فاصل... ونعود!


نشر في 03-05-2010
آخر تحديث 03-05-2010 | 00:00
 عبدالله المسفر «إذا كان الكلام من فضة... فالسكوت من ذهب»... جملة شهيرة تذكرتها ونحن نتحدث الآن ليل نهار عن الخطة التنموية للحكومة التي وافق عليها مجلس الأمة بالإجماع، وكما أوضح الرئيس الخرافي قبل يومين في الملتقى الإعلامي بأن الكرة الآن في ملعب الحكومة، فالخطة أُقرَّت والميزانية متوافرة، وما أدراكم ما الميزانية البالغة 37 مليار دينار- ما شاء الله- خير وفير وميزانية ضخمة لا تتوافر لعشرات السنوات في دول أخرى.

الغريب أننا رغم وجود خطة حالمة وميزانية ضخمة، فإننا نحن الذين نحسد الدول الأخرى الفقيرة لأننا أصبحنا رغم كل هذا في عداد الفقراء والمساكين وأحوال المستشفيات خير شاهد على ما أقول... نعم نحن لدينا الآن خطة وميزانية، لكن هل تعتقدون أن الخطة ستنجز والميزانية ستذهب في مكانها الصحيح لتحقق هذه المليارات حلم الكويتيين في امتلاك مقومات أساسية وبنية تحتية جيدة؟... الكلام جميل، لكن أين الفعل؟

الشيخ أحمد الفهد المسؤول عن تنفيذ الخطة معروف بشجاعته وإقدامه، لكن هل الشجاعة تكفي لتحقيق الأحلام؟ الشيخ أحمد ظهر على شاشة فضائية محلية قبل أسابيع واستعرض الخطة وتحدث عنها وما شاهدناه وسمعناه جعلنا نتخيل «الكويت غير»؛ مستشفيات، ومدن جامعية، ومناطق سياحية وترفيهية. وهذا جعلني شخصياً أسرح بخيالي وأتصور بلادي بمثل ما يقول الفهد وكما جاء في الصور التي عرضها، لكن المحزن أن المذيع توقف فقطع عليَّ الحلم وقال الجملة الشهيرة: «فاصل... ونعود»... فغيّرت القناة آسفاً على استيقاظي من الحلم الجميل الذي رسمه لنا الفهد، لأجد الفنان محمد عبده يغني أغنيته المعروفة «وهم»... ياسبحان الله... وهم؟

وكأن محمد عبده استكثر علينا تنفيذ الخطة ويصفها بالوهم، ورغم أني من عشاق محمد عبده، فإنني وبعد «كوبليه» واحد عدت إلى الشيخ الفهد لأتابع خطتنا، الله يحفظها من كل مكروه، لكني يا جماعة الخير استشعرت أن محمد عبده صادق، وأن ما يقوله شيخنا الفهد وهم في وهم.

ما يجعلني متشائما من هذه الخطة وغير مؤمن بأنها ستنفذ أنها خيالية، وأنها لا تستند إلى الموجود على أرض الواقع، وليس لديها حلول للمعضلات الموجودة لدينا، وليس لها مراحل واقعية محددة نستطيع أن نقيِّمها أولاً بأول، وما زاد الطين بلَّة ما يحدث الآن لمشاريع الخطة، وتوزيعها كأنما هي بالفعل «كيكة» والكل يريد أن يأكل منها!

الخطة التنموية أشبه بمغارة «علي بابا» مفتوحة للمقاولين والتجار وأصحاب الشركات الكبرى فقط، والأمور باتت واضحة ومعروفة، ومن يخفق من هؤلاء المقاولين في تحقيق أضعاف مضاعفة من الأرباح في هذه الخطة، فإنه لن يستطيع أن يعوض ذلك في حياته كلها، فـ»الكعكة» كبيرة والتسيب والإهمال واضحان، وخير مثال ودليل على ذلك طريق الجهراء الذي يتحدثون عنه.

لكم أن تتخيلوا طريقاً بطول 11 كيلومتراً يتم رصفه بمبلغ 265 مليون دينار! ما يعني أن المتر الواحد يكلف خطتنا التنموية التاريخية أكثر من 24 ألف دينار! فهل سيرصفون الطريق بالقار أم بالذهب؟ هل هذا الطريق سيتم تزويده بالمكيفات؟ وهل سيكون طريقاً معبّداً من البلاتين والحرير من أجل راحة المواطن؟

أعتقد حتى لو فرشوا هذا الطريق بالذهب، فإنه لن يكلّف هذه المبالغ، علما أن هذا يحدث في ظل وجود مجلس الأمة والمادة (100) من الدستور، فما بالنا عندما نعدّل الدستور على هوى النائب علي الراشد بحيث يكون الوزراء خطاً أحمر ممنوعا الاقتراب منهم؟!

ما أخشاه أن تنفد أموال الخطة، وأن تتبخر الـ37 مليار دينار وتهبط على المتنفذين المنتفعين دون أن نحصل على شيء إلا مشاريع غير مجدية مليئة بالمخالفات والتجاوزات ولا تصلح للاستخدام.

نخشى أن تكون خطط الشيخ الفهد مثل مشاريع حسين بن عاقول الذي طاح في درب الزلق... وتكون كل الخطط وكل المواعيد وهما... وهما كبيرا. 

back to top