افتتاحية دولة قانون أم إمارة فتاوى؟
من مبادئ وأولويات الدستور، ليس النص الدستوري بحد ذاته، وإنما قبله وأسبق منه معاني ومرامي حريات البشر. ولم تكن مقاصد المُشَرِّع الدستوري سوى الحرية الإنسانية بحدود المعنى الدستوري وحكم الشرعية التي لا يسبغ عليها صفة السمو إذا لم يكن غرضها في نهاية الأمر حريات الأفراد. خرجت علينا بالأمس فتاوى زعم أربابها من بعض نواب مجلس الأمة الموقر أن سندها الشرع والعادات والتقاليد الرصينة، كما يُؤوِّل ملاكها حكم الشرع، وكما يُفسِّر مشايخها أحكام العادات والتقاليد.
فمرَّة زج هؤلاء بقضايا مثل المقاهي ووضع مواقيت لإغلاقها وساعات محددة لعمل المرأة، ومرة أخرى شغلوا البشر وهمَّشوا قضايا الوطن الكبرى، من غياب رؤية للتنمية المستدامة إلى تبديد مقدرات الدولة ومستقبلها بخطاب شراء ودِّ الناخب اليوم ولو على حساب الغد.حين نحتكم إلى دولة القانون وما يخلق روح القانون، فنحن نلجأ إلى أولوية العدل ومبدأ المساواة، ولا نفهم تلك الثرثرة من البعض عن المشاركة النسائية في الرياضة، ولا أن يزعم ولاة اليوم أن مثل هذا الأمر خروج على الشرع، ونكران للعادات والتقاليد! ولا نفهم إلا أن الدستور يعني المساواة بين المواطنين في الحقوق والحريات والالتزامات بصرف النظر عن جنسهم أو طائفتهم أو عروقهم. ولا نعي من الدستور غير معنى النص وروحه، لا شرعية أو عدم شرعية فتاوى فقهاء السياسة والدين التي تضرب بأحكام المحكمة الدستورية ومبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط، وهنا سؤالنا لأصحاب القرار ومَن بأيديهم مقاليد الأمور: هل ارتضيتم بحكم الفتاوى بدلاً من حكم الدستور؟ نسأل هيئة الشباب والرياضة التي «تسير مع المايه» والتي استظلت بفتوى إدارة الإفتاء وبالضوابط الشرعية المزعومة في شروط مشاركة المرأة في الحركة الرياضية... كيف تفهمون «الشرعية» وما هو سندكم؟ وأي شرعية تخاطبوننا بها... شرعية المساواة بين البشر وحكم القانون، أم شرعية الملا عمر وبن لادن وأيمن الظواهري؟. ردُّوا علينا. أين هي مرجعية الحكم، روح الدستور، أم فتاوى السياسة المغلَّفة بحكم الدين؟