القاص السوري أحمد رمضان: أريّا محاولة لكتابة الموسيقى في قصّة!

نشر في 21-08-2009 | 00:00
آخر تحديث 21-08-2009 | 00:00
No Image Caption
قدَّم تجربة أدبية متميزة. غاص من خلالها في أعماق الواقعية السحرية وفتش فيها عن أعماق النفس الإنسانية. قرر منذ البداية أن يتجنب أسلوب المباشرة في الطرح آخذاً بيد القارئ إلى حيث يريد، كاشفاً له عوالم ً رحبة في فسحة بين الواقع والخيال ومحطماً بسرده حاجزي المكان والزمان ليبقى النص الذي يكتبه القاص السوري أحمد رمضان مفتوحاً على الفضاء ومتجدداً أينما حل.

رمضان، المقيم في القاهرة منذ خمس سنوات، تحدث عن تجربته الإبداعية لـ{الجريدة» بمناسبة صدور أحدث مجموعاته القصصية «أريا».

لماذا اخترت القاهرة منطلقاً لإبداعاتكِ؟

شعرت أنها المكان الملائم أدبياً بالنسبة إليَّ. هذه العاصمة كانت أكثر مكان قد يلفت نظري لتوافر مساحة كبيرة من الحرية فيها. أردت أن أخوض تجربة جديدة في مكان جديد كي أستطيع الاستمرار في الكتابة. أظن أنني وُفقت في ذلك إلى حد بعيد.

درست الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق، لماذا لم تخض تجربة الكتابة بالإنكليزية؟

بعض أصدقائي خاض هذه التجربة. مع احترامي لهم أرى أن كتابتي يجب أن تكون بلغتي الأصلية أولاً لأن العربية ثرية جداً وتسمح بالتواصل مع أي شخص. الترجمة مرحلة لاحقة على الإبداع. لا يعني ذلك أنني لم أفكر في الكتابة بالإنكليزية، لكن بالتأكيد لا يجب أن تكون تلك خطوتي الأولى.

ما أبرز التجارب الإبداعية التي لفتت نظرك أخيراً؟

ثمة أعمال كثيرة جيدة، آخرها كتاب بعنوان «29} لصديقة اسمها ياسمين عادل رفعت. الكتاب لفت نظري، لكنني أشعر أن الكاتبة نقلت تجربتها على الورق بينما القارئ لم يستطع التواصل معها.

متى تنتهي علاقة تعايش القارئ مع نصك؟

بالنسبة إلي تنتهي علاقتي مع القارئ مع انتهائه من قراءة الكتاب!

ماذا عن منطلقاتك في الكتابة؟

أنا شخص اجتماعي بالأساس. عندما أكتب أتكلم عن المجتمع من حولي، لكنني بصراحة لا أتكلم عن المجتمع بطريقة نجيب محفوظ التي تعتمد على نقل المجتمع بحذافيره. بالنسبة إلي أنقل وجهة النظر البعيدة غير المرصودة. بمعنى آخر أحاول أن أجدد في الكتابة بالعربية. من هذا المنطلق قسمت كتابي الجديد إلى ثلاثة أقسام.

ماذا تناولت في كل قسم؟

يحتوي القسم الأول على أربع قصص، أرصد من خلالها أناساً واقعيين جداً يواجهون مواقف غريبة. أحاول بكل جهدي نقل تفاصيل سيكولوجية الشخصيات من دون اللجوء إلى أسلوب المباشرة.

يدور القسم الثاني في إطار من الواقعية السحرية. فأنا متأثر جداً بغارسيا ماركيز ورضوى عاشور والمنسي قنديل، خصوصاً روايته «قمر على سمرقند»، وهنا أقدم عالم الجينات وتواجه الشخصيات السحرية في هذه القصص مواقف عادية جداً.

في القسم الأخير حوار بيني وشخصياتي التي لا أحدد أنها وردت في أي من قصص المجموعة، وإن كان من السهل على القارئ أن يدركها، بالتالي ينقله ذلك إلى العالم الذي أقصده.

لماذا هذا التقسيم والترتيب؟

أحاول من ورائه الوصول إلى رسالة ما في نهاية الكتاب. أترك للقارئ اكتشافها.

اعترفت أنك نادم على تجربتك الإبداعية الأولى «الموت وأشياء أخرى»، لماذا؟

كان عمري آنذاك 19 عاماً وكنت فرحاً بهذه التجربة. عنوان الكتاب يوحي للقارئ بأنه كتاب عن الموت وعزز ذلك تصميم الغلاف الذي أكد هذا المعنى. لم أكن أتمتع بنضج كامل لتقديم التجربة، وقد احتوت المجموعة على قصتين سحريتين وسط كتابات واقعية، بالتالي لم تكن لدي وحدة مضمون. هذا ما حاولت تفاديه في كتابي الأخير.

هل يعني ذلك تمام رضاك عن «أريّا»؟

نعم، والنقد الذاتي أهم شيء للتطور والاستمرار.

كيف ترى صراع الأجيال الأدبية؟

نقدنا السلبي للجيل السابق ليس فعلاً بل رد فعل، لأن ذلك الجيل كان يقول أنتم لا تستطيعون فعل شيء في حياتكم. لا يمكن إنكار أنه أبدع تماماً في القصة والشعر والرواية، لكننا كجيل أدبي الآن نحاول الدمج بين الحالة الجميلة التي صنعها الجيل السابق وعصرنا لنقدم إبداعاً جديداً ومبتكراً. كمبدع لا أستطيع الآن كتابة «الثلاثية» في الحارة نفسها التي تناولها محفوظ، فالناس في العمارة عينها اليوم لا يعرفون بعضهم مثلما الحال في «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني التي تناسب هذا العصر.

هل عانيت كبقية جيلك من أزمة النشر؟

للأسف تحول الناشر إلى بقَّال. تتعامل دور النشر مع الحركة الإبداعية كتجارة. مجموعتي كانت جاهزة منذ أوائل العام الماضي. أمضيت أربعة أشهر في البحث عن دار نشر تقبلني، لكن الكل كان يطلب أن أدفع له نظير النشر. لم يكن لديّ مانع، إذ كنت أريد تقديم المادة مقابل الجودة. بينما دور النشر الكبرى لا تتحمس للكُتَّاب الجُدد فإما تنشر لأسماء معينة أو لمن يخترقون «التابو».

هل يعني ذلك رفضك اختراق «التابو» في نصوصك؟

إطلاقاً. مثلاً لا مانع لديّ أن أكتب عن الجنسية المثلية، لكن بأسلوب أدبي محترم وليس بهدف الفرقعة. أرفض الكتابة على طريقة محمد شكري في «الخبز الحافي» مع احترامي الكامل للقصة.

هل قصدت البُعد الموسيقي في «أريا»؟

بالتأكيد. كتبت «أريّا» أثناء استماعي إلى مقطوعة تحمل الاسم نفسه للعازف اليوناني المشهور ياني. عندما قرأ أصدقائي القصة على إيقاع المقطوعة فرغوا من آخر كلمة مع انتهاء الموسيقى. الحقيقة أنني حاولت أن أكتب الموسيقى في قصة، وكل من قرأ شهد لي بالنجاح في ذلك، حتى أنني فكرت في طرح CD مع الكتاب لكن العملية مكلفة.

لماذا يغيب المكان في قصصك؟

لا أرسم خريطة للقارئ بل آخذه من يده إلى حيث أشاء. قصصي كافة ليس لها مكان. لم أحدد المدينة التي دارت فيها أحداث القصص لأن الأخيرة مرتبطة بالشخص الذي أتحدث عنه ما عدا قصة «صحراء على أعتاب باريس». أكتفي بطرح آثار البلد الذي أكتب عنه مثلما فعلت في قصة «حكايات العودة والرجوع» التي تحدثت فيها عن دولة خليجية من دون تحديدها.

back to top