الدستور في بيئة سياسية رديئة

نشر في 25-04-2010
آخر تحديث 25-04-2010 | 00:01
 مظفّر عبدالله أول العمود: توفي في مثل هذا اليوم سنة 1960 شاعر الكويت المعروف فهد بورسلي... الذي أهدى لوزير الكهرباء والماء بيتين من  قصيدة شهيرة له عن نقص المياه في الزمن الماضي (وانقطاعه المبرمج اليوم) رغم وجود النفط، يقول يرحمه الله:

 ليت هالنفط الغزير... ينقلب ماي غدير

 ما نبي النفط ومعاشه... صرنا للعالم طماشة

***

جميل أن يدور حوار حول تعديل الدستور وفقاً لشروط سياسية واجتماعية واقتصادية ملائمة وطبيعية، وهي شروط مفقودة في الزمن الذي نعيشه اليوم بسبب أن كثيراً من المواد الدستورية، ومعها قوانين أخرى، لا تجد سبيلاً للتطبيق على الأرض، أو أنها شُرِّعت مخالفة للدستور ذاته!

في ظني أن مسألة "جودة الأداء السياسي" كانت هاجس عضو مجلس الأمة المحترم علي الراشد، فهو يرى من خلال قراءة ما طرحه من تعديلات ما يراه المواطن العادي من امتعاض بسبب تردي الممارسة السياسية التي باتت مكلفة على الأمن الاجتماعي. لكن السؤال هنا: هل نحن بحاجة إلى تعديل الدستور أو إلى سد الفراغ القانوني الذي تعانيه العملية السياسية بوجهيها، البرلماني والحكومي؟

الكل ينادي بممارسة سياسية ناضجة، وينسحب ذلك على الحكومة بالأصل والبدء، ولأن العملية السياسية اليوم تنقصها أدوات ضرورية، وغيابها ينتج عنه رداءة في الأداء سواء في المجلس أو الحكومة، فقد بات من الضرورة تكثيف الجهود التي تساهم في رفع مستوى جودة الأداء السياسي.

نحن، على سبيل المثال، نمارس السياسة دون قانون للأحزاب، وهذا في العرف السياسي خلل بالغ ونقص واجب السداد، والأحزاب بموجب قانون إشهارها المفترض يجب أن تنبذ الفئوية والتعصب الديني والقبلي، وألا تكون هذه الأمور أساساً لعضويتها، وبذلك تصبح أداة صهر للتمايزات الاجتماعية وتنتج لاحقاً أعضاءً برلمانيين يتحدثون عن برامج واقعية واضحة يمكن المحاسبة عليها من قبل الناخبين، ومعروف أن تشريع قانون للأحزاب سيساهم بالضرورة في تعديل قانون الانتخاب وتحسين شروط الترشح وإدارة عملية الانتخاب برمتها، كما حدث في التقدم الجزئي بعد تعديل شروط الدعاية الانتخابية بموجب تعديل المادة (31) و(31) مكرر للقانون (35) لسنة 1962 الخاص بالانتخاب، حيث تساوى المرشحون في أعداد المقار الانتخابية وحجم الدعاية. (بالمناسبة هناك أربعة مقترحات لإشهار الأحزاب أحدها للدكتور محمد المقاطع، وثانيها  للنائب علي الراشد، وثالثها للنائب عبدالله عكاش، ورابعها لحركة "حدس").

من النواقص الأخرى التي تعطل مفهوم جودة الأداء السياسي تأخر إقرار قانون كشف الذمة المالية لأعضاء الحكومة والمجلس ومسؤولي الدولة، والذي يؤدي وجوده إلى خفض حالات الاعتداء على المال العام، بل إلى إعادة تعريفه في الذهنية الكويتية، وجعله من المحرمات السياسية، وتنسحب المطالب كذلك لتشريع قانون تعارض المصالح، وتطبيق الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وغيرها من القوانين الناقصة في بيئة العمل السياسي الكويتي، لذا فإن الحديث عن تعديل للدستور في الوقت الحالي فاقد للشروط، فالأولى تشريع قوانين مطلوبة وتفعيل قوانين وتعديل كل قانون مخالف للدستور، وهذا واجب كل نائب.

بالطبع الحكومة طرف أساس فيما نقول، فهي مطالبة بأخذ زمام المبادرة في عملية الإصلاح بدءاً من تقديم الخطط ووضع معايير لاختيار الوزراء وانتهاء بتشجيع سياسات الشفافية في التعامل مع البرلمان، وهو ما نفتقده اليوم.

back to top