غبريال يمين: حضَّرت عملاً موسيقياً استعراضياً ينتظر من ينتجه!
عرف في الادوار الكوميدية الذكية، فأدى شخصيات مركبة ما زالت ماثلة في ذهن اللبنانيين أهمها «صابر». يعشق المسرح ويحلم بعمل استعراضي ضخم يتوّج مسيرته الفنية التي سادتها نجاحات كثيرة وحسرات في الوقت نفسه من الحال المتردية التي وصل إليها، لا سيما الفن الكوميدي الذي بات يعتمد على النكات البذيئة.الممثل والمخرج والموسيقي غبريال يمين يتحدث الى «الجريدة»
حدثنا بداية عن أعمالك الاخيرة؟قدمت أخيرًا مسرحية «حضارة» على مسرح المدينة وشاركت مع فرقة «كركلا» في مسرحيتين راقصتين ضخمتين «زايد والحلم» في أبو ظبي و{أوبرا الضيعة» في «مهرجانات بعلبك الدولية»، كذلك شاركت في فيلم فرنسي مع هاني طنبا وباتريك شانيه.أنت مخرج وممثل، أين ترتاح أكثر؟في كليهما لأنهما يصبان في مجال الدراما من حيث التمثيل والإخراج المسرحي والتلفزيوني. لا افضلية لأحدهما على الآخر، لكن عندما يفسح في المجال أمامي لتقديم مسرح استعراضي موسيقي خاص بي عندها سيشكل هو الأولوية، لأنني أحلم بهذا العمل منذ زمن، إنما لا يتوافر المال لتحقيقه ولا المنتج الذي يغامر ويخوض هذا النوع من المسرح. استطيع توفير المال لتقديم مسرح صغير خاص بي وليس عملاً ضخمًا.لماذا لا تشارك في الاعمال الدرامية التي تعرض حالياً في التلفزيون؟لا أحبذ هذه الاعمال التي تقوم على قصص الحب والخيانة، إنها بمثابة المخدّر للجمهور الذي يتابعها لمجرد معرفة نهاية القصة. أردد دائمًا أمام طلابي أنه إذا عرض «لا شيء» في التلفزيون سيتابعه المشاهدون، لذا لا أرتاح لها ولا تعني لي المشاركة فيها شيئًا.ما الشروط التي تفرضها للمشاركة في عمل تلفزيوني؟توافر النص الجيد. هل قُدِّمت إليك عروض في هذا المجال؟تلقيت عروضاً قليلة، لكنني اعتذرت بسبب الأجر المنخفض. كيف ترى الواقع الفني في لبنان اليوم؟هنالك الجيّد من حيث الخَلق والخُلق مثل فرقة كركلا، لكن الذين يقدمون الأعمال البسيطة غير المكلفة كثر وهي لا تفسح في المجال أمام الإبداع.هل يكبّل الواقع المادي النوعية برأيك؟الأموال متوافرة لكن يعتقد أصحابها أنه يجب عدم تخطي تكاليف معينة. ثمة معادلة تجارية ورثها اللبناني الفينيقي، من حيث البيع والشراء، التكلفة والربح. من جهة أخرى يقدم الكتّاب قصصاً واقعية خالية من الفن ولا تحمس لصرف الأموال عليها.هل هذه المعادلة متفشية في العالم العربي أم مقتصرة على لبنان؟فهم الفنانون في الاردن وسورية وغيرهما أنهم يحتاجون الى السخاء لكسب الجمهور، فحققوا ذلك.ما الذي يمنع ذلك عندنا؟الجَهل، لأن الذين يمسكون بزمام الفن هم تجار. ماذا اضافت اليك المشاركة في «ستار اكاديمي»؟أنا استاذ جامعي ويحتاج الفن الى من يغذيه نفسيًا ومعنويًا وفكريًا وثقافيًا، والتعليم بمثابة الملاذ للتغذية سواء بالنسبة إلى الأستاذ أو الطالب، كذلك الأمر بالنسبة الى «ستار اكاديمي» إذ تواصلت مع طلاب من بلدان مختلفة.هل ستشارك في الموسم القبل في البرنامج؟لا ادري بعد.ألم تساهم هذه المشاركة في تحقيق المزيد من الانتشار لك؟يعتقد البعض ذلك، لكن يجب النظر الى أي مدى يحتاج الفنان الى هذا الانتشار وهل يريده أم لا يسعى اليه، والى أي مدى يساهم البرنامج فعلاً في الانتشار، ربما يستفيد الملحن والموسيقي منه ولكن ليس الممثل.لا يسدّ المسرح اللبناني جوع الفنان، لماذا تركز عملك فيه اذًا؟لأنه الأحلى والأهم والألذ وهو المكان الذي يشعرني بالفرح. كيف توفّق بين تغذية «الجَيب» وتغذية الروح؟(ممازحًا) أزرع في حديقة منزلي الخضر والفاكهة وأربي الدواجن... لا يعرف بعض الفنانين كيف يكيّف ذاته مع الواقع لكنني مكتفٍ...هل للمسرح رواده في لبنان؟نسبة جمهور المسرح الصغير ضئيلة، بينما ترتفع في المسرح الاستعراضي الذي قد يخلو من المعنى الفكري أحيانًا، لأنه يقوم على البهرجة والديكور والثياب.هل ثمة إقبال عربي على أعمالنا المسرحية اللبنانية؟نعم، خصوصاً في سورية والعراق وتونس والجزائر وهو أمر غير متوافر عندنا.مم تستوحي أعمالك المسرحية؟ من قراءة مسرحيات عالمية أشعر بأنني أريد أن أقدمها للجمهور.كيف تقوّم تجربتك في الكتابة؟لم أصل بعد الى مرحلة النضج الكافي للكتابة لكنني أحاول، أكتب حالياً مسلسلا سأتولى إخراجه.أليس ثمة مخاطرة في تقديم المسرحيات خصوصًا في أوضاعنا الراهنة في لبنان؟طبعًا. يدرك أصحاب المسرح الصغير ذلك فلا يدخلون في انتاج كبير بل يتوخون الحذر بحيث لا يخسرون كثيرًا في حال سارت الامور عكس ما يشتهون، في المقابل يكونون قد حققوا نشوة ذاتية.أين هو موقع المسرح لدى الجمهور اللبناني؟للأسف برامج الطبخ أهم من المسرح في لبنان. يتجه الممثلون الى التلفزيون ليحققوا الانتشار عبر الفضائيات لأن المسرح يعجز عن ذلك، هل يقدم لك التلفزيون ما لا يقدمه المسرح؟يقدم التلفزيون الشهرة على الصعيد الاجتماعي فحسب، إذ يتعرّف المشاهدون على الممثل بشكل أسرع من المسرح.ما الذي يميز الوقوف أمام الكاميرا من الوقوف على خشبة المسرح؟تقنيًا لا يختلفان. أرتاح أكثر على المسرح لأنني أشعر بلهفة المشاهدين وتفاعلهم مع المسرحية.هل من شخصية مركبة جديدة تحضّرها؟أنا لا أحضّر الشخصيات المركبة لأن إحضار ممثل معين وتركيب شخصية له وكتابة قصة تدور عنه لا يعد فنًا. لو كانت عملية الخلق الفني تتمّ بهذه الطريقة لفشلت أمور كثيرة في الحياة. تشبه العملية الفنية رسم لوحة، لا يخطط الفنان مسبقًا لشكلها.الى أي مدى تتداخل شخصيتك كممثل وكمخرج في العمل؟غالبًا ما يحصل ذلك، وهذا شيء سلبي إذ يجب أن يفصل الفنان في عمله بين دوره كمخرج وكممثل. لمعالجة هذا الموضوع أدعو أحد زملائي المخرجين ليقوّم تمثيلي عندما أكون مخرجًا للعمل الذي اقدمه، ويقوّم استاذي الفنان «ريمون جبارة» عملي دائمًا وينصحني.ماذا عن السينما اللبنانية؟لا يختلف وضعها عن وضع التلفزيون والمسرح. لولا وجود تعاون بين المخرج اللبناني والغربي لما استطاع لبنان تقديم أي عمل سينمائي.ذكرت أن حلمك المسرح الموسيقي الاستعراضي. أين الموسيقى في حياتك الفنية؟درست الموسيقى ولحنت مسرحيات كثيرة وكنت أعزف على الغيتار وأكتب الموسيقى لكن ضررًا صحيًا أصاب سمعي فأبعدني عن الموسيقى.اشتهرت في الادوار الكوميدية، ما رأيك بالاعمال المعروضة راهنًا؟ثمة الكثير من التهريج في لبنان والعالم العربي من حيث الاعتماد على الايحاءات والإسفاف. لا أحبّ التفكير الكوميدي الذي يستند الى الغريزة، إنما الكوميديا الذكية التي تجبر المشاهد على التفكير في المشهد. أن انظر الى وجه مشرق ومبتسم أهم من القهقهة على نكات بذيئة، فما أقدمه على صعيد الكوميديا الذكية يعيش في ذهن المشاهد مثل شخصية «صابر». ما الاولوية بالنسبة اليك، المشاركة في مسرحية خاصة بك أم مع فرقة مسرحية أخرى؟يتشابهان من حيث لذة العمل الفني. كنت أحضر عملي الخاص وتركته للمشاركة مع كركلا لذلك ليس من معيار محدد في هذا الاطار.هل تقدم اليك عروض للعمل في العالم العربي؟ابدًا، لا يعرفونني ولا أعرفهم جيدًا، ولم أسعَ الى ذلك، فأنا لا افتش عن الاشياء ولا انتظرها.كيف تسعى الى التجدد؟عبر الثقافة والتعلم من طلابي ومن ثقافة البلدان الأخرى.ماذا تحضر راهنًا؟سنعرض «أوبرا الضيعة» لفرقة كركلا في الجزائر وبلدان أخرى، كذلك سنعرض مسرحية «زايد والحلم» في لندن وباريس والصين واليابان وأميركا. من جهة أخرى، أكتب مسلسلاً وسأتولى إخراجه وتنتجه «نيولوك برودكشن». كذلك حضرت عملاً استعراضيًا موسيقيًا جديدًا مع مطربة مشهورة لكن أحتاج إلى شركة تنتجه، وهو حاضر كنص وموسيقى وإخراج وممثلين، بالإضافة إلى مشاريع كثيرة ما زالت قيد الدرس.هل تفكّر بالتقاعد؟إذا قدمت العمل الاستعراضي الذي أحلم به واستعدت شخصية «صابر» عندها أشعر بأنني أستطيع التقاعد براحة نفسية لأن الله يكون قد أعطاني أكثر مما أستحق.لماذا لا تعاد شخصية «صابر»؟ليس ثمة نية في ذلك علمًا أنها كانت ناجحة جدًا.