خذ وخل: العاطلون في الأرض!


نشر في 04-11-2009
آخر تحديث 04-11-2009 | 00:01
 سليمان الفهد في مسرحية «أنا وهو وهي» التي عرضت في عقد الستينيات من القرن الماضي لعلنا نتذكر مقولة «دسوقي أفندي» كاتب المحامي، الزاعمة أن مصر «بلد شهادات» وكان الدور يضطلع به «عادل إمام» في بداية مسيرته المسرحية، والمقولة السالفة الذكر تنسحب على الأقطار العربية كافة. سوى أن أصحاب الشهادات لم يعد يتباهى بكثرتهم أحد البته، لأنهم يشكلون عبئا على المجتمع الذي يعيشون فيه، لأن تخصصاتهم النظرية غير مرغوبة في سوق العمل، ولذا تجد أن طوابير بطالة الجامعيين لها أول وليس لها آخر، والواقف في الطابور يحظى بمنحة بطالة وعطالة تنفحها له الحكومة جزاء وفاقا على بطالته، إلى حين ميسرة قد تحدث سريعا، وربما تطول سنوات عديدة.

والمهم أن الخريج العاطل لا يمل الانتظار، لقناعته اليقينة بأن الرشيدة العاقلة ملزمة بإيجاد عمل له، لينضم إلى حشود البطالة المنقبة والمقنعة والسافرة جهاراً نهاراً، دون أن تخشى في البطالة السافرة لومة لائم!

والحق أنه لا لوم ولا تثريب على طوابير العاطلين الجامعيين المدللين الذين يختارون التخصص الذي يروق لهم، أو يتورطون به من جراء التقدير العام والذي منه، بل اللوم يقع على الجهات التربوية المختصة، التي لم توفر للطلاب (من الجنسين) التخصصات العلمية التي تحتاجها البلاد، كما فعلت إدارة المعارف حين أنشأت الكلية الصناعية في عقد الخمسينيات لتأهيل وتخريج أصحاب المهن اليدوية كالنجارة، والسمكرة والحدادة، والكهربائي وما إلى ذلك من حرف يدوية، اعتدنا أن نوكلها إلى العمالة الوافدة، بدعوى أن الشغل اليدوي يثلم نقاء أديم الأصل والحسب والنسب، ويصمه بـ»عار» العمل اليدوي الشريف «المشين»، ومن هنا صارت الكلية الصناعية مجرد محطة ينطلق منها الهاربون من الثانوية العامة إلى الدراسة الجامعية بأي تخصصات دراسية تروق لهم.

وصارت الحكومة الرشيدة في حالة حيص بيص من جراء كثرة العاطلين الجامعيين الذين ينادون «بحقهم» في التعيين والتوظيف، وبين عامة الموظفين الراغبين في زيادة مرتباتهم بكل حين، بدعوى أنها لا تماثل مرتبات أقرانهم في دولة الإمارات مثلا. ولعلي لا أغالي إذا أشرت إلى أن هذا المسعى مستحيل التنفيذ، لأن دولة الإمارات ريعية الامتياز! إذ يحظى المواطن فيها بامتيازات لا يحلم بها المرء في عرس أمه، كما يقال.

ولعل النكتة التي سأرويها حالا إذا لحقتني تختزل واقع حال الموظف الكويتي وتطلعاته الريعية الكاملة الدسم:

سأل كويتي صديقه الإماراتي كم راتبك يا أخا النفط؟! قال: خذ عندك: راتبي 5000 درهم بالصلاة على النبي، وبمعيته 90000 درهم سنويا بدل سكن، و1200 درهم للمواصلات وحرب الشوارع! و2000 بدل غلاء معيشة، و1000 درهم للماء والغاز والكهرباء، فضلا عن سيارة جديدة تتغير كل مدة، وتذاكر درجة أولى للعيال وأمهم، وما إلى ذلك من مزايا ينعم به المواطن الإماراتي، على ذمة النكتة التي وردتني على «البراق» الخاص بي، و»البراق» هو «الإيميل» إن كنت لا تعلم. الشاهد أن الإماراتي سأل صديقه الكويتي قائلا: وأنت كم راتبك؟ قال الكويتي: 550 ديناراً. سأله الإماراتي «هذي بدل شنو؟» قال له الكويتي: هذي بدل ما «أطر» وأشحذ!!

back to top