رئيسة المجلس الإسلامي الأسبق بالنرويج وأول مفتية في أوروبا د. لينا لارسن: وافقنا على حجاب المرة الواحدة حتى لا تخسر بعض المسلمات عملهن

نشر في 25-08-2009 | 00:00
آخر تحديث 25-08-2009 | 00:00
No Image Caption
لم تكن تعرف ديناً اسمه الإسلام ولم تطالع أي كتب عنه، فهي قد ولدت مسيحية، لكنها كانت تبحث عن دين يتميز بالسماحة وفعل الخير بدون مقابل، عن دين يحدد العلاقات الإنسانية بالود والرحمة، ولاسيما في ظل مجتمع غربي لا يعرف سوى المادة فقط، بينما هو مفكك إنسانياً. بهذه الكلمات بدأت د. لينا لارسن حديثها إلى «الجريدة» أثناء زيارتها الأخيرة للقاهرة، إذ قالت إنها دخلت الإسلام عن اقتناع من خلال إحدى السيدات المسلمات التي كانت تسكن بجوارها. عن رحلتها مع الإسلام إلى أن صارت أول مفتية للمسلمين في أوروبا كان لنا معها هذا الحوار.

• كيف تعرفت على الدين الإسلامي؟

- من خلال امرأة مسلمة كانت تسكن بالقرب مني وكانت تساعد الجميع وتودهم من خلال أروع العلاقات الإنسانية، فقلت لها يوماً:

مَنْ الذي عوّدك هذا الفعل الخيري؟ فقالت بعفوية: ديني ينصحني أن أكون كذلك. فبدأت أبحث عن الإسلام رغم أنني لم أتجاوز الثامنة عشرة من عمري، فعندما قرأت ما جاء به القرآن وأحاديث الرسول أعلنت يومها أنني على هذا الدين مهما واجهت من صعاب، وكنت أول سيدة مسلمة في العالم أتولى منصب رئيس المجلس الإسلامي بالنرويج على مدار عامين متتاليين، وكنت أيضاً أول مفتية للمسلمين في الغرب.

• ما أبرز الخدمات التي يقدمها المجلس الإسلامي بالنرويج إلى المسلمين؟

- المجلس الإسلامي هو الجهة الرئيسة المتحدثة باسم المسلمين في النرويج، كما أن المجلس يرأس أكثر من 120 جمعية ومركزاً إسلامياً، وتتشكل به هيئة سياسية للمشاركة مع الحكومة للمطالبة بحقوق المسلمين، كما تعمل على تثقيف المسلم اجتماعياً وثقافياً وعلمياً ودينياً، كما أن للمجلس الإسلامي مقعداً في البرلمان النرويجي، يعمل على تعميق الدين بأخلاق عصرية دعوية تناسب طبيعة الحياة في الغرب.

• هل تَولّي رئاسة المجلس بنظام الانتخاب أم التعيين؟

- المجلس الإسلامي في النرويج من المجالس الحديثة التي أُنشئت خلال السنوات الأخيرة، وبُني على أنقاض الرابطة الإسلامية التي كانت ترأس من قبلُ الجمعيات الإسلامية، والحمد لله أنني كنت أول سيدة مسلمة تتولى رئاسة هذا وترأسته على مدار سنتين قدمت خلالهما العديد من الخدمات والامتيازات، ووفقنا في أن نجبر القاعدة السياسية على الاستماع لمطالبنا، وحصلنا على الاعتراف بأن الدين الإسلامي يمثل الدين الثاني في البلاد وله صلاحيات، وكنت في هذه الأمور همزة الوصل بين المسلمين الذين أعبر عنهم وبين الجهات الرسمية وغير الرسمية لأني مسلمة نرويجية، ورفضت أن أترشح مرة أخرى لرئاسة المجلس حتى أتيح الفرصة لإخواني المسلمين لتجديد الفكر والطرح، وتُجرى الانتخابات به كل أربعة أعوام، وهذا لا يعني أنني انسحبت من هذا المجلس بل أقوم بنفس مهامي من خلال تعليم الدروس الشرعية سواء في المجلس أو الجمعيات والروابط التابعة له، إلى جانب عملي الأكاديمي حيث أدرس الدراسات الإسلامية بجامعة أوسلو.

• هل تقومين بالفتوى كما تقومين بالدعوة؟

- إذا طلب مني رد شرعي في الأمور الحياتية أرجعه إلى بعض الدعاة الثقات، وأحياناً تُطلب مني فتاوى خاصة فأقوم بمراجعة الكتب الشرعية وقراءتها بنصها مع شرح توضيحي لها، والمفتي الفقيه العصري هو المعضلة التي يواجهها المسلمون في الغرب، إذ إن أغلبية المسلمين يعتمدون على الفتاوى الوافدة إلينا من الشرق، التي نرفضها لأنها في كثير من الأحيان لا تتفهم واقعنا، فنحن في حاجة إلى المفتي الأوروبي المعايش لواقعنا وأن يطبق فينا فقه الواقع.

• أفتى بعض العلماء بإباحة عدم ارتداء الحجاب إذا أصبح مصدراً للمضايقات أو الخطر فما رأيكِ في هذه المسألة؟

- أنا مبدئياً ضد خلع الحجاب لأي سبب، لأنه العنوان المميز للمرأة المسلمة، فمنذ أشهرت إسلامي وأنا أرتديه، إلى جانب أن هناك معلومة خاطئة وهي أن الإسلام فقط هو الذي يأمر المرأة بارتداء الحجاب. الملتزمات من المسيحيات واليهوديات يرتدين أغطية رأس تشبه حجاب المسلمة وهن منتشرات في أوروبا ولا يواجهن أي مضايقات. دائماً أنصح النساء بألّا يغيرن سلوكهن أو يخلعن حجابهن بحجة تجنب الاضطهاد، إلى جانب أنني ألفت كتاباً بعنوان «الحوار بالحجاب ومن غير الحجاب» تُرجم إلى لغات عِدة ولاقى قبولاً وسط المفكرين والمستشرقين الواعين واقتنع العديد منهم بمسألة الحجاب.

• المجلس الإسلامي اعتمد فتوى استخدام الحجاب مرة واحدة فما خلفية هذه الفتوى؟

- هذه ليست فتوى بل كان سؤالاً من إحدى الأخوات التي تعمل في أحد الفنادق السياحية، الذي من بين شروطه أن يكون جميع العاملين متشابهين في طريقة لبس الزي وتسريحة الشعر، وهو ما رفضه العديد من المسلمات العاملات بهذا الفندق، وأمام رفضهن خلع الحجاب قررت إدارة الفندق أن ترتدي جميع الفتيات «إيشارب» شفافاً، وقد وافقنا في المجلس على هذه الفكرة بشرط خلع هذا الإيشارب فور الانتهاء من العمل، وأطلق عليه فيما بعد حجاب المرة الواحدة.

• ما أهم ردود الفعل الإيجابية بعد صدور الكتاب؟

- سجل الكتاب أعلى معدلات بيع بالنسبة للكتب الإسلامية الموجودة في النرويج وقتذاك، إذ تخطت مبيعاته خمسة ملايين نسخة، ما جعل القائمين على هيئة الإذاعة والتليفزيون النرويجية يدعونني إلى تقديم برنامج أسبوعي يشرح ماهية الإسلام.

• كيف تشخصين حال الدعوة سواء داخل أوروبا أو خارجها؟

- حال الدعوة يحزننا كثيراً. هناك دعاة بسبب جهلهم وعدم تمكنهم من الدين الصحيح فوّتوا على الإسلام فرصاً كبيرة في كسب أتباع جدد، وبخاصة الدعاة الذين يتم إرسالهم إلى أوروبا فهم ليسوا مؤهلين بالقدر الكافي لتولي أمور الدعوة، كما أنهم غير دارسين للتاريخ أو علم النفس أو علم الاجتماع، وليس لديهم أي معلومات عن المجتمع الغربي وعاداته، وعلى الجانب الآخر هناك الدعاة الجدد الذين نجحوا في صياغة أجندة جديدة لفهم الإسلام، نظراً إلى انغماسهم في الواقع الغربي وإلمامهم بالواقع الشرقي للمسلمين إلى جانب أنهم استحدثوا وسائل جديدة للدعوة، وأنا أرجع نجاحهم إلى أنهم دعاة أحرار، بمعنى أنهم ليسوا تابعين لجهة أو مؤسسة، لذا فنحن بصدد تدريب أبناء المسلمين والمهاجرين الواعين على أمور الدعوة، لأننا نراهم أقدر على تولي الدعوة.

• مسلمو شمال النرويج وبخاصة سكان أوسلو يواجهون مشكلة طول النهار الذي يصل إلى أكثر من 20 ساعة، مما يجعل صوم رمضان صعباً بالنسبة للكثيرين، فكيف واجهتم هذه القضية؟

- سكان أوسلو من المسلمين والعديد من البلدان الشمالية يعانون طول النهار، والغريب أن أغلبيتهم من المسلمين الجدد، وناشدوا العديد من المؤسسات الدينية توضيح الحل، ولكن تفاوتت الآراء فمن العلماء من أباح لهم الإفطار في شهر رمضان، ومنهم مَنْ طالبهم بالصبر على إتمام النهار مهما طال أو قصر اليوم، لكننا استندنا منذ سنوات عديدة إلى رأي الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر وقتذاك، إذ أفتى لهم قبل مماته بأن يصوموا يومهم بعدد ساعات المسلمين في الشرق أو الدول الأوروبية القريبة من البحر المتوسط حتى لو كانت الشمس في كبد السماء، وكان هذا الرأي هو الأرجح بالنسبة إليهم، لأن التيسير على هؤلاء المسلمين بالتحديد سيحفظ تمسكهم بالإسلام.

back to top