آمال آبوكم لابو آبوكم

نشر في 07-06-2009
آخر تحديث 07-06-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي الله يغربله باراك أوباما، في خطابه إلى العالمين العربي والإسلامي تحدث صراحة عن علاقة أميركا بإسرائيل، وعن أهمية إسرائيل ومكانتها عند الأميركان. الله يغربله "قالها أشكره"، وأين؟ على ملعب العرب وبين جمهورهم يا معلّم. والشرهة علينا نحن الذين انشغلنا بزيارته تلفزيونيا وصحافيا، وأفردنا له المانشيتات، في حين أهملت الصحافة الأميركية موضوع الزيارة، أو وضعته كخبر لا يكاد يرى بالعين المرمّدة، وتعاملت مع الحدث وكأن اوباما يقوم بأعمال روتينية يجب وغصبا عليه وعلى اللي خلفوه أن يقوم بها، أو كأنه مجرد ميكانيكي حصل على فيزا ليعمل في وكالة سيارات في بلاد العربان.

ليت الزملاء الصحافيين الأميركان يتعلمون منا، ليتهم يقرأون صحافة أي دولة عربية لا تكاد تظهر على الخريطة، عندما يزور رئيسها دولة إفريقية تعداد سكانها خمسة ملايين إنسان وسبعة ملايين غراب وثمانية وعشرون مليون مرض وأربعة شوارع مسفلتة، وليتهم يشاهدون نشرات أخبارنا في تغطية الحدث "العالمي" ذاك، والفريق الإعلامي المرافق، وكميات الهدايا والبخور والمجوهرات المنزوعة نزعا والمقطوعة قطعا من حساب الشعوب لمصلحة زوجة الرئيس الإفريقي الدكتاتور.

وليت وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذين يدخل الواحد منهم إلى قاعة الاجتماع بمفرده وفي يده حقيبة أو حقيبتان، ويتوقف ليضع حقيبتيه على الأرض ويعيد تصفيف شعره أمام الناس، بكل بساطة، ويجلس على كرسي عادي يتبادل التحايا السريعة مع نظرائه، هاي هاي، وعلى طول يدخلون في صلب الموضوع ويناقشون نقاط الضعف ليخرجوا باتفاقيات وتنازلات متبادلة، ويصارحون شعوبهم بما اختلفوا فيه أو اتفقوا عليه. ليت الوزراء هؤلاء يتعلمون أصول الاتيكيت من وزرائنا العربان، وكيف يدخل الواحد منهم قاعة الاجتماعات وخلفه جيش جرار يزأر ولا الأسد الهندي، يتقدم الجيش حامل الشنطة، يليه قائد الميمنة حامل البشت، فقائد الميسرة حامل الموبايلات، ومن خلفهم يسير جمع لا يُرى آخره، وفي قاعة الاجتماعات يجلس الواحد منهم على كرسي يشبه عروش ملوك القبائل الإفريقية، وهات يا تبادل تحايا وابتسامات وخمبقات تستغرق ثلاثة أرباع الوقت لينتهي الاجتماع على الفشوش فتبدأ صحافتنا العربية مهامها بتقليب الحقائق على بطنها ودعك أسفل ظهرها.

وخذها قاعدة، كل قوم يكثر تبادل السلام والتحايا بينهم، هم قوم من برادة الخشب، لا يعادلون في سوق الصرافة خمسين فلسا مما تعدون. وكلما ارتفع مستوى الثقافة قل اللت والعجن في تبادل التحايا... وشخبارك؟ أبد، في هالدنيا/ شخبارك بعد؟

تمام/ شمسوّي؟ الحمد لله... وهلمّ خرطا.

وعسى ألا ينتقل خراطنا إلى جيلنا الجديد، الذي غفلنا عنه فانتبه إليه مجموعة من أصحاب الفكر المدني الخلاق، ودفعوا من جيوبهم الخاصة مصاريف حملة إعلانية ملأت الشوارع بلوحات تحمل صور أطفالنا وهم يخاطبوننا نحن الكبار: "مستقبلنا بإيدكم لا تضيعونه"، وهي لوحة تكاد تجبرك على إيقاف سيارتك بجانبها والصعود عليها لتقبيل جبين كل طفل فيها. والحمد لله أن الصور لأطفال لم يعرفوا بعد أن مؤسسة "البربسة"، الخطوط الجوية الكويتية، برئاسة السيد الهمام حمد الفلاح حققت رقما قياسيا في الخسائر هذه السنة، بما يعادل خسائر ثلاث سنوات من عهد الشيخ طلال المبارك، رئيس مجلس الإدارة السابق. والبدو يقولون: "ضربة من عمك محمود تسوى ضربات البدو كلها"، ونتيجة أداء السيد حمد الفلاح تقول: "إذا ضربت فأوجع"، وهو ضربنا فأوجعنا، لا شلت يمينه.

وبعد عشرين عاما من الآن، أظن أننا سنشاهد اللوحات تملأ الشوارع وعليها صور الأطفال بعدما كبروا وهم يوجهون حديثهم إلينا، نحن الكبار: "آبوكم لابو آبوكم"... والله يغربل أوباما وسيرة أوباما.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top