الصناعة المالية هل يتراجع دور مدير الاستثمار لمصلحة مديري التمويل وإعادة الهيكلة؟ الأزمة وإشكالية الإحلال... لكل مقام مقال
قال خبراء إن الوضع الحالي ربما يفرض تراجعاً في دور مدير الاستثمار في شركات كثيرة، وإحلال موظفين مختصين بقطاعات أخرى محله، ولذلك فإن الحل الأمثل لها هو الاهتمام بقطاعات التمويل وإعادة الهيكلة حتى تتمكن من تجاوز أزمتها.كما أن «لكل مقام مقالاً»، وكما برزت خلال الأزمة المالية حاجة ملحة إلى الحصول على مديري استثمار ذوي مهارات خاصة تتناسب والظروف الحالية التي برزت معها أهمية التركيز على مواصفات مدير الاستثمار الناجح الذي يتمكن من تعويض شركته جزءاً من خسائرها في أسواق الأوراق المالية، فقد ظهرت ايضا الحاجة الملحة الى كوادر اخرى باتت تستحوذ على اهتمام اصحاب الشركات ومديريها الآن وربما في المستقبل ايضا.
وكما رأينا أن معظم الشركات الاستثمارية تتمسك أكثر بمديريها الناجحين لهذا الغرض، وتحاول الشركات الأخرى إغراء هؤلاء المديرين بحوافز مالية حتى يتجهوا إلى العمل لديها، فقد تفاوت الطلب على الكوادر في هذه الشركات بين هؤلاء المديرين وبين موظفين متخصصين في قطاعات التمويل وإعادة الهيكلة وادارة المخاطر والخزينة.وقال خبراء إن الوضع الحالي ربما يفرض تراجعا في دور مدير الاستثمار في شركات كثيرة واحلال موظفين مختصين بقطاعات اخرى محله، لافتين الى ان معظم الشركات التي تحتاج الى اعادة هيكلة ليست في حاجة الى عملاء أو العكس، اي بدأت تنصرف عنها عملاء، ولذلك فإن الحل الامثل لها هو الاهتمام بقطاعات التمويل واعادة الهيكلة حتى تتمكن من تجاوز ازمتها.الا أن بعض الآراء ذهبت إلى تأكيد أن دور مدير الاستثمار من الصعب ان يتراجع حيث يظل هو القطاع الرئيس في شركات الاستثمار، اذ انه يحقق الاهداف التي قامت من اجلها هذه الشركات، وسيظل موجودا مادام العمل في هذه الشركات قائماً.القحطاني: دعم القطاعات المساندةفي هذا السياق، أكد الرئيس التنفيذي لشركة الأمان للاستثمار محمد محارب القحطاني انه من الضروري لأي شركة متعددة القطاعات الا تعتمد على موظف واحد فقط او مجال واحد.وقال القحطاني ان الشركات ذات القطاعات المتنوعة لابد ان تهتم بهذه القطاعات جميعا، وبالتحديد التي تمثل مصدر دخل لها، وذات النواحي الاستثمارية حتى ان لم تكن ذات علاقة بالاصول والمحافظ التي استفادت منها الشركات بالفعل.وأضاف انه يجب ألا يسير العمل بشركات الاستثمار في طريق واحد او الاهتمام بكوادر محددة فقط بداخلها، والا افتقدت جزءا كبيرا من ارباحها، وأوضح: «لا شك أن المهم في الشركات هي ادارات الرقابة والمخاطر حيث ينقص الكثير من الشركات هذا الجانب، الا انه من الضروري تدعيم القطاعات المساندة لقطاع ادارة الاستثمار، وكذا يجب ان يكون هناك جهاز متكامل».وأشار إلى انه لا يوجد كثير من الشركات في حاجة الى اعادة الهيكلة، ولذلك لن يحل موظفو هذه القطاعات محل مدير الاستثمار.وأكد القحطاني ان العنصر البشري الكفء سيكون مطلوباً بشكل دائم «حتى وان كان مدير استثمار» وسيزداد دوره مستقبلا عند تحسن الاسواق فهو عملة نادرة ولا تستطيع اي من الشركات الاستثمارية الاستغناء عنه، كما ان المدير الناجح هو مَن يثبت كفاءته ونزاهته اللازم توافرهما في ادارة اموال الغير. ولفت الى ان البعض القليل منهم قد تخطى هذه الحدود وهؤلاء لن يستمروا.العلي: طريقة العمل ستختلف ومن جهته اشار الرئيس التنفيذي في شركة بيت الاستثمار الخليجي بدر العلي إلى ان مدير الاستثمار سيظل مطلوبا في الشركات الاستثمارية حيث يظل العمل الاستثماري قائما، لكنه اكد انه ليس مطلوبا في الوقت الحالي، إذ تعيد كثير من الشركات هيكلتها.وقال العلي ان الوضع الحالي يفرض التركيز على ادارات المخاطر والشؤون القانونية واعادة الهيكلة والشؤون المالية اضافة الى مدير الخزينة الذي يكون مسؤولا عن توفير الأموال، كل هذا بجانب ضرورة وجود مدير الاستثمار.وأوضح ان طريقة العمل هي التي ستختلف في تلك الشركات، اي تتراجع شهيتها للمخاطر، في حين تتجه الامور الى ضرورة وجود مدير الاستثمار في الفترة المقبلة.وشدد على ضرورة ان تكون ادارات المخاطر «الاستثمار والعملة والسوق والتشغيل» منفصلة وذات كيان مستقل، مشيرا الى انه لم يكن هناك تركيز كبير في الماضي على هذه الادارات الا ان الوضع الحالي يفرض ضرورة تحديد السياسات الخاصة بها وبمراقبتها.الطواري: مدير الخزينة هو الأهم من جهته تناول رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة رساميل للهيكلة المالية عصام الطواري الأمر من منظورين خارجي وداخلي بالنسبة للشركة نفسها.وأوضح الطواري انه من المنظور الخارجي فإن الفترة الحالية تفرض الاهتمام بمدير توظيف الاموال اذ انه الشخص الذي يمتلك مدخلا للاطراف التي لديها اموال، وهو ما ينفع الشركات في الوقت الحالي.الا انه من المنظور الداخلي فإن اهم شخص حاليا هو مدير الخزينة والحسابات لأن مهمته تتمثل في عمل توازن بين التزامات الشركة واصولها، وذلك من منطلق «ان الشركة تمول نفسها».واشار الى ان الظروف القائمة تفرض اهمية منصب الـCFO اذ انه المراقب لمصاريف الشركة ودخلها والتدفقات النقدية وما الى ذلك.وقال الطواري ان دور مدير الاستثمار تراجع من منظور انه مدير لمحفظة عملاء، اذ ان معظم الشركات الآن لا يوجد لديها عملاء او لوجود مشاكل بينها وبين العملاء القائمين، الا ان دوره لم يتراجع حيث يظل هناك سوق وتظل الشركات في حاجة اليه.وأوضح انه في حالة تحسن السوق فقد تحتاج الشركات إلى نحو 5 مديرين للمحافظ، إذ يوجد عملاء كثر الا انه في مثل الظروف الحالية وما يفرضه السوق فقد تكتفي الشركات بمديرين اثنين فقط حتى يديروا محفظتها الخاصة.الى هنا، أكد مديرو شركات استثمارية ان مدير الاستثمار الناجح هو من يبقى ملتزماً خلال الأزمة مبادئ الاستثمار الأساسية التي تعتمد على دراسة ميزانية الشركات والحذر في التقييم، كما يجب أن يركز على تقديم استشارات جيدة وتقييد الحقائق في ضوء واقعها الفعلي لرؤساء الشركة التي يعمل بها حتى لا يُدخلها في خسائر يكون هو المتسبب الرئيسي فيها.وأوضحوا أن المطلوب من المدير لكي يكون ناجحاً في إدارته لاستثماراته خلال الأزمة أن يتحلى بالحذر اذ إن الأوضاع مازالت ضبابية ولا وجود لرؤية واضحة الا أن الأوضاع لابد أن تتحسن خلال الفترة المقبلة.