المفكّر الإسلامي د. محمد شامة: الديمقراطيّة لا تناسب الشعوب الجائعة

نشر في 01-09-2009 | 00:00
آخر تحديث 01-09-2009 | 00:00
مفكر إسلامي معتدل يرى أن الديمقراطية تنطلق من مبادئ الشورى الإسلامية وأن النظامين هدفهما واحد وهو عدم انفراد شخص بالقرار، وأن فشل المسلمين في إرساء مبدأ الشورى والديمقراطية راجع الى عدم فهم الإسلام فهماً صحيحاً.

حول الإسلام والديمقراطية كان الحوار التالي مع د.محمد عبد الغني شامة (أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية في كلية اللغات والترجمة- جامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).

كيف يمكن تعريف الديمقراطية من منظور إسلامي؟

الديمقراطية كلمة إنكليزية معناها اختيار الشعب من يحكمه ويمثله، أما في الإسلام فنجد مبدأ الشورى ومعناه مشاورة الناس في ما يُتخذ من قرارات، وعدم انفراد شخص واحد بالرأي مهما كان هذا الشخص، وفي كل المجالات ومستويات الحياة، فقد قال الله سبحانه وتعالى: «وأمرهم شورى بينهم» و»شاورهم في الأمر». وتختلف الشورى من عصر إلى عصر ومن مكان إلى آخر، فقد حدد الله تعالى المبدأ وترك تنفيذه للناس وذلك لتغيّر الأزمنة وشكل الحياة، فمثلاً كان اختيار الحكام في الماضي بالمبايعة واليوم أصبح بالانتخاب وهذا يدل على أن الإسلام دين صالح لكل مكان وزمان.

هل الديمقراطية نموذج قابل للاستنساخ عن الغرب وتطبيقه في كل مكان؟

نعم، والبلد الذي يرى أن نموذج الديمقراطية الغربي يناسبه فلا مانع من يطبِّقه شريطة أن يعدَّل بما يتوافق مع نظام البلد، إذ ليس ثمة نموذج محدد من الديمقراطية أو حتى الشورى ليتقيد به الجميع، فالمهم تطبيق المبدأ وتحقيق الهدف منه.

هل الديمقراطية فكر غربي أم شرقي؟

الديمقراطية مصطلح يوناني يعني حكم الشعب للشعب، ففي اليونان القديمة كانت الديمقراطية موجودة لكنها كانت ناقصة، إذ اقتصرت عملية التصويت على طبقة معينة وهي «النبلاء» فحسب، والإسلام هو الذي أرسى الديمقراطية لكل الطبقات، من منطلق أن حرية الاختيار مكفولة للجميع.

ما الأسس الإسلامية التي تنطلق منها الديمقراطية؟

تنطلق الديمقراطية من مبادئ الشورى الإسلامية، وعلينا أن نفرق بين المسائل المتخصصة مثل الأمور الصناعية، فالشورى قاصرة على استشارة أهل الخبرة وليس عامة الناس، أما في ما يتعلق باختيار الحاكم وأعضاء مجلس الشعب فالأمر متروك للناس كي يختاروا الأصلح لإدارة شؤونهم.

ما العلاقة بين الديمقراطية بالمغزى الغربي وتطبيق نظام الشورى في الإسلام؟

هدف الإثنين واحد وهو عدم انفراد شخص بالقرار ولكن طريقة التطبيق متروكة للناس، فما يصلح في الولايات المتحدة الأميركية لا يصلح لدينا وطريقة اختيار الخليفة في الماضي لا تناسبنا راهناً.

الديمقراطية تحكم على أساس المساواة والمواطنة، إلى أي حدّ تتجسد هذه المعاني في الدين الإسلامي؟

الفضيلة لدى الإنسان هي الحرية والمساواة وعدم الظلم وعدم الضغط على الفقراء والتكافل الاجتماعي، وهي معاني حثّ عليها الإسلام، فحرية الاختيار التي يتغنى بها الغرب هي حق مكفول للإنسان المسلم مع إعطائه الحقوق الأخرى كلها، فقد قال الله سبحانه وتعالى: «لا إكراه في الدين»، فالحرية والمساواة لدينا لا يدانيهما مساواة في أي دولة في العالم أو في أي عصر من العصور، إذ تجد الغفير بجانب الأمير والفقير بجانب الغني في الصلاة والحج من دون تمييز، فالذين يقولون إن في الديمقراطية فضائل كثيرة، أقول لهم إن الإسلام حثّ على هذه الفضائل ولدينا الشورى لكن من دون تطبيق.

الإسلام كدين سماوي ينظِّم مختلف أنشطة الحياة، فهل يتناقض مع الديمقراطية كنظام وضعي ينظِّم الحياة السياسية؟

أقول للذين يروّجون للديمقراطية ويهتفون ضد الإسلام بحجة أن الديمقراطية تتيح للشعب نقد الحاكم أما في الإسلام فالحاكم يتكلم باسم الله، إنهم مخطئون، فالإسلام أباح لأي إنسان نقد الحاكم والاعتراض عليه والأمثلة كثيرة على ذلك منها أن الخليفة عمر بن الخطاب عندما أراد أن يحدد المهور قالت له إحدى النساء: كيف يا ابن الخطاب والله تعالى يقول: «وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا» النساء 20، فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر. هذا المثل وغيره كثير جداً خير دليل على الديمقراطية.

هل الشريعة الإسلامية تتناقض مع العمل البرلماني التشريعي؟

الترويج لهذا المفهوم هو خطأ من الجمعيات الدينية المتشددة، فالنصوص ثابتة ولكن الأحكام والمفاهيم متغيّرة لأنها نابعة من عقول البشر لمواءمة العصر وتطوراته، فالحكماء والفقهاء والعلماء يستخرجون لنا من النصوص الدينية أحكاماً متعددة والبرلمان عليه أن يختار منها ما يلائم حياتنا، فلا تقل لي الحكم لله فنحن الذين نستخرج الأحكام لتسيير أمورنا الدنيوية بما يتوافق مع الثوابت الدينية.

برأيك، ألا يغني تطبيق الشريعة الإسلامية عن الديمقراطية؟

حينما تقول الشريعة الإسلامية أول ما يتبادر الى الذهن سواء لدى المسلمين أو غيرهم هو الحدود، مع أن هذه الأخيرة تحتل 5% فقط من الأحكام الإسلامية، وكأنك اختصرت الأحكام الإسلامية كلها في الحدود، وهذا أول خطأ يقع فيه الجميع، والخطأ الثاني هو العمل على نشر الخوف من تطبيقها مع أن كل حدٍّ تلزمه شروط كثيرة. وما عدا الحدود، كل ما فيه مصلحة المسلمين وثم شرع الله يلزم تطبيقه.

التركيز على التعليم الديني فحسب في العالم الإسلامي هل يتنافى مع مبدأ حرية التعليم في الإسلام؟

الإسلام لم يكن لتعليم الدين فحسب وإنما حثّ على تعلّم كل العلوم، والحضارة الإسلامية مليئة بالعلماء في كل المجالات: فلسفة وكيمياء وطب، مثل الإدريسي وابن سينا والفارابي والرازي، فنهل الغرب من علومهم وأسّس حضارته.

أليس من الأفضل تطبيق الشورى بدلاً من استيراد نظم غربية؟

علينا ألا نطبق مبدأ الشورى الإسلامية بمفهوم الجماعة المتعصبين المتشددين الذين يثبتون على رأي دون غيره من الآراء، فأمامي آراء عدة وأختار المناسب منها، وديننا يحثّ على التيسير وليس التعسير.

يرى بعض المتوجّسين أن تطبيق الديمقراطية يعني إخضاع الإسلام لجراحات تذهب بأصله وجوهره؟

أصل الإسلام وجوهره هما نص القرآن والحديث المتواتر والسنة العملية، وما عدا ذلك ليس أصلياً ولا جوهرياً، إنما هو فكر بشري يمكن الأخذ به أو الأخذ برأي غيره حسب ما يتناسب مع العصر، وقد تظهر آراء جديدة أكثر تيسيراً لا مانع من الأخذ بها طالما لا تتعارض مع الدين في شيء.

خلق نظام سياسي تداولي هل يحلّ المعادلة المطلوبة في التعاطي بين الإسلام والديمقراطية الحديثة؟

لا بد من أن يكون الناس راضين عمّن يحكمهم، وإلا على هذا الحاكم أن يتنحى، فهذا هو الإسلام وتلك هي الديمقراطية.

مَنْ يحقِّق الديمقراطية: الحاكم أم المحكوم؟

المحكوم إذا كانت إرادته قوية، فإذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

هل الشعوب تفهم معنى الديمقراطية أو تعيها وتتجاوب معها؟

الشعوب المتعلّمة تدرك حقوقها وتصرّ عليها وتنالها.

هل القناعة بالديمقراطية لدى المسلمين العرب مترسِّخة أم صورية؟

أرى أنها صوريّة، والممنوح منها ما هو إلا ذرة من الرماد في العيون.

هل المسلمون اليوم مؤهلون لتطبيق الديمقراطية والشورى؟

المسلمون مؤهلون في كل وقت لكن النظم السياسية في البلاد العربية والإسلامية همّشت كل فكر إسلامي مستنير، وحين يستعيد المفكرون المستنيرون مكانتهم ودورهم ستطبَّق الديمقراطية.

ماذا عن التسلّط والاستبداد وتجاهل الآخر ورؤية الشريعة الإسلامية لهذه الأمور كلها؟

الشريعة الإسلامية ترفض هذه الأمور كلها رفضاً باتاً، فروح الشريعة بعيدة تماماً عن التسلّط والجبروت. الشريعة السمحة تدعو في المقام الأول إلى الحنان والتراحم ومساعدة الآخرين والتكافل معهم.

حقوق الإنسان هي إحدى أدوات الديمقراطية، فكيف جسّدها الإسلام؟

يقول الله سبحانه تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ» الحجرات 13، وأظن أن هذه الآية الكريمة تدلّ على ما يتمتع به الجميع من حقوق كلنا مطالبون بالمحافظة عليها.

كيف طبّق الإسلام حقوق المرأة ومشاركتها السياسية في مراكز صنع القرار وكيف يحققهما اليوم؟

كل الذين يعتقدون بأن الإسلام ظلم المرأة لا يعرفون التاريخ الإسلامي، ففي القرن السابع الميلادي عيّن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قاضية في السوق اسمها شفاء، كذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الصحابية نسيبة بنت كعب في غزوة أحد: «ما التفت يمينًا ولا شمالاً يوم أُحد إلا رأيتها تقاتل دوني».

هل يعيش العالم العربي والإسلامي ديمقراطية مرحلة الصفوة؟

لا يوجد ما يسمّى بديمقرطية الصفوة، وفي كثير من دول العالم العربي تزوَّر أصوات الناخبين.

برأيك لماذا غاب مصطلح الإصلاح عن الواقع العربي والإسلامي؟

بسبب تسلّط الديكتاتوريين عليه.

كيف إذاً نستعيده كرؤية إسلامية للحياة؟

هذا الأمر يحتاج إلى مجهود كبير من المستنيرين، ولا بد من أن تساندهم وتساعدهم وسائل الإعلام، فإذا ظلت هذه الأخيرة تسلّط الضوء على أنصاف العلماء فلن نتقدم أبداً.

كيف نرسي مبادئ الديمقراطية في عالمنا العربي والإسلامي؟

الديمقراطية تبدأ من الأسرة، فإذا ساد فيها جوّ من الحرية يشبّ الأبناء على الانفتاح وقبول الآخر لكنّ الديكتاتورية هذه الأيام تحكم غالبية الأسر العربية.

هل نستطيع تطبيق الديمقراطية على شعب جائع يعاني الفقر؟

الديمقراطية هي التي توفر له المأكل والملبس فهو جائع بسبب الديكتاتورية، فالديمقراطية لا تناسب الشعوب الجائعة.

ما تعليقك على إصدار بعض المفكرين العرب المقيمين في الخارج بياناً وإرساله الى الرئيس الأميركي باراك أوباما للمطالبة بفرض الديمقراطية على الدول العربية؟

أعترض على مثل هذه التصرفات، فالغرب لن يقدم لنا أي خدمة إلا إذا ارتبطت بمصالحه، وسيادة الديمقراطية في العالم العربي ليس في مصلحة الغرب لأن له أطماعاً تضر الشعوب العربية وحينما يكون الشعب حرّاً يستطيع المواجهة والوقوف في وجه الأطماع بقوة وحزم وبذلك يفقد الغرب سطوته وهيمنته على مجريات الأمور في الدول العربية. الديمقراطية لا تأتي من الخارج وهي ليست منحة يغدق بها الغرب علينا بل هي تتطلب سعياً دؤوباً للحصول عليها، لأنها في حال مُنحت أو فُرضت فستأتي ضعيفة وسرعان ما تنهار، ونحن نريد لها إذا ما حصلنا عليها أن تبقى وتستمر على الدوام، ونعلّمها للناس بحيث يسود بينهم مبدأ عدم الانفراد بالقرار في كل المجالات سواء في الإدارة أو داخل الأسرة أو الجامعة، فلا بد من الممارسة التطبيقية والحقيقية للديمقراطية والتعبير عن الآراء بحرية.

هل يمكن تحقيق ذلك؟

طبعا إذا ما رغبنا في ذلك وسعى الناس الى المطالبة بحقوقهم والتعبير عن آرائهم من دون خوف. لكن يلاحظ اليوم في مجتمعاتنا أن السلبية واللامبالاة تسودان بين الناس والحياة تسير بهم من دون أن يدركوا غياب حق منحهم الخالق إياه وهو التعبير عن أفكارهم بصراحة وحرية من دون تقيّد. من هما لا بد من الوعي بأهمية الديمقراطية والعمل على تطبيقها وسيادتها في مجتمعنا وأن تكون منهج حياة الإنسان في بيته ومع زوجته وأولاده وفي عمله، وبين الناس بعضهم بعضاً.

لماذا لم يطبَّق مبدأ الشورى داخل مجتمعاتنا؟

مبدأ الشورى موجود منذ نزول القرآن لكن يختلف شكل تطبيقه من فترة لأخرى ومن شكل إلى آخر نظراً الى تغير نمط الحياة وتطوّره. كذلك نجد أن اختيار الحاكم اختلف حتى في وجود الصحابة الأوائل فأبي بكر اختير بالمناقشة والمداولة بين الأنصار والمهاجرين، أما عمر بن الخطاب فقد اختلف الصحابة عليه مع أن أبا بكر اختاره لكنه لم يفرضه «أنا أرشح لكم عمر فهل توافقون»، فهذا الأسلوب يناسب هذا العصر خصوصاً بعد تزايد رقعة العالم الإسلامي. وفي عصرنا الحديث حلّ الإدلاء بالأصوات في الانتخابات محلّ المبايعة، أما في الماضي فكان المسجد مكان الاختيار، وحينما أحس عمر بمفارقة الحياة بعدما قتله المجوسي أبو لؤلؤة اختار للخلافة ستة من الصحابة وقال «رشحوا منكم واحدا»، أي أن ثمة لجنة للترشيح والناس بعد ذلك يوافقون أو يرفضون. إذا، مبدأ الشورى موجود لكن ثمة محاولات ليظل هذا المبدأ صورياً فحسب حيث لا نجده مطبقاً بشكل صحيح على مختلف المجالات والأشخاص.

تتحدّث عن ضرورة توعية الناس بأهمية الديمقراطية، فمن يقوم بهذه المهمة؟

الجمعيات الأهلية والمؤسسات الدينية والتعليمية والمفكرين ووسائل الإعلام والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وكل من يستطيع التأثير في الناس ويسعى الى النهوض بالوعي العام والعمل على مصلحة الأمة العربية والإسلامية.

ذكرت دور المفكّرين لكننا نجده غائباً عن هذه القضية؟

نحن نكتب ونتكلم ونطالب ونسعى الى نشر ما نقوله، لكن وسائل الإعلام لدينا لا تحب أن تسمع كلامنا أو حتى الإشارة إليه، فهي تسلِّط الضوء فحسب على المتشددين أو أصحاب الفكر المغاير الذي يركز على قضايا غير حيوية تعمل على الإثارة والبلبلة. أما أصحاب الفكر المعتدل فليسوا مقبولين من وسائل الإعلام أو الحكومة أو المجتمع الغربي، ولو قدِّر لهذا الفكر أن ينتشر سيحدث تغيراً في مجريات الحياة ويكون له صدى قوياً لدى الناس ومن شأنه إحداث إصلاحات جوهرية في أمور كثيرة من حياتنا.

لماذا لا يطالب أصحاب الفكر المعتدل بعقد مؤتمرات مثلاً عن الديمقراطية وحرية التعبير عن الآراء؟

من قال إننا لا نطالب بعقد مثل هذه المؤتمرات؟ ومن جهتي طرحت مراراً إقامة مؤتمر عن الإسلام والديمقراطية خصوصاً في ظل الهجمات الغربية ضدنا. ولكن كلما طالبت بمثل هذه المؤتمرات يقال لي ليس وقتها ومع ذلك فإنني أعمل جاهداً على طرح هذا الموضوع من حين الى آخر، كذلك أتناول دائماً موضوع الديمقراطية في الإسلام خلال مشاركاتي في المؤتمرات العالمية وراهناً أستعد لحضور مؤتمر بألمانيا بين يومي 28-30 سبتمبر (أيلول) المقبل حول الفكر الإسلامي والعلاقة بين المجتمعات العربية والغربية وسأشارك بثلاث محاضرات إحداها عن الديمقراطية في الإسلام وأخرى عن الاتجاهات الفكرية في المجتمع الإسلامي.

هل تدعم المؤسسات التعليمية في العالم العربي الديمقراطية وتحرص على نشرها بين الطلاب؟

لا، فمستوى التعليم لدينا منحدر ومتدهور. العلم يبني شخصية الإنسان حيث يستطيع التفكير بشكل سليم والتعبير عن آرائه بصورة سليمة، لكن المؤسسات التعليمية لدينا تكرس مبدأ الخوف، إذ لا يتاح للطالب التعبير عن رأيه بحرية خشية بطش الأستاذ أو معاقبته على كلامه أو أن يكون مثار سخرية. شخصاً، أحرص على تخصيص ثلث ساعة من المحاضرة لسماع آراء الطلاب وأشجعهم دائماً على التكلّم بحرية حتى لو خالفوا آرائي. يجب على من يطالب بالديمقراطية أن يطبقها أولاً بنفسه وهذا من شأنه أن يزكي روح النقد وحرية التعبير من دون خوف سواء لدى الطلاب أو الأبناء وبذلك نعمل على تخريج شباب قادر على تحمّل المسؤولية والدفاع عن آرائه وحقوقه.

ماذا ينقصنا ليكون مجتمعنا ديمقراطياً؟

علينا أن نشجّع الناس على التعبير عن أفكارهم بحرية، وعلى المدرّسين إعطاء تلاميذهم الحق في ممارسة حرّيتهم وإبداء رأيهم بصراحة ومن دون خوف. وفي هذا الإطار أتذكر واقعة لتلميذة في الإعدادية بإحدى محافظات مصر كتبت رأيها في امتحان الإنشاء عن الولايات المتحدة الأميركية والرئيس بوش فحُرمت من الامتحان واتُّخذت بحقّها إجراءات صارمة كادت أن تقضي على مستقبلها لولا تدخل رئيس الجمهورية، وهذه الفتاة نموذج يجب أن يعمّم في كل المجتمع.

د.محمد شامة في سطور:

- مواليد 1932 – القليوبية.

- حائز على إجازة في اللغة عربية قسم فلسفة عام 1960.

- حاصل على دكتوراه في مقارنة الأديان من جامعة برلين الغربية.

- درّس في جامعات إفريقية وأوروبية وآسيوية.

- شغل منصب وكيل كلية الدعوة 1983 – 1984.

- راهناً هو أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية في كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

- له أكثر من 28 كتاباً ما بين تحقيق وترجمة وتأليف بلغات عدة، منها «الإسلام الغد العالمية».

- من مؤلفاته: «الحسد في القرآن الكريم بين الحقيقة والأسطورة»، «الإسلام كما ينبغي أن نعرفه»، «الدعوة إلى الإسلام».

back to top