كيف فاز نجاد؟

نشر في 16-07-2009
آخر تحديث 16-07-2009 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي في المقال السابق تناولنا بعض الأمثلة للتضليل الإعلامي الموجه، إضافة إلى ردود الفعل الغربية التي تكيل بمكيالين حيال نتائج الانتخابات الإيرانية، أما اليوم فسنتطرق إلى نتائج الانتخابات ذاتها، وهل كان فوز الرئيس أحمدي نجاد مفاجأة حقاً أم أمراً متوقعاً؟ وهل كان هناك تزوير؟ وكيف؟

وكما قلنا سابقاً، فإن التدخل الغربي في الانتخابات عبر توجيه وسائل الإعلام كان يستهدف الرئيس نجاد، نظراً إلى ما سببه هذا الرجل من عقدة وهمّ على الغرب طوال السنوات الأربع الفائتة، لأنه نقل إيران من سياسة ردود الأفعال إلى صنع الفعل والأحداث. وبالتالي تم توجيه الإعلام إلى دعم منافسه الرئيسي مير حسين موسوي. فتحركت ماكينة الدعم لشهر كامل عبر تقارير صحافية وتلفزيونية خلقت أجواء لمصلحة موسوي حتى توهم أنه فعلاً مدعوم من الغالبية العظمى من الشعب، معتقدا أن كل إيران هي على شاكلة شمال طهران، وهكذا توهم العالم بعد ظهور النتائج.

وهذه الحملة الإعلامية الغربية الشرسة كان هدفها تحقيق الربح سواء فاز موسوي أو خسر، فإن فاز يتحقق هدفها بإزاحة نجاد، وإن خسر فإنها تتسبب في حدوث بلبلة وشبهات، وكلتا الحالتين تهدف إلى ضرب النظام وإضعاف موقف إيران في المفاوضات على برنامجها النووي. إنها فعلا معركة أمم ومصالح دولية استخدم فيها موسوي، وانساق وراءها الكثيرون بسذاجة أو بانتهازية.

البعض يقول إن نسبة التصويت المرتفعة وغير المسبوقة كان يفترض لها أن تصب في مصلحة موسوي لأنها مؤشر على تصويت معارضي نجاد، لكن هذا الكلام ليس دقيقاً. نعم شهدت هذه الانتخابات زيادة في تصويت معارضي نجاد والمحافظين (ومن بينهم معارضو النظام) لأنهم توهموا أن لديهم فرصة لإطاحته نتيجة للحشد الإعلامي الغربي المؤيد لموسوي.

لكن في الوقت نفسه شهدت هذه الانتخابات زيادة كبيرة في تصويت مؤيدي نجاد نتيجة لثلاثة عوامل رئيسية: أولها، المناظرات التلفزيونية التي كانت عاملاً للإثارة ولشد الناس نحو الانتخابات، وكان نجاد الرابح الأكبر من هذه المناظرات نتيجة لقوة حجته وقدرته على الرد على جميع الشبهات، بل وإحراج منافسيه.

أما العامل الثاني فهو جني نجاد لعمله الدؤوب خلال الأعوام السابقة التي قام خلالها بستين زيارة للمحافظات مصحوباً بوزرائه، وقام بإقرار المشاريع ومتابعة تنفيذها على الأرض بدلاً من إضاعة الوقت في نقاش فلسفي لا فائدة منه ولا يخدم المواطن بأي شيء.

وكان العامل الثالث هو شعور الغالبية العظمى من الإيرانيين بأن نجاد يمثلهم بحق وينتمي إلى الأغلبية الذين يعيشون حياة بسيطة لا حياة مخملية، وقد ترجم نجاد هذا الانتماء فعلياً عن طريق دعم طبقة الدخل المحدود ببرامج عدة اجتماعية وصحية وغيرها. ولهذا رأينا خروج أهالي المحافظات والقرى والمدن الصغيرة وحتى أجزاء مهمة من المدن الكبيرة بكثافة للتصويت لنجاد، وكل العوامل السابقة كانت سبباً لبلوغ نسبة التصويت غير المسبوقة 85 في المئة.

ويكفي أن مؤسستين أميركيتين لاستطلاعات الرأي توقعت فوز نجاد بمعدل 1:2، لكن يبدو أن البعض لم يكن يريد تقبل هذه النتيجة، ولهذا كان من المستغرب أن يخرج موسوي بعد بدء الفرز مباشرة ليعلن فوزه، وكأنه أدرك أنه خسر لكن أراد أن يحدث الفوضى لعدم تقبله الخسارة. فهو اعتمد في احتجاجه على الجو العام المؤيد له في طهران، ولم يبين أين وقع التزوير بالضبط؟ لأنه يدرك أن التزوير بهذا الفارق الكبير مستحيل في ظل مراقبة مندوبي المرشحين وعدة جهات مختلفة للتصويت والفرز. هذا إضافة إلى أن الناخب يبصم على ورقة انتخابه، إضافة إلى ورقة أخرى يحتفظ بها المنظمون، وبذلك يستحيل إضافة أوراق انتخاب إلى الصناديق مثلما هو حاصل في بعض الدول العربية المشهورة بالتزوير السافر، والمدعومة- بالمناسبة- من الدول الغربية التي تدَّعي المناداة بالديمقراطية واحترام رأي الأغلبية! أما عن ردة فعل الإعلام العربي على النتائج فسنتطرق إليه في مقال مقبل إن شاء الله.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top