ما قل ودل: الضمانات الديمقراطية في عمل اللجان البرلمانية

نشر في 06-04-2010
آخر تحديث 06-04-2010 | 00:00
 المستشار شفيق إمام أثير في لقاء جمعني وبعض القيادات البرلمانية السابقة ما جرى عليه العمل من حضور نواب من خارج اللجان اجتماعاتها، ومشاركتهم في المناقشة وتوجيه الأسئلة والانتقادات إلى الحكومة، وأبديت رأيي في هذا اللقاء، بالاستناد إلى نص المادة (54) من اللائحة الداخلية التي لا تجيز لنائب من خارج اللجنة أن يتدخل في المناقشة أو يبدي أي ملاحظة، إذا وافقت اللجنة على حضوره، لأن هذه الموافقة تقتصر على حضوره مستمعا فقط، ورأى البعض أنه عُرف مكمل أو مفسر لأحكام هذه المادة ولا سبيل للرجوع عنه.

وأحسست من نظرات الجميع بأن ما قيل عن العرف المكمل أو العرف المفسر، إنما هو تبرير ما يحدث، وليس تفسيرا له، فهم يعلمون مثلي تماما، أن العرف مكمل أو مفسر للتشريع ولا يمكن أن يخالفه.

النائب محمد المرشد ملتزم بأحكام اللائحة

ولأن الأمر لا يرتبط بسير العمل في وزارة معينة، بل بأحكام الدستور وآلية العمل في السلطة التشريعية، والضمانات الديمقراطية التي أحاط بها الدستور واللائحة الداخلية لهذه الآلية، فقد كان النائب المحترم السابق محمد المرشد حريصا كل الحرص على الالتزام بأحكام هذا النص، إبان رئاسته للجنة حقوق الإنسان، في الفصل التشريعي السابع، فكان يحرص على الحصول على موافقة أغلبية الحاضرين من أعضاء اللجنة على انضمام أي نائب من خارجها إلى اجتماعها، وبعد موافقة اللجنة على انضمامه يرحب بالعضو الزائر ويتلو عليه نص المادة (54) من اللائحة، وينبه عليه بعدم التدخل في المناقشة أو إبداء أي ملاحظة احتراما والتزاما بأحكام هذا النص.

وقد رأيت أن من واجبي أن أتصدى لبحث هذه المسألة ذات الخطر الكبير على الممارسة الديمقراطية، بوضع النقاط على الحروف فيها:

النقطة الأولى: ضمانات التنظيم الديمقراطي للجان

وقد حرص الدستور على أن يكون تشكيل اللجان البرلمانية تشكيلا ديمقراطيا بطريق الانتخاب، وعلى أن يجري تداول عضوية لجان البرلمان بين الأعضاء، عند انعقاد كل دور من أدوار الانعقاد السنوية بأن نصت المادة (93) على أن يؤلف المجلس لجانه في استهلال كل دور من أدوار انعقاده السنوية، وطبقا لأحكام اللائحة الداخلية ينتخب المجلس، بالأغلبية النسبية أعضاء كل لجنة من لجانه العشر الدائمة التي نصت عليها اللائحة، فضلا عن لجانه الأخرى الدائمة والمؤقتة التي تقتضي الحاجة إلى تأليفها.

واستكمالا للتنظيم الديمقراطي لعمل اللجان فقد حرصت اللائحة الداخلية للمجلس على تقرير بعض الضمانات، لتمثيل كل التوجهات والأطياف والآراء بأن نصت على الضمانات الآتية:

1ـ أنه لا يجوز للعضو انتخاب أكثر من نصف العدد المطلوب لكل لجنة وإلا اعتبر رأيه باطلا.

2- أن يشترك كل عضو في لجنة على الأقل.

3- عدم جواز الاشتراك في أكثر من لجنتين دائمتين.

4- عدم جواز أن يكون العضو رئيسا أو مقررا لأكثر من لجنة دائمة واحدة، وأن يكون رئيسا للجنة ومقررا للجنة أخرى.

وقد أضيفت الضمانتان الأولى والرابعة بناء على اقتراح بقانون قدمه النائب المحترم مشاري العنجري ضمن تعديلات أخرى كثيرة أقرها المجلس بالقانون رقم 8 لسنة 2007.

النقطة الثانية: القيود على حضور نائب من خارج اللجنة

وفي سياق الضمانات الديمقراطية التي قررتها اللائحة الداخلية لنظام العمل باللجان، قيدت اللائحة حضور أي عضو من خارج اللجنة اجتماعاتها بموافقة اللجنة، كما حظرت عليه التدخل في المناقشة أو إبداء أي ملاحظة، فيما نصت عليه المادة (54) من اللائحة الداخلية من أنه (لكل عضو من أعضاء المجلس حضور جلسات اللجان التي ليس عضوا فيها بشرط موافقة اللجنة على ذلك، على أن لا يتدخل في المناقشة ولا يبدي أي ملاحظة).

وهي ضمانه استكملها المشرع في اللائحة الداخلية بالضمانات الأربع السابقة.

النقطة الثالثة: ضمانات لتمثيل كل التوجهات والأطياف

وهي جميعا ضمانات قصد بها تمثيل كل التوجهات والأطياف والآراء في لجان المجلس كلها، وعدم وقوع هذه اللجان تحت سيطرة فكر واحد أو توجه واحد.

وفي حضور أعضاء من خارج اللجنة اجتماعاتها، للتأثير في سير المناقشات فيه، ما قد يغير اتجاه التصويت في اللجنة إلى غير ما تراه أغلبية أعضاء اللجنة، وهو أمر قد يفتح الباب واسعا، لكي تستقوي الأقلية في اللجان، بأعضاء من خارجها للتأثير في باقي أعضاء اللجنة وتغيير مسار التصويت، فتفوت الحكمة من تقرير هذه الضمانات فضلا عن أن مخالفة أحكام المادة (54) من اللائحة هي مخالفة للنظام الديمقراطي الذي يقوم عليه تشكيل وعمل اللجان البرلمانية، ومخالفة لأحكام الدستور ذاته بسب الطبيعة الدستورية لأحكام اللائحة.

وللحديث بقية أن كان في العمر بقية.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top