يا لها 
من تفاحة

نشر في 02-11-2009
آخر تحديث 02-11-2009 | 00:00
 فوزية شويش السالم «تفاحة الصحراء»، رواية للكاتب المصري محمد العشري وهو صديق لي من الإنترنت، وروايته تفاحة الصحراء هي العمل رقم ثلاثة من مجمل أعماله الروائية.

كنت قد اشتريت روايته الأخيرة المسماة «خيال ساخن» من معرض الكتاب العام الماضي، واكتشفت من بعد تصفحها بأنها رواية تنتمي للخيال العلمي وأنا لا تستهويني قراءة هذا الصنف من الروايات، فما كان من محمد إلا أن أرسل لي رواية «تفاحة الصحراء» وهي رواية تتناول تلك الفترة من الحرب العالمية الثانية والتي جرت في صحراء العلمين في مصر، وهي سيرة لحوادث حقيقية دارت هناك، ومنها جاء أسم تفاحة الصحراء التي ترمز لتلك القنابل التي زرعها القائد مونتغمري لتحميه وتعزله عن عدوه «رومل» الذي نصب مدافعه في قلب «الضبعة» وهي القرية التي تدور فيها حوادث الرواية كلها، وما كان من «منتغمري» إلا أن هرول هاربا منها، وتاركا خلفه أكبر حقل ألغام في العالم متأهب للانفجار في كل لحظة تمر من فوقه قدم.

الرواية تدور بين أزمنة مختلفة، من الحرب العالمية الثانية إلى الزمن الذي يلي انتهاء الحرب، ومنه إلى الزمن الحالي.

المشاهد تم تقطيعها وفقا لتداخلات الزمن في الرواية ، وأن كان المكان فيها تقريبا ثابت ، ماعدا مشهدا كتب على ظهر السفينة الناقلة للجنود الليبيين ، ومشهد مع الملازم « دونا ماكسويل « في لندن .

وتجري الحوادث متنقلة ما بين المهندس الجيولوجي «تامر» وراعي الجمال الصبي «صميدة» والخواجة «جون» الإنجليزي، والطبيب «شاوصن» والملازم «دونا ماكسويل» وهي المرأة الوحيدة التي جاء ذكرها في هذا المجتمع الذكوري، المحصور ما بين الجنود في الماضي، وما بين الموظفين وعمال شركة البحث عن البترول في الزمن الحاضر.

والرواية تنتقل ما بين الأحداث بومضات سريعة، ونقلات لاهثة، تغزل الماضي بالحاضر، برشاقة وخفة قلم ينسج بسهولة النقلات ما بين غرز النسيج الممتد بين أزمنة مختلفة، وناس مختلفون، تضيء على أحداث حياة اندفنت في طيات ماضيها وغبار زمنها المنقضي. محمد العشري أعادها وبعثها إلى الحياة من جديد، كقصة جميلة مشغولة بتقنية سينمائية شاطرة ومضبوطة.

أعجبني جدا توظيف دور الحيوانات في الصحراء وإعطاؤها وجودا حيا في الرواية، لأنها بالفعل لا يمكن إلغاء دورها في هذا المكان المخلوق لها، والمخلوقة له، وهناك حوارات تدور ما بين الإبل في منتهى الجمال.

ولكن لي ملحوظة بحق هذه الرواية التي أراها أقرب إلى القصة الطويلة نوعا ما منها إلى الرواية، فهي تبدو كقصة قصيرة بتقنيات روائية، أو لنقل أنها رواية بروح قصة قصيرة، لأنها تفتقد للمعايشة الصادقة والحميمة التي تتطلبها الرواية، صحيح أنها جاءت بتقنيات الفن الروائي، ولكنها ولدت بروح وجوهر القصة القصيرة الخاطفة للأحداث، والتي تمرق عليها بمروق سريع، لا يتعايش مع الأحداث بشكل كاف، أي لا يتشبع بها خصوصا في الزمن التاريخي للرواية، لأنه حتى في في الرواية التاريخية، والتي لم نعشها، يجب أن نتخيل معايشتها، وبصدق وحميمية من عاشها، وهذا هو الأمر الذي يفرق مابين الرواية والقصة القصيرة.

لكنها في النهاية قد قدمت لنا عوالم الصحراء الجميلة، من جمال وغزلان وضباع وثعالب وحشرات وغيرها من تلك المخلوقات الرائعة. 

back to top