النفط والطاقة النفط أهم سلعة في التاريخ وشريان الحياة المعاصرة يشعل شمعته الخمسين بعد المئة الطاقة الدولية تنصح دول العالم بالتخلي عن النفط قبل أن يتخلى هو عنها
بعد 150 سنة على اكتشاف النفط، أصبح العالم مدمنا على استخدامه، ومن دون النفط يمكن القول إن عجلة الحياة اليومية سوف تتوقف، كما أن البترول تحول إلى سلاح سياسي، وإلى مصدر ترغب الدول في خوض الحروب من أجله.في هذه السنة 2009 يكون قد مر على اكتشاف النفط 150 عاما، ويجدر بنا في مناسبة كهذه أن نعرض سجلا بأهم الشخصيات والأحداث والتقنيات، التي لونت صورة هذه الصناعة، التي غيرت مجرى الحضارة في هذا العالم. وفي الوقت الذي تقوم فيه شركات النفط بإنفاق المليارات من أجل الوصول إلى البترول الموجود على عمق أميال تحت سطح البحر، يصعب على المرء أن يتخيل وجود عالم تدفق النفط فيه إلى السطح وتجمع من دون أن يستخدم. غير أنه منذ 150 سنة فقط كانت هذه السلعة الثمينة تتدفق من باطن الأرض في شتى أنحاء العالم، ودون عناء يذكر.
ويعود تكون النفط الخام الى حقب امتدت عبر الملايين من السنوات، وقد بدأت هذه العملية عندما غطت الرواسب النباتات والحيوانات الميتة التي استقرت في قاع المحيطات، ومع ارتفاع درجات الحرارة في الطبقات السفلية، أطلقت هذه العضويات مواد كيمياوية أفضت إلى تمزق جزيئاتها وتحولها إلى جزيئات هيدروكربونية أصغر حجماً، كونت ما يعرف باسم الوقود الأحفوري، وهو يشمل البترول الخام والغاز الطبيعي والفحم. وفي نهاية المطاف تحركت الأرض فوق بعض مكامن النفط، بينما ظلت الكميات المتبقية منه تحت قاع المحيط. في منتصف الـ1900 وفي شمال غربي بنسلفانيا كان الناس يستخدمون قطعا قماشية لاستخراج النفط من أحواض على الأرض وتعبئته في زجاجات كانت تباع على شكل دواء من قبل المشعوذين. بداية قصة النفط ثم اكتشف اثنان من رجال الأعمال، محام من نيويورك ورئيس بنك في كونيكتيكت، استخدامات أكثر ربحاً للبترول الذي كان يعرف باسم النفط الحجري. ونتيجة للنقص في زيت الحيتان بسبب الصيد الجائر كان الناس في حاجة إلى مصدر بديل للوقود من أجل إشعال مصابيحهم. وفي عام 1857 قام الرجلان بإرسال موظف في الخطوط الحديدية يدعى ادوين دريك للبحث عن النفط خارج مدينة تيتسفيل في غربي بنسلفانيا، حيث حفر حتى عمق 70 قدماً في باطن الأرض، وتمكن فريقه من الوصول إلى النفط في شهر أغسطس من عام 1859. وخلال 15 شهراً بدأ ضخ النفط من 75 بئراً في المنطقة المحيطة بالمدينة، وارتفع إنتاج النفط في بنسلفانيا من 450 ألفا في عام 1860 إلى ثلاثة ملايين برميل في 1862. شركة ستاندرد أويل في عام 1865 اشترى جون روكفلر حصة شركائه في مصفاة كليفلاند الناجحة، التي كانت تعالج النفط الوارد إلى بنسلفانيا عبر السكك الحديدية. وتمكن بعد جهود مضنية ومن خلال سيطرته على صناعة نقل النفط، من تأسيس شركة عرفت باسم ستاندرد أويل. وعندما افتتح أول سوق رسمي لتبادل النفط في أميركا في مدينة تيتسفيل سنة 1870، حاول روكفلر ترويض الصناعة غير المستقرة للنفط والتي كانت تعاني زيادة في الإنتاج برغم زيادة الطلب، وكان الكيروسين يباع بنصف السعر الذي كان عليه قبل خمس سنوات. ألوان وأنواع النفط يعتقد معظم الناس أن النفط الخام سائل أسود اللون، أما في الحقيقة فهو بني اللون وفي بعض الحالات يمكن أن يكون باللون الأخضر، أو صافياً تقريباً وذلك وفقاً لتنوع جزيئاته الهيدروكربونية. ويتكون النفط الخام من 83 إلى 87 في المئة من الكربون، وهذا ما يجعله غنياً بالطاقة بمعدل ضعف طاقة الفحم بشكل تقريبي. وهو يتكون أيضاً من الهيدروجين (10 إلى 14 في المئة) مع كميات طفيفة من الكبريت والأكسجين والنيتروجين. وينقسم النفط الخام إلى ثلاث فئات وفقاً لما يحتويه من كبريت، وكذلك كثافته التي تقاس وفقا لنظام الثقل النوعي لدى معهد البترول الأميركي، إضافة إلى أصله الجغرافي. وتستخدم هذه الفئات مع العديد من العوامل الأخرى لتحديد أسعاره في أسواق النفط العالمية. ويرتفع سعر النفط تبعاً لسهولة وقلة كلفة تحويله إلى منتجات قابلة للاستخدام، كما أن الكثافة تؤثر في التكلفة، وقد يكون النفط الخفيف أغلى من النفط الثقيل لأنه يوفر نوعية بنزين أكثر قيمة لدى تكريره. ولمصدر النفط أهمية أيضاً لأنه يؤثر على السعر بسبب المسافة التي يتطلبها نقله من الآبار إلى المصافي. كيف يصبح النفط قابلاً للاستخدام؟ تعمل الخطوة الأولى في تكرير النفط على فصل المنتجات عبر نقطة الغليان وعلى النحو التالي: 1- يبدأ النفط الخام بالتبخر لدى تسخينه في فرن. ويمر مزيج من النفط المتبخر وغير المتبخر من الفرن إلى أنبوب تقطير. 2- يرتفع بخار النفط عبر الأنبوب ويتكثف ليتحول إلى سائل بواسطة وحدة تبريد تقع عند قمة البرج، وتصعد الجزيئات الأكثر خفة إلى القمة. 3- يتم ضخ جزء من السائل المكثف إلى أسفل ويمتص الجزيئات الثقيلة المتبخرة ثم يطلق الخفيفة منها مكوناً نوعية متدرجة من المنتجات في الأنبوب. 4- بعد تقسيمه وفقاً لثقله ومع وجود المنتجات الأثقل في القاع والأخف في القمة يمر السائل عبر سلسلة من عمليات ما بعد التقطير التي تشمل ما يدعى بعملية التكسير التي تفصل الهيدروكربونات، وتحولها إلى منتجات مرغوبة بقدر أكبر، إضافة إلى ما يعرف باسم خطوة التنقية. وأخيراً يتم تحويل النفط إلى منتجات قابلة للاستخدام مثل الديزل والأسفلت والمذيبات والبنزين وزيت التشحيم. من البئر إلى السوق بعد إتمام عملية التقطير يتحول النفط إلى غاز وقود ونفط خفيف وثقيل وكيروسين وغاز خفيف وثقيل ورواسب، ثم تتم معالجة هذه المنتجات لتحويلها إلى سلع تجزئة مثل زيت الوقود والبنزين. ومن أجل إنتاج البنزين يتم تمرير النفط فوق مادة حفازة تكون عادة معدنية مثل الزيوليت وتحت حرارة وضغط شديدين. وتعمل المادة الحفازة على تحسين إضافة البروتون أو إزالة ايونات الهدريد من المواد التي تضعف روابط الكربون، وتسمح لها بالتكسر إلى مركبات أصغر في البنزين. طرق جديدة لاكتشاف النفط ظل نفط العالم ولسنوات عديدة، يأتي من حقول على سطح الأرض، ولكن شركات النفط في ولاية كاليفورنيا لاحظت أن أكثر حقولها انتاجية تقع الى جانب الساحل، ولذلك بدأت عمليات الحفر على الشاطئ مباشرة، وفي حوالي عام 1896 اتخذ متعهد محلي يدعى هنري ويليامز الخطوة التالية، وقد عمد الى بناء رصيف صغير يمتد مسافة 300 قدم داخل الماء قبالة ساحل سانتا بربارا، حيث أقام حفارة فوق قمة الرصيف، وتوصل بسرعة الى النفط ليكتشف الحقل الشهير المعروف باسم سمرلاند، وكان أول حقل يكتشف قبالة الشاطئ. ثم تبعه آخرون في هذا العمل، وخلال خمس سنوات انتشر 14 رصيفاً و400 بئر على طول الشاطئ.أطلق الاتحاد السوفييتي في عام 1949 بداية عصر جديد من عمليات الحفر قبالة الشاطئ، وعلى بعد 28 ميلاً عن شاطئ بحر قزوين نصب مهندسون روس دعامات في قاع البحر، وأقاموا مدينة نفطية على منصات دعيت باسم «الصخور النفطية».وإضافة الى معدات الحفر اشتملت المنصات على مرافق سكنية وأخرى للأعمال.وفي الولايات المتحدة تم إنشاء العديد من المنصات الضخمة في خليج المكسيك، ولكن بمجرد أن تبدأ معدات الحفر العمل على عمق يزيد على 3000 قدم تحت سطح الماء تصبح المنصات غير عملية، ويتم الآن ضخ النفط عبر خراطيم مرنة الى المنصات العائمة الراسية في قاع المحيط.أعمق الآبار على الأرض واليوم تعتبر الآبار الواقعة تحت سطح خليج المكسيك والبحار المقابلة لسواحل البرازيل أكثر الآبار عمقا في العالم، وتتوقع شركة «شل أويل» الحصول على النفط في السنة المقبلة عن طريق مشروعها المعروف باسم «بيرديدو» في خليج المكسيك، حيث تعمل المنصات على عمق قياسي يصل الى 8000 قدم تحت سطح الماء.يشار إلى أن شركات النفط بدأت بشكل تدريجي باستخدام الجيولوجيين من أجل دراسة طبقات الأرض بحثا عن مؤشرات على وجود النفط، وحولت بذلك عملية الانتاج الى علم بكل ما في الكلمة من معنى. ويقوم اختصاصي علم طبقات الأرض اليوم بتحليل البيانات والمعلومات على شاشات حواسيب ثلاثية الأبعاد من أجل تحديد مكامن النفط والغاز الطبيعي.الغزو العراقي للكويت بعد 150 سنة على اكتشاف النفط أصبح العالم مدمنا على استخدامه، ومن دون النفط يمكن القول إن عجلة الحياة اليومية سوف تتوقف، كما ان البترول تحول الى سلاح سياسي، والى مصدر ترغب الدول في خوض الحروب من أجله. وكان الغزو العراقي لدولة الكويت في عام 1990، في جانب منه، محاولة للسيطرة على حقول النفط الغنية فيها، وإضافة الى ذلك فإن الغزو العراقي يقدم مثالاً صارخاً على قدرة النفط على إشعال النزاعات والحروب، وعندما تم طرد الجيش العراقي من الكويت أشعل النيران في أكثر من 700 بئر من آبار النفط فيها.استهلاك العالم من النفط يبلغ الاستهلاك العالمي اليومي من النفط حوالي 87 مليون برميل، وفي العام الماضي انخفض سعر البرميل من 147 دولارا الى 34 دولارًا في شهر فبراير. ومع حصول الدول النامية مثل الهند والصين على المزيد من تقنيات إحراق النفط، سوف تستمر الزيادة في الطلب عليه، وفي غضون ذلك استمرت غازات بيوت الدفيئة المتصلة باستهلاك النفط في إثارة القلق والجدل في شتى أنحاء العالم.التداعيات المحتملة لسنوات عديدة أدت عمليات الحفر إلى ضخ البخار أو الماء داخل حقول النفط القديمة، ما أفضى الى زيادة الضغط تحت سطح الأرض من أجل استخراج المزيد من النفط، وفي نهاية المطاف بدأت الحقول بإنتاج كميات من الماء بقدر يفوق انتاجها من النفط، وحسب تقديرات بعض الجيولوجيين فقد تم اكتشاف أكثر من 70 في المئة من مستودعات نفط العالم، إضافة الى اننا استنفدنا ما يصل الى ثلث كمية النفط التي زودتنا بها الطبيعة.ويحذر الجيولوجيون من انه بحلول منتصف القرن الحالي سوف نصل الى ما يعرف باسم الذروة النفطية وهي المرحلة التي سوف ترغم فيها المصادر المستنزفة الانتاج العالمي على الهبوط والانخفاض.وتجدر الإشارة الى أن مسألة الذروة النفطية تتعرض الى جدل واسع، ولا يوافق الكل على الصورة المرعبة للأرقام المطروحة. وبرغم ذلك قال تقرير صدر حديثا عن الوكالة الدولية للطاقة: يتعين علينا أن نتخلى عن النفط قبل أن يتخلى هو عنا. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: بماذا سوف نستبدل النفط؟عن «ساينس ايلوستريتد» حقل الغوار السعودي أطلق الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة منذ عام 1948تم اكتشاف جيوب تخزين ضخمة من الصخور الكثيفة التي احتجزت النفط منذ ملايين السنين حول مناطق بحر قزوين، وذلك في ما يعرف باسم أذربيجان في أوائل العقد 1870. كانت الحقول تقع خارج مدينة باكو العاصمة الحالية لأذربيجان والتي كانت تحت سيطرة روسيا، وفي العقد التالي بدأت 200 مصفاة على وجه التقريب العمل على مدار الساعة. وفي عام 1900 كان نصف نفط العالم يأتي من حقول بحر قزوين ما جعل روسيا المنافس الرئيسي للولايات المتحدة في صناعة النفط العالمية، غير أن مكامن النفط كانت تكتشف باستمرار في شتى أنحاء الأرض.وفي عام 1901، تناهى إلى علم مواطن إنكليزي ثري يدعى وليم نوكس دارسي، أن كميات من النفط موجودة في أعماق الأراضي الإيرانية. وعمد على الأثر إلى الدخول في شراكة مع شركة النفط المحلية «بورماه» للتنقيب عن البترول في المنطقة.وفي عام 1908 تمكن دارسي مع شركائه من حفر بئر اختبار على عمق 1108 أقدام، واكتشاف أعظم خزان للنفط في الشرق الأوسط. وأعقب ذلك تطوير صناعة نفط المنطقة بصورة تجارية وأفضى الى تأسيس شركة جديدة تعرف باسم شركة النفط الأنغلو- فارسية والتي أصبحت تدعى في ما بعد بريتش بتروليوم «BP»، وينسب إليها فضل قيام صناعة النفط الايرانية. وفي عام 1948 ادى اكتشاف احد اضخم حقول النفط في العالم وهو حقل «الغوار» في السعودية الى وضع الشرق الأوسط في المركز العالمي الأول في احتياطي النفط الخام، وأضفى أهمية استراتيجية عالمية على المنطقة.ومع استمرار ظهور استخدامات جديدة للنفط أدركت صناعة الكيماويات تدريجيا ان هيدروكربونات البترول مثالية لإنتاج البلاستيك والمطهرات والدهانات. وانهمكت شركات النفط في شتى أنحاء العالم في منافسة شرسة من أجل اكتشاف مكامن جديدة للنفط.الى أي مدى نحن على استعداد للمضي من أجل إطالة عمر النفط؟ يبحث اختصاصيو طبقات الأرض عن مكامن جديدة للنفط في شتى أصقاع الكون. ومن القطب المتجمد وحتى أعماق المحيطات تجرى عمليات البحث على قدم وساق، في سباق مع الزمن لأن العثور على النفط في المستقبل سوف يكون أكثر صعوبة وأغلى ثمنا.ويبدو أن رمال القار تشكل أحد البدائل التي تتنامى بسرعة لأنها تحتوي على البيتومين وهو من الرواسب الثقيلة السوداء اللون التي يمكن أن تستخدم لإنتاج النفط الاصطناعي. وتتصدر كندا دول العالم في تطوير رمال القار التي تشكل 40 في المئة من مخزونها النفطي الضخم، غير ان النفط الاصطناعي قد لا يفي بالحاجة المرجوة لأنه يتطلب استخدام كميات كبيرة من الماء والطاقة من أجل استخراج برميل واحد من النفط من حوالي طنين من الرمال.وفي العقد الماضي انبعثت الآمال بتحقيق تقدم من خلال استخدام الوقود الحيوي المنتج من الطحالب، التي تحتوي خلاياها على ما يصل إلى 60 في المئة من النفط الصالح للاستعمال، والذي يمكن تحويله الى بنزين وديزل ووقود للطائرات. كما أن الوقود الحيوي اقل تلويثا من الوقود الأحفوري الذي يطلق العديد من المعادن مثل أوكسيد الكبريت والكبريت وهي مخلفات سامة لدى احتراقها، وذلك حسب قول ريغز ايكلبري رئيس شركة اوريجن اويل التي تنتج نفط الطحالب في لوس انجلس.البدايات:• في عام 1858 اكتشف جيمس ميلر ويليامز النفط أثناء بحثه عن الماء في اونتاريو.• في عام 1859 حفر إدوين دريك أول بئر تجارية للنفط في بنسلفانيا وتمكن من اكتشافه هناك.• في عام 1862 تم مد أول خط لأنابيب النفط في كندا.• وفي عام 1871 تم حفر أول بئر للنفط في مدينة باكو الخاضعة لسيطرة روسيا.