السهل والصعب يا شيخ ناصر!
عشنا عرساً ديمقراطياً فريداً الثلاثاء الماضي، وضرب الشيخ ناصر المحمد أروع الأمثال في احترام الديمقراطية وتنفيذها بشكل ممتاز، واستحق أن يدخل موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، فهو أول رئيس وزراء كويتي يعتلي المنصة للمساءلة ويقف ليفنّد ويجيب عن محاور استجواب النائب فيصل المسلم.وكما يستحق الرئيس الإشادة، فإن النائب فيصل المسلم يستحق الإشادة بنفس القدر إن لم يكن أكثر من الرئيس، ذلك أن المسلم اختار الطريق الصعب وصُنّف كمعارض وواجه الرئيس بتساؤلات ربما لا يجرؤ غيره أن يقدمها لرئيس الوزراء إلا من يمثل الشعب وليس من يمثل عليهم، وكان المسلم واضحاً وصريحا شفافاً ومصراً على موقفه حتى النهاية فكانت المحصلة استجواباً راقياً من الطرفين.من لا يستحق الإشادة ولا يتسم بالرقي، هم مجموعة الجوقة وفرقة «حسب الله» التي وقفت تطبل وتهلل وتزمر وترقص أيضاً في مواضع كثيرة، سواء في ساحة الإرادة أو على شاشات المحطات المعروف توجهاتها، أو على صفحات الصحف التي نعرفها أيضاً... ومع الأسف إن هؤلاء المطبلين غايتهم مكشوفة وأساليبهم معروفة وأهدافهم واضحة إلا لشخص الرئيس.هذه المجموعة من المطبلين حاولت قدر الإمكان تغيير الحقائق والتعتيم عليها، فهي تحاول أن تصنف كل من يعارض رئيس الوزراء بأنه يعمل على قلب نظام الحكم ولا يرضى بحكم آل صباح، وهؤلاء المنتفعون من الشيخ ناصر المحمد بشكل مباشر وغير مباشر مع الأسف وجدوا آذاناً صاغية رغم أن الحقيقة مخالفة لذلك تماماً.. واعتبروا أنفسهم أوصياء على الشعب وعلى أحكامه ومواقفه، وسيّروا كل من يعمل لديهم من وافدين وغيره في تجمعات تنادي بالكويت وآل صباح، وتلعن كل من يعارض رئيس الوزراء، في محاولة بأن تصف هؤلاء بأنهم رافضون لحكم آل صباح.وإذا ما عدنا بالتاريخ إلى الوراء قليلاً فسنجد أن العكس هو الصحيح تماماً، فبينما فر هؤلاء إلى دولهم الأصلية أثناء الغزو الغاشم، بل إن منهم من خرج مؤيداً للطاغية في مظاهرات في بلادهم، نجد المعارضين حالياً للشيخ ناصر المحمد، ومنهم النائب أحمد السعدون، هم أول من التف حول الشرعية الكويتية وجددوا البيعة لآل صباح في مؤتمر جدة، ولم يقبلوا بغيرهم رغم الأوضاع السانحة وقتها للخيانة والتمرد كما تلصق بهم هذه الصفات الآن. إن معارضة رئيس الوزراء ناصر المحمد لا تعني معارضة ناصر المحمد الشخص ابن الصباح وابن الكويت، ولكن هذه خلافات في وجهات النظر السياسية، واعتراض على طريقة عمل وأداء الحكومة وليس اعتراضاً على ناصر المحمد الشخص، أو رفضاً لحكم آل صباح كما تحاول تلك الجوقة الاصطياد في الماء العكر.يا شيخ ناصر... من السهل جدا أن نطبل لك، وأن نمجد فيك كما يفعل هؤلاء المنتفعون، لكن الطريق الصعب هو أن نصدقك القول ونعارضك أو نعترض على أسلوب إدارتك للبلاد... وعليك وعلى الجميع من الشرفاء أن يحترموا هذا، أما غير الشريف فهو من يحاول الإيقاع بين الأطراف المختلفة في الرأي، ومن يحاول أن يوجد المبررات لابتزازه وانتفاعه، ويعمل بكل جهده لإشعال النار التي ستأكله هو إن شاء الله.خارج نطاق الموضوع:لا نعلم كيف يفكر بعض النواب؟ وكيف يبدلون مواقفهم بين عشية وضحاها؟ ولماذا يسارعون للتبرع بالدفاع عن رئيس الوزراء حتى قبل أن يأتي الوقت المناسب لهذا؟ فالآن لدينا 37 نائباً سارعوا في تجديد الثقة بالشيخ ناصر المحمد رغم أنه لم يُطلب منهم إعلان مواقفهم، وهناك موعد محدد للتصويت في «قاعة عبدالله السالم»، حيث يكون إعلان مثل هذه المواقف في حينه.كذلك أيضاً من الغريب والمستهجن أن النائبين سعدون حماد ومحمد الحويلة كانا من بين من أعلنوا موقفهم بتجديد الثقة بالرئيس، رغم أن موعد استجوابهما لرئيس الوزراء قد حان بعد أن انتهت مهلة موضوع أم الهيمان التي منحها النائبان للرئيس لإنهاء المشكلة أو استجوابه... فهل سيمنحان الرئيس الثقة وفي اليوم التالي مباشرة يستجوبانه؟!