المخرج الجزائريّ أحمد راشدي: وطني مكاني الأول وعليّ مواجهة مشاكله

نشر في 20-11-2009 | 00:00
آخر تحديث 20-11-2009 | 00:00
No Image Caption
لا يمكن التعامل مع أحمد راشدي باعتباره مخرجاً فحسب فهو سياسي وثوري قبل أن يكون فناناً له رؤى وأفكار يحملها على عاتقه دائماً وتظهر في أفلامه بوضوح، ما جعل منه أحد أهم مخرجي الجزائر والعالم العربي كله.

التقيناه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على هامش تكريمه.

ما شعورك بعد تكريمك عن فيلم {مصطفى بن بولعيد} في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ33؟

أنا فخور جداً بتكريمي في مهرجان مهم وعريق مثل مهرجان القاهرة وإن كنت أرى أن تكريم الجمهور هو الأهم بالنسبة الى الفنان‏، لكني سعيد بتكريمي وبتكريم السينما الجزائرية.

كيف ترى السينما المصرية في ظلّ المتغيرات المحلية والعالمية؟

تخطو السينما المصرية خطوات رائعة الى الأمام وتزيد فيها مساحات الأفلام المهمة التي تحمل فكراً بغض النظر عن نوعيتها.

لماذا اخترت شخصية مصطفى بن بولعيد تحديداً لتكون محور فيلمك؟

بولعيد هو أحد شهداء حرب التحرير الجزائرية وكان له دور مهم وفاعل في تاريخ الثورة الجزائرية، كنت أرغب في إعادة هذه الشخصية الى النور ثانيةً وأعرّف الأجيال الجديدة إليها، وكان هدفي الأهم تعريف البلاد العربية بهذه الشخصية الثرية المجهولة عربياً.

هل واجهت مشاكل إنتاجية، خصوصاً أن الفيلم من النوع الملحمي؟

في البداية عانيت كثيراً لأتمكن من توفير جزء مبدئي من ميزانية الفيلم وكنت أعرف أن عملاً كهذا يتطلب ميزانية ضخمة جداً باعتباره فيلماً ملحمياً، وبالفعل ساهمت جهات إنتاج عدة في تمويله ورُصد مبلغ إضافي في احتفالية الجزائر عاصمة للثقافة، وهو المبلغ الذي ساعدني في شراء الملابس والأكسسوارات ومعدات التصوير التي تناسب الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، كذلك لولا المبلغ الذي وفّرته لنا وزارة الدفاع إيماناً منها بأهمية هذا العمل الذي يؤرخ لشخصية مهمة في تاريخ الثورة الجزائرية لما استطعنا إنجاز المهمة.

برأيك، هل سيكون لهذه النوعية من الأفلام ذات الميزانيات الضخمة وجود في صناعة السينما في ظل الأزمة المالية وانتشار الحلول البديلة مثل تصوير الأفلام بتقنية الديجيتال؟

يجب أن تستمر صناعة السينما في تقديم مثل هذه النوعية من الأفلام ذات الميزانيات الضخمة حتى لو تطلّب الفيلم سنوات طويلة لتصويره فالمهم أن يخرج الى النور في النهاية. أما سينما أفلام الديجيتال فليست في نظري حلاً بل من شأنها القضاء على الصناعة لأنها تتيح للمخرج أن يصنع فيلمه باستسهال شديد وبلا أي مجهود، كذلك تقضي على الحالة الإبداعية التي يكون فيها المخرج أثناء التصوير، بالإضافة الى أن الشريط الخام هو الأساس في صناعة السينما ويعطي ثقلاً للفيلم، أما كاميرا الديجيتال فهي أشبه بالطعام المجمّد الذي لا طعم له.

ألا ترى أن اللهجة الجزائرية تعد عائقاً أمام انتشار السينما الجزائرية في الدول العربية؟

لا أنكر أن الجمهور العربي يجد صعوبة في فهم اللهجة الجزائرية والمغربية تحديداً، لذا ثمة مشكلة في تسويق أعمالنا، ويصعّب المهمة تداخل اللغتين الفرنسية والعربية في أفلامنا لكني أتصوّر أن الموضوع يتطلّب بعض الصعوبة فحسب في البداية ثم تعتاد أُذن المتلقي على اللهجة تماماً كما اعتدنا على اللهجة المصرية وأصبحنا نفهمها من دون صعوبات.

لماذا توقّفت طويلاً عن تقديم الأفلام الجزائرية قبل أن تعود إليها ثانيةً؟

لشعوري بأنه لم يعد ثمة متسع في بلدي للمثقفين لكني اخترت العودة مجدداً لأقدّم أفلاماً تتناول الواقع الجزائري بعد أن أدركت أن وطني هو مكاني الأول الذي لا يجب الهروب منه بل مواجهة مشكلاته.

هل كنت تتمنى مشاركة فيلمك {مصطفى بن بولعيد} في المسابقة الرسمية لمهرجان وهران في الجزائر؟

ما يعنيني بالدرجة الأولى المشاركة نفسها بغض النظر إن كانت في المسابقة الرسمية أو على هامش المهرجان.

حدّثنا عن تجربتك القديمة مع المخرج يوسف شاهين في فيلم {العصفور}؟

شاركت في تمويل {العصفور} إيماناً مني بتجربة هذا المخرج المبدع، فهو قادر على إضفاء لمسة سحرية على كل أعماله وأرى أنه على رغم وفاته إلا أن روحه ما زالت تسيطر على السينما المصرية من خلال تلاميذه من بينهم: خالد يوسف ويسري نصرالله، فقد ساهم في خروج صناع سينما حقيقيين من تحت عباءته والأهم أن لكل منهم بصمته الخاصة به.

لماذا اخترت عبد الحليم حافظ تحديداً لتقدّم عنه فيلماً تسجيلياً قصيراً؟

عبد الحليم أسطورة غنائية تستحق أن نقدّم عنها عملاً فنياً متكاملاً، لذا رصدت خلال الفيلم جانباً من حياته الشخصية والفنية وأهم المحطات التي مرّ بها في مشواره الفني، وأتمنى أن يأخذ الفيلم حقّه في العرض التلفزيوني على القنوات العربية.

تعد أفلامك إحدى أهم الأدوات التي تعبّر عن الثورة الجزائرية ويصفها الكثيرون بأنها أعمال تحريضية. هل ترى أن تلك المهمة أحد أدوارك كسينمائي؟

دوري كمخرج التعبير عن الرؤية الفنية التي أقتنع بها، ولا أنكر أنني قدمت أعمالاً تحريضية وتعبوية، لكن كان ذلك قبل أن أتّجه الى دراسة السينما في معهد متخصّص في فرنسا ثم في إيطاليا وأميركا، بعدها اختلفت رؤيتي السينمائية إنما ظلت لديّ تلك النزعة الثورية التي تدفعني دائماً الى تقديم أفلام حول تاريخ الجزائر والثورة الجزائرية والحركات التحريرية. وهذا الأمر هو إحدى مهام صناع السينما لكنها مهمة اختيارية فمن يريد أن يسلك الطريق نفسه أهلاً به ومن يرغب في تقديم أفلام ممتعة بلا أي رسائل سياسية واضحة أو حتى غير مباشرة فهذا في حدّ ذاته رسالة عظيمة. 

back to top