بنات... «القبائل»!

نشر في 13-01-2010
آخر تحديث 13-01-2010 | 00:01
 سعد العجمي مجموعة كبيرة من الزملاء الكتّاب تناولوا منذ فترة ليست بالقصيرة ظاهرة ما يسمى بتحول المعارضة السياسية في البلاد من مناطق الداخل إلى المناطق الخارجية ذات الأغلبية القبلية، والتي كان الانطباع السائد عنها أنها مناطق موالاة تقليدية للسلطة.

بعيداً عن تأييد أو مخالفة مثل هذا الطرح من عدمه، وبعيداً كذلك عن مفهوم الموالاة والمعارضة، فإن القول بوجود ثمة تحولات سياسية شهدها المجتمع الكويتي في السنوات العشر الأخيرة، هو قول ثابت تؤكده جملة من المواقف النيابية في "قاعة عبدالله السالم"، والرسائل الشعبية التي أرسلت إلى "من يهمه الأمر" في أكثر من موقع وفي كذا مناسبة!

من وجهة نظري، أن موضوع الحراك والمبادرات السياسية التي بدأت تصدر من المناطق ذات الصبغة القبلية لجهة المعارضة لا يمكن إنكارها أو التقليل من شأنها بغض النظر عن دوافعها وأسبابها، وهي في النهاية ستساهم في رسم ملامح المشهد السياسي للبلاد والتأثير فيه سلباً أو إيجاباً، بل إن هذا التأثير الخارجي- نسبة إلى المناطق الخارجية- مرشح لأن يكون أكثر قوة وشمولا في المستقبل.

من الملاحظ غياب دور المرأة السياسي في المناطق القبلية بعكس دورها في الداخل كما حدث في قضية الحقوق السياسية للمرأة، وكذلك خلال أزمة تعديل الدوائر الانتخابية، إلا أنني أعتقد أن هذا الغياب لبنات القبائل في طريقه إلى التلاشي رغم الكثير من الصعوبات الاجتماعية التي تعترض طريقهن، وهما العادات والأعراف والتقاليد المقيدتان لهن.

خلال الساعات القليلة التي سبقت تجمع العقيلة تلقيت عدداً كبيراً من الاتصالات النسائية لسيدات من بنات القبائل يسألن عن مدى توافر أماكن خاصة للنساء في التجمع رغبة منهن في الحضور والمشاركة، ونظراً لضيق الوقت، فإن اللجنة المنظمة لم تتمكن من تجهيز أماكن خاصة لهن، فكنت أعتذر لهن بخجل دون أن أنسى الإشادة برغبتهن تلك التي تنمّ عن شعور صادق للمساهمة في إنجاح التجمع.

الأمر لم يقف عند هذا الحد، فعندما بدأت الندوة، حضر عدد غير قليل من النساء وتم توفير كراسٍ لهن خلف التجمع الرجالي، بل إن المفاجأة كانت في حضور عدد كبير جداً من النساء من مختلف الأعمار على سياراتهن في الشارع المقابل للتجمع للاستماع للمتحدثين عبر مكبرات الصوت التي غطت جنبات المكان.

قد يكون مثل هذا الحضور رمزياً، لكن النشاط السياسي لبنات القبائل لا يمكن الحكم عليه من خلال حضور ذلك التجمع فقط، فالمتتبع للمواقع الإلكترونية والمدونات يلاحظ أن هناك مشاركات فعالة لهن، وأنهن لم يعدن بمعزل عن الحراك السياسي الرجالي المحيط بهن، بل إن المثير في الأمر يكمن في الثقافة السياسية التي أصبحن يتحلين بها، والتي متى ما سقطت تلك الحواجز الاجتماعية المقيدة لهن، فإنها ستنصهر في بوتقة واحدة مع "التحرك" الذكوري، لتشكل في النهاية قفزة نوعية لمفهوم العمل السياسي في المناطق الخارجية ذات الثقل القبلي.

شخصياً أتلقى على إيميلي الخاص كثيراً من الرسائل التي تحمل تعليقات على أحداث سياسية لأخوات من بنات القبائل، يتحدثن فيها عن تفاصيل سياسية دقيقة يصعب على كثير من الرجال استنباطها. وعندما أقرأ تلك الرسائل أشعر بأن هناك مارداً نسائياً لو كان في الكويت عشر فقط من بنات القبائل على شاكلة ذكرى الرشيدي لخرج من قمقمه وقلب المعادلة رأساً على عقب، وهي لحظة ستأتي، ولكن لا أدري متى؟!

* * *

لأن الشيء بالشيء يذكر أنقل لكم هنا إيميلاً وصلني من الأخت عهود الظفيري تبدي فيه وجهة نظرها في مقال لي كتبته قبل أسبوع ذكرت فيه نوعية معينة من الكتّاب... تقول الأخت عهود: "ذكرك لهم يسعدهم يا سعد... فأنت دون أن تشعر ترفع من أسهمهم، فبعد كل مقال لك أو لبعض الكتّاب في خطك السياسي هو مكسب لهم، لأنهم يذهبون إلى (معازيبهم) بمقالتكم ويقولون لهم إنكم تهاجمونهم لأنهم يدافعون عنهم، فيقبضون ثمن الدفاع عن (المعازيب)، فتضخمون أرصدتهم دون أن تشعروا...لا تمنحوهم هذه الفرصة يا سعد".  

back to top