مع حقيقة مشرف


نشر في 04-09-2009
آخر تحديث 04-09-2009 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء للتحقيق في أسباب حادثة مشرف هي في الاتجاه الصحيح، للتحقيق وكشف أصحاب المواد الكيماوية التي سربت هذه الأيام لتكون يد القانون فوق كل يد، وأن توضع الحقيقة أمام الجميع.

لقد حذرنا مراراً من عدم الجدية في التعامل مع الملوثات البيئية، أيا كان نوعها أو حجمها، وأيضا عدم استعمال قضية البيئة لتصفية الحسابات مع أشخاص بعينهم وتجاوز غيرهم على غرار «تشيلني وأشيلك».

حادثة تسرب مياه المجاري في مشرف لم ولن تكون الأخيرة لغياب الإدارة البيئية عن القرار البيئي، وهنا لا أقصد الهيئة العامة للبيئة فقط، ولكن كل من يتعاطى العمل البيئي في الإدارات الحكومية والقطاع الخاص.

في عام 2001 كانت أسباب نفوق الأسماك متعددة، إلا أن مجاري وزارة الأشغال ضُمت إلى تلك الأسباب، وإن كانت أشد لأن التسريب كان يتم في عز أيام النفوق وداخل جون الكويت، إلا أنه لم يتم إبرازها إعلاميا إلا من قبل جمعية حماية البيئة التي صرحت بهذا الاتجاه، أما اليوم فالكل يصعّد باتجاه الأشغال، علما أن المشروع بدأ في سنة 2004، يعني لو أن البيئة كانت من ضمن أولويات البرنامج الحكومي آنذاك لما آلت الأمور إلى ما نحن عليه الآن، فهذه محطات توليد الطاقة وتحلية المياه تنتج سمومها يوميا باستعمالها النفط الخام دون حراك يذكر من وزارة الكهرباء، وها هي المصانع والمصافي منتشرة في جنوب البلاد دون أن يهتز لها طرف حكومي ولا غيره.

أسوأ ما في الأمر أن يتم رصد مواد كيماوية تضخ في هذه الأيام من أصحاب النفوس الضعيفة، مستغلين مجارير المطر، والأغرب والأغبى على حد سواء أن يتم ضخها في خطوط بعيدة عما يتم تصريفه من محطة مشرف، وهي بالمناسبة أربعة مخارج أيضا معروفة بالاسم.

اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء للتحقيق في أسباب حادثة مشرف هي في الاتجاه الصحيح، للتحقيق وكشف أصحاب المواد الكيماوية التي سربت هذه الأيام لتكون يد القانون فوق كل يد، وأن توضع الحقيقة أمام الجميع.

أحد مهندسي وزارة الأشغال يتمنى على وسائل الإعلام والنواب عدم حرق أعصابهم بإطلاق الاتهامات جزافا قائلا: «والله لم أنم منذ أيام إلا ساعات قليلة، وحالة والدي ووالدتي الصحية صعبة للغاية، وأتمنى أن يحاسب المسؤول عن الكارثة، لكن دعونا نعمل دون ضغوط».

تراه وهو في حسرة من أمره والصراحة: «ترى عيالنا ليس مقصرين وحاسين بالمسؤولية، ويجب تشجيعهم، خاصة العمل بالمجاري، ولا ننسى أن المشكلة في شهر رمضان».

تجنب اللجنة الصراع السياسي والاستفادة من أخطاء لجنة التحقيق التي عنيت بدراسة أسباب نفوق الأسماك سنة 2001 سيزيد من احترام الناس للحكومة.

التخبط والتصريحات المضادة وإطلاقها عشوائيا بين الجهات المعنية هو إرباك للرأي العام، وتهرب من المسؤولية، وهذا ما لمسناه حتى الآن، آملين أن يتم تجاوزها لمزيد من الشفافية وإشراك أصحاب الاختصاص بالمشورة.

أخيرا على أصحاب هواية الحداق والسباحة الابتعاد من الأماكن الخطرة التي حددتها الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية والهيئة العامة للبيئة ضمانا لصحتهم، قرار يجب أخذه محل الجد لأن الجهل عدو صاحبه.

ودمتم سالمين. 

back to top