محطة افتراضية 1

نشر في 09-09-2009
آخر تحديث 09-09-2009 | 00:01
 زاهر الغافري كأنني استيقظتُ من حلم، كلا! لن تكون هذه النهاية، على الأقل ليس لرجلٍ يسلك دروباً متوحدة بحثاً عمّا يضيء أفكاره الداخلية. ليس هذا أوان المفاضلة بين حزمةٍ من الاشراقات الكبرى في موشور الحياة، عليك أن تذهب فحسب لتلقي نظرة صافية على بلاط المحطة.

هناك هي، في انتظارك، كما لم تنتظر من قبل، مواقيت قابلة للفساد من جرّاء حركة الزمن الرعناء.

عليك أن تذهب من دون أن تتفوه بكلمة، من دون أن تلتفت الى شرارات الصاعقة وهي تدفعك دفعاً من الخلف. ستكون الحقيقة الى جانبك طالما كان هناك ظلام في الشارع الذي ستسلكه. ما هو قابل للربح ستربحه بعنادٍ شرس.

كلا! لن يكون حلماً هذه المرة، لقد سبق أن رأيتَها بعينٍ منحرفة، بمنظور لم يكُن -حينها- كافياً، لالتقاط الزخم اللولبي لحركتها السريعة، الضائعة في المكان وبين الوجوه.

آن الأوان لكي تنتصر لحياةٍ ليست على شاكلة الحياة، لن أوشر، أعرف انها هناك.

تلك هي المرأة الشبيهة بالنار والتراب، الراقصة بين أعمدة الهواء والماء.

اذهب وإنْ لم تجدها ينبغي عليك أن تخترع دروباً جديدة لمعرفة قياس المسافات، لإزالة الوضوح الذي يُربك، في وضح النهار، كل عاشق شاب.

عليك أن تبتكر أبواباً ونوافذ يطل منها وجهٌ محفوف بالمخاطر وهو فوق ذلك لا يستقيم إلا على ضوء شمعة، ينبغي أن تضع نصب عينيك، مقداراً هائلاً من الذبذبات وهي تصعد وتنزل بدرجات متفاوتة ومتقاطعة، تلك هي أيضاً حركة التفكير.

أي ارتباكة، أي زلّة، أي حركة حمقاء، غير مؤصلة، بثبات في مركز القلب، قد تفسد عليك حرية القول، وتضعك في امتحان، أمام ابتسامة، تحمل على نحو غامض سخريةً لا تُطاق.

من المعروف ان العاشق أسير اختلالات عصبية. انصحك بالاقتحام على نحو مباغت لكن شعري.

حسناً، لقد أفلتتْ.

من نظرتك، ومن مكاني البعيد استطيع أن أخمّن ذلك، فأنتَ لم تبادر حتى الى إلقاء تلك النظرة على بلاط المحطة، ناصع البياض، لترى ظلها المرسوم، وقفتَها المنتظرة، الاختبارية، على نحو واضح.

كان حماسك الزائد أو ترددك (لا فرق، كلاهما موجع)، خطوة تفتقد الى الثقل. الاقتحام ينبغي ألّا يُرى، أن يكون خفيفاً كريشة تطير في الهواء. والتردد أسلوب العاطلين عن العمل.

كان عليك أن تستفز قوة الخيال من داخلك، أن تدحرجه على نحو غير متوقع، بأصالة ومحبة وأنت تتقدم من الخلف وهي تعطيك ظهرها وشعرها الاسود الطويل ينسرح على كتفيها.

كان يمكن حينها أن ترمي الجملة الأولى وأنت واثق بأن المرأة ستستقبلها كما تستقبل المحارةُ حبةَ رملٍ ثمينة.

- شعرك الأسود شلال من الضوء.

طالما لم يحدث هذا، فلا ينبغي أن تلوم الآن وعلى طريقة الفلاحين، بأن القطار قد فاتك...

back to top