغ لكنّ تجسيد هذا الفهم في شخصك لا علاقة له بالدماغ. إنها النظرة العامة التي تتكوّن لديك.

منافع حقيقيّة

إحدى أبرز منافع التأمّل: التحوّل إلى كائن بشري أفضل مما أنت عليه. إنه أهم هدف على الإطلاق! ينبغي إدراك ذلك من خلال تجربة الأمر شخصياً وعلينا أن نأمل طبعاً بأن يدرك الآخرون أهمية الأمر. لكن ثمة منافع أخرى يمكن ملاحظتها طبياً، وتحديداً في مجال الأعصاب. تشير الدراسات الطبية إلى حصول تغيّرات عميقة في الدماغ، سواء على المدى الطويل أو القصير. يكفي تخصيص ثلاثين دقيقة يومياً، طوال ثمانية أسابيع، حتى تشعر بتراجع مشاعر القلق والنزعة إلى الاكتئاب، حتى أنّ التأمل قد يساهم في تخفيض ضغط الشرايين وتقوية جهاز المناعة. بعد تلقّي لقاح ضد الزكام مثلاً، من الملاحظ أنّ الأجسام المضادة تكون بنسبة أكبر بكثير لدى الأشخاص الذين يمارسون تمرين التأمل طوال ثمانية أسابيع. يرتفع عدد الإصدارات العلمية المتعلقة بآثار هذا النوع من التمارين الإيجابية، في الولايات المتحدة تحديداً، وهي تتركز في معظمها حول موضوع «الوعي الكامل».

انعكاسه على داخلنا

تشمل جميع التقاليد الروحية تمرين التأمل. في الواقع، تُعتبر مراقبة النَّفَس وهو ينتقل في أنحاء الجسم إحدى خطوات التأمل. يعني ذلك الانتباه إلى اللحظة الراهنة، أي ما يحصل في الجسم في هذه اللحظة بالذات. من ميّزات التأمل أيضاً، نذكر التركيز على الغضب (أو أي عاطفة سلبية) لتحويلها إلى ابتسامة داخلية تتجسد بشعور التسامح، والقدرة على القيام بمبادرات إيجابية. حين نراقب أنفسنا من الداخل، يتوقف الفكر عن القلق ونجد أنفسنا في حضرة ذاتنا ونتواصل مع جسمنا.

تقنيّة التنفّس

لتعلّم أصول التأمل، يجب أولاً تعلم طريقة التنفس الصحيحة. من خلال التنفس العميق، تسترخي العضلات في القفص الصدري تحديداً، تخفّ التشنجات المتعلقة بمشاعر الخوف في غالبية الحالات، يتلاشى الخجل، وترتفع المعنويات... يساهم التنفس بشكل عميق ومتوازن ومستقرّ في إدراك معنى وجود المرء في محيطه. باختصار، يجب تعلم التنفس بطريقة جديدة كما يحصل في تقنيات الاسترخاء الأخرى أو اليوغا.

منافعه في الحياة اليومية

- تهدئة الصداع النصفي.

- محاربة الأرق.

- تخفيف الاضطرابات المعوية.

- تخفيف الأوجاع التي تسبق الدورة الشهرية.

- تهدئة تشنجات المعدة.

- تنشيط الذاكرة.

- استرخاء جسدي وفكري.

- استعادة الطاقة وتحسين المزاج.

- تخفيض ضغط الشرايين وخطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.

- التحرر من الأمراض المؤلمة.

- تراجع استهلاك المحفزات أو المهدئات (تبغ، مخدرات...).

- بلوغ «مكان» روحي هادئ والحصول على مصدر طمأنينة وإبداع وفاعلية.

- التحلي بشعور غامر من السلام الداخلي.

الاسترخاء...

- يساهم الاسترخاء النفسي والجسدي في الشعور براحة فورية.

- تزيد قدرات الذاكرة والتركيز بشكل ملحوظ.

- تصبح القدرة على تخيّل الصور أكبر من العادة (تحفيز الخيال).

- يشعر المرء بالأحاسيس المستجدّة تلقائياً، من دون بذل أي جهد.

- تصبح جميع الاحتمالات واردة، ويختفي مفهوم المستحيل من فكرك.

back to top