جنّات وإليسا تتقمّصان الست أمينة ... وأصالة وسميرة ترفضان الانكسار المغنّيات... بين الخضوع للرجل والتمرّد عليه

نشر في 23-06-2009 | 00:00
آخر تحديث 23-06-2009 | 00:00
No Image Caption
تؤكد أغنيات المرأة، لا سيما الأخيرة منها ألا منطقة وسطى بين الجنة والنار: إما الخضوع التام للرجال، أو مناهضتهم والانتصار لحقوق النساء... إما تقمّص نموذج «الست أمينة} زوجة «سي السيد» في ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة، أو الاتجاه إلى نموذج الكاتبة نوال السعداوي بكل ما تحمله أفكارها من تحد للرجل والمجتمع أيضاً.

تخضع إليسا وجنّات للحبيب دائماً، أما سميرة سعيد وأصالة فتنتصران للمرأة القوية، فيما تتكلّم شيرين عبد الوهاب بلسان حال المتمردة التي تتصادم والعادات والتقاليد، لكن بقليل من الانكسار كما يبدو واضحاً في معظم أغنياتها.

تقول إليسا في أغنيتها الشهيرة «لو بتمنى»: «لو بتمنى تصير جنوني بتصير بلمح البصر. لو بدك تسهر بعيوني بتسهر تا يغفى السهر. لو بدك تغفى بكير بسهر عيني وأطير أكلف غيمي حتى تصير تنوسلك ضو القمر». وعندما قررت أن تتمرّد هدّدت حبيبها بأن تسقطه من حساباتها، لكن على طريقتها أيضاً فغنت: «خد بالك عليا دي مش معاملة تعاملني بيها وابقى افتكر ليا أيام تعبت عشانك فيها، بس تفهمني وما تستهونش دي الواحدة تبقى مجروحة وما بتبينش، دي الواحدة قد ما ضحّي وتستحمل أول ما بتفكر تنسى ما بتستأذنش».

وتعود إليسا لتبرر له تصرفها في محاولة لاستدراج عطفه: «مين غيري عايشة تخاف عليك طول عمرها مين غيري هتسيب روحها ليك لو سبتها مين غيري لو تحتاج لها واما تلاقيها».

هكذا، تارة ترجو إليسا حبيبها بأن «يرجع للشوق»: «ارجع للشوق يا اللي انت ناسيني وفايتني في ليل الشوق اسهر وتنام وتصحيني»... رغم أنه هو «اللي جارحني ومداويني» بحسب تعبيرها في الأغنية نفسها، وتارة أخرى تستحلفه بأن «يرحم قلبها المشتاق» لأنها «مش قادرة على الأشواق».

في «جوايا ليك» تذكر إليسا حبيبها بأنها «سلمت له أغلى ما عندها حتى قلبها فتحته له» بحسب كلمات الأغنية... أما جنّات فلا تختلف كثيراً عن زميلتها، إذ تتخيّل أن الرومنسية تعني خضوع المرأة للرجل، وتقول «عشان خاطره ياما سمعت الكلام، ومن غير كلام، أوام بعمل اللي يقوللي عليه ما بزعلش منه لو أزعل معاه وعايشه برضاه وسايباله نفسي أمانة في إيديه»، وتردف في أغنية أخرى «ملهوفة على حبيبها ومسلمة تقدر تقول مستسلمة».

تعود جنات لتؤكد أنها «بتحب حبيبها فوق الخيال» رغم أنه «بيعاملها يا ناس معاملة مش هي وراضية بيها»، وفي أغنية أخرى تصرخ بعلو صوتها قائلة إنها «بتعشق التراب اللي بيمشي عليه حبيبها»، بل وتردد هذه الجملة مراراً في الأغنية.

عن سبب تركيزها على هذا المعنى في أعمالها توضح جنّات إنها «تعشق الأغنيات الرومنسية الناعمة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها تتعمّد اختيار نوع بعينه، والدليل أنها قدّمت أغنيات مختلفة مثل «جديد» و{حبيبي على نياته» والأغنية الأخيرة مختلفة تماماً عن أسلوب اختياراتها السابقة.

لا استسلام

على النقيض نجد سميرة سعيد في مقدمة مغنيات يرفضن الانكسار والاستسلام للرجل، فهي تغني دائماً بلسان المرأة القوية التي تقف للرجل الند للند، رافضة الاستسلام. ففي أشهر أغنياتها ترفض أن تتنازل عن حبيبها «أبداً مهما يكون»، وفي أغنية أخرى تفجّر مفاجأة في وجهه مؤكدة أنها «كتير عليه»، فيما تؤكد في «حب ميؤوس منه» أنها لن تعود إلى حبيبها لأنه «راح شاف حياته مع حد غيرها، وأنه ما بقاش عشانها هتشيل هي همه ليه».

تشير سميرة إلى أنها طالما اختارت هذا النوع من الأغنيات لأنها تفضّل المرأة القوية التي لا تتنازل عن حقوقها، إضافة إلى أنها تتمتع بهذه الصفة بطبيعتها، لذا تقدّم أعمالاً تقترب من طبيعتها وتعبّر عن وجهة نظرها، وهذا أسلوب تتبعه منذ دخولها الساحة الغنائية.

لا تبتعد أصالة كثيراً عن المعنى نفسه، فقد اختارت الغناء للمرأة القوية، وترفض مسامحة حبيبها على خيانته مؤكدة أن «ثمن الخيانة خيانة» وأنها «هتقدر على الأحزان وهتتعلم النسيان».

في أغنية أخرى تعاير أصالة حبيبها قائلة: «خلي الطابق مستور. لا تحاكيني على الإخلاص ياللي بيته من بلور ما بيرمي بحجاره الناس»، وتهجره في «آسفة» بكل ثقة متأسفة: «آسفة شوفلك غيري... مش هتحمل تاني معاك... انت عايز لك حد يضحي مهما بتعمل فيه وياك».

في مرتبة أقل حدة وتمرد تقف شيرين عبد الوهاب. تعترض على حبيبها لكن بدلال، تتمرد لكن بحنية. بتعبير أدق لا تغلق الباب تماماً في وجهه، بل تتركه نصف مفتوح.

شيرين تثبت لحبيبها أنها بخير في «قال صعبان عليه» رغم أن صوتها يحمل حزناً وأسى وكأنها تستعطفه: «قال صعبان عليه وبيطمن عليا... قولوا له لسه عايشة وكل شيء حلو في عينيه... قال صعبان علي».

وتعود شيرين في جزء آخر من الأغنية لتتماسك وتقول إنها «لو هتموت في البعد مش هتغلط وتبين»، وفي «لازم أعيش» تحاول أن تتمرّد على حبها بعد أن «تلملم قلبها وتطيب قلبها»، لكنها تظل غير قادرة على اتخاذ القرار بمفردها، وتطلب من الحبيب إبعاد حبه عنها في جزء آخر من الأغنية، وكأنها غير قادرة على اتخاذ هذه الخطوة بمفردها وما زالت تحتاج مساعدته لتنساه.

من جهته، يؤكد أستاذ علم الاجتماع د. سيد عفيفي أن {ظاهرة الانقسام هذه تعود إلى شعراء يكتبون هذه الكلمات، مضيفاً أن لكل منهم رأيه الخاص في المرأة، فالبعض يراها قوية والآخر يعتبرها مسكينة، بينما يتخيّل كثر أن العلاقة بين الرجل والمرأة يسودها التحدي دائماً، لكنها في الحقيقة ليست كذلك. فالرجل هو المتحدث الرسمي باسم الأسرة بينما قراره يجب أن يكون بمشاركة الزوجة، لذا أنا أدعو الشعراء لتصحيح صورة المرأة في أذهانهم والتفكير في الوسطية».

back to top