جواد الشكرجي: إخوان مريم يعكس علاقات الكويت والعراق في القرن الثامن عشر

نشر في 25-04-2010 | 00:00
آخر تحديث 25-04-2010 | 00:00
يزور الفنان العراقي جواد الشكرجي الكويت راهناً للمشاركة في مسلسل {إخوان مريم}، ويؤدي فيه دور مساعد والي البصرة العثماني.

للشكرجي بصمة وتاريخ حافل على الساحة الفنية العراقية سواء في الدراما التلفزيونية أو على خشبة المسرح وحتى في السينما، وآخر أعماله الراسخة في الذاكرة شخصية {أبو حقي} التي بيّنت قدراته في أداء الشخصية الكوميدية الساخرة من الممارسات التي تجري على أرض الوطن...

حول مسلسله الجديد وعلاقته بالفنانين الكويتيين كانت الدردشة التالية معه.

حدّثنا عن مسلسل {إخوان مريم}.

يقع في 30 حلقة، من إخراج الأردني عزمي مصطفى، وهو عمل تاريخي يسجّل حقبة زمنية مهمة في منطقة الخليج هي أواخر القرن الثامن عشر والعلاقات التي كانت سائدة بين دول المنطقة من ضمنها العراق والكويت.

كيف تقيّم مشاركتك في المسلسل؟

أجد متعة في المشاركة في الأعمال التاريخية لأنها تنقلني إلى حقبة من الزمن قرأنا عنها، والأجمل هي الأزياء التي أعادتنا إلى أجواء تلك الفترة بفضل مصمّمة الأزياء المتميّزة رجاء البدر. سبق أن عملت معها في مسلسل {صقر الجزيرة} في العام الماضي، لكنه مُنع من العرض.

عاشت رجاء البدر ردحاً من طفولتها وشبابها في مدينة البصرة وقد ساعدها ذلك على ولوج لغة الألوان وتناسقها وترتيبها وترك بصماته على ذوقها وفنّها وإبداعها في عالم الأزياء.

كيف تقيّم التعامل مع الوسط الفني الكويتي؟

نحن كفنانين عراقيين لنا ارتباط وثيق بالفنانين الكويتيين ولم تؤثر علينا الفترة المظلمة التي غزا فيها صدام جيراننا الكويتيين، فقد وجدت كل الحب والتقدير من الأخ جاسم النبهان والأخ غانم الصالح وفريق الكادر الفني، وهم في الحقيقة أساتذة ومبدعون في مجالهم وعلى مستوى المنطقة، لكن ما أحدث غصّة في داخلي هو تعامل الكادر الإداري معي بلا مبالاة، كأنني أبحث عن الشهرة أو المادة. أرسلوا إليّ العقد وأنا في دمشق واتفقنا على عدد محدّد من المشاهد والحلقات مقابل أجر مالي معين، وعندما وصلت إلى الكويت وبدأت تصوير مشاهدي اكتشفت أنهم أضافوا مشاهد جديدة، ويُفترض أن يقدر ذلك بمبلغ مالي يضاف الى السابق إلا أنهم لم يفعلوا. هذه إشكالية كبيرة يقع فيها الفنانون مع المنتجين الذين يتعاملون كأنهم في سوق للخضار وليس في وسط ثقافي فني يفترض أن يكون راقياً...

شعرت بمرارة وغربة موحشة، وتحدثت مع الأخ مزيد المعوشرجي وشرحت له المسألة لكنه لم يستوعب أو يفهم ما أقوله، فهو في النهاية تاجر يبحث عن الربح.

تعرّضت للهجوم بسبب دورك في مسلسل {هدوء نسبي} الذي شارك فيه ممثلون عرب، لماذا؟

لأن فكرة المسلسل لا تتفق ووجهة نظر الأشخاص الذين هاجموني. شخصياً، أنا سعيد بدوري وقد وجدت كل التقدير في الدول التي عرض فيها المسلسل سواء في سورية أو مصر أو لبنان أو في بلدي العراق.

هل يعود التأييد لدورك كون المسلسل يدين الاحتلال الأميركي للعراق؟

ربما، وما المشكلة في ذلك؟ جاء المحتل ودمّر البلد وترك الأمور على عواهنها من دون إيجاد حل، لذا أنا أحد الذين دانوا التدخّل الأميركي، وأؤمن بأن التغيير يتمّ من الداخل العراقي وليس من الخارج.

لكن لولا الأميركيين لما عشنا اليوم من دون صدام حسين وأعوانه.

أودّ هنا أن أوضح نقطة مهمة بالنسبة إلينا كعراقيين، وهي أن أي شخص يتحدث اليوم كما أتحدث أنا يُتهم مباشرة بأنه بعثي، وهذا خطأ فادح، نحن نتاج مدّ قومي طويل له جذوره وبقاياه في النفس، لذا لن نتقبل دخول الأميركي إلى بغداد حتى لو حرّرنا من الطاغية وأعوانه.

في عام 1991 كنت في النجف وشهدت ما ارتكبه ذلك النظام من بطش في المدينة، وكنت أهرب من أعوانه من مكان إلى آخر كي لا يلقوا القبض عليّ، ثمّ هربت الى دمشق. ولو أردت التحدّث عما فعله أزلام الطاغية في النجف لاحتجت إلى مجلدات لأسرد الظلم والقتل والقهر ضد الناس من دون سبب يُذكر.

كنت بعثياً ثم تركت الحزب، لماذا؟

كأي شاب عراقي يعيش في أجواء القومية العربية والشعور بحاجة الآخر الى المساعدة وأقصد فلسطين، لا بد من أن ينتمي إلى حزب، وكان حزب البعث قوياً في بدايته فانخرطت فيه كباقي العراقيين، لكن بعد فترة اكتشفت أن المسؤولين فيه يفعلون عكس ما يتفوّهون به، ولمست عن كثب مدى دموية هؤلاء وعدم إنسانيتهم، لذا قررت الانسحاب كي لا أتورّط بشيء. بحثت السلطات العراقية طويلاً عن دليل ضدي للقبض عليّ فلم تجد، وخير برهان على ذلك الذاكرة العراقية التي أسسها الكاتب اللامع كنعان مكية واحتوت معلومات عن الفنانين، وتبيّن بنتيجتها أن كثراً منهم متورطون مع النظام ما عدا جواد الشكرجي، لذا أزور الأهل والأصدقاء في العراق باستمرار من دون أن يعترضني أحد.

إذن، أنت عانيت من النظام.

من يقول غير ذلك هو كاذب، فبعمله الأرعن لدى اجتياحه الكويت ظلم نظام صدّام العراق بأكمله بمن فيه الفنان ومسيرة العراق الفنية، وترك الحصار بصماته السلبية على انتشار الفن في المنطقة والعالم العربي، على رغم أنه كانت لنا مساهمات هنا وهناك لكن لم تكن بمستوى الطموح، لذا تأثّر الفنانون.

كيف تقيّم الحركة الفنية في العراق اليوم؟

يبقى الفنان العراقي كنخيل العراق شامخاً باسقاً لا يتأثر بالعوامل الخارجية ويبدأ من جديد دائماً، اليوم أرى أن ثمة حراكاً فنياً واسعاً بدأ يظهر على الخريطة الفنية العراقية والعربية، إضافة إلى انتشار القنوات العراقية ما يثري الحركة الفنية والفنان.

لقيت شخصية {أبو حقي} التي جسدتها انتقادات لاذعة من الحكومة العراقية، ما السبب؟

لأنني وجهت نقداً لاذعاً الى ممارسات السياسيين في العراق، اليوم نعيش فسحة كبيرة من الحرية وحرية الرأي، وقد ساهم المسلسل في كشف فساد وزراء وسياسيين، منهم من هرب ومنهم من اعتُقل. الفن مرآة تعكس الواقع وعلى الفنان أن يضع يده على الجرح ليساهم في تطهير الوطن من الاعوجاج والخطأ.

back to top