التوابل والأعشاب... تعرّفوا إلى عالمها
يعمد أهمّ الطهاة في العالم إلى استعمال أعشاب وتوابل لذيذة في أطباقهم، علماً أنّ الناس في معظمهم اليوم لا يولون أهمية كبرى لهذه المكوّنات لأنهم غالباً يأكلون خارج المنزل. من المؤسف أن يغضّ الناس النظر عن تناول التوابل والأعشاب نظراً إلى غناها بمكوّنات مفيدة كتلك الموجودة في الفاكهة والخضار تقريباً. قد يفسّر ذلك السبب الذي يجعلها معروفة بخصائصها الصحية والعلاجية في الطب التقليدي، وها هي العلوم القديمة تساعدنا اليوم في فهم منافع هذه المكوّنات الصحية.
تكثر أنواع الأعشاب والتوابل المدهشة. في ما يلي بعض الأنواع التي يجب توافرها في كل مطبخ.الكركمأحد أنواع بهارات الكاري، لونه أصفر مائل إلى برتقالي. شكّلت مادة الكركمين الناشطة الموجودة في هذا التابل موضوع بحث علمي لفترة طويلة سعياً إلى إثبات منافعها الصحية المحتملة. في الواقع، تبيّن أنّ الكركمين تتمتع بخصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب وحتى مكافِحة للسرطان، ما زاد اهتمام العلماء بالكركم وعزز احتمال إدراجه ضمن علاجات أمراض عدة مثل التهاب المفاصل والتهاب الأمعاء وغيرهما من الأمراض.كذلك، قد يثبت قريباً أنّ الكركم يفيد الدماغ، إذ تتزايد الأدلة على احتمال أن يساهم هذا التابل في الحماية من مرض الزهايمر من خلال تخفيف الالتهابات ومنع تكدّس الصفيحة التي تظهر في دماغ المصابين بهذا المرض. ربما يفسّر استهلاك هذا التابل المنتظم سبب تراجع مرض الزهايمر في الهند.لكن لا يجب عقد الآمال على هذا العنصر بشكل مبالغ فيه. في الواقع، لا يمتصّ الجسم مادة الكركمين الناشطة بنسبة جيدة، وهو يتخلّص بسرعة من النسبة القليلة التي يمتصها. راهناً، يجري العلماء التجارب في المختبرات على الحيوانات لا على البشر، ما يعني أنهم يحتاجون إلى اكتشاف الكثير بعد حول كيفية استعمال الكركم لتحسين الصحة.الثوممن المعروف أنّ الثوم يتمتع بخصائص تحمي صحة القلب. برز بعض الأدلة التي تشير إلى أنّ استهلاك الثوم بشكل منتظم قد يحمل منافع صحية في مجال منع أو إبطاء تطوّر أمراض القلب والشرايين. تشمل هذه المنافع: تخفيض مستويات الكولسترول، تخفيف لزاجة الدم، والحماية من تصلب الشرايين وتكدّس الصفائح داخل جدران الشرايين. لكن تبقى الأدلة غير كافية وغير جازمة. لا يجب المبالغة في تعليل النفس إذاً والتفكير بأنّ إضافة الثوم إلى النظام الغذائي ستُحدث فرقاً كبيراً.على صعيد آخر، برز اهتمام كبير على مستوى خصائص الثوم المكافِحة للسرطان. يصعب دراسة هذه الأمور بدقة على البشر، لكن يبدو أنّ إضافة الثوم إلى الحمية الغذائية ترتبط بالحماية من بعض أنواع السرطان، وتحديداً سرطان المعدة والمستقيم.الزنجبيلطالما عُرف الزنجبيل بخصائصه العلاجية والطبية. من بين منافعه الصحية: تخفيف الغثيان ومعالجة المشاكل الهضمية. كذلك، يُعرَف بأنه مضاد التهاب طبيعي وله سجلّ حافل في تخفيف الأوجاع والتهاب المفاصل. بدأت العلوم المعاصرة تعترف بما كان الطب القديم يعرفه منذ عصور. يحتوي الزنجبيل على عدد من العناصر الناشطة، ويتمتع بخصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب.البهارات الحارة وفلفل الكايينتضفي البهارات الحارة طعماً لذيذاً جداً على مختلف الأطباق شرط إضافة الكمية المناسبة منها. ومادة الكابسايسين الناشطة هي التي تعطي النكهة الحارة لهذه البهارات. انصبّ معظم التركيز في هذه التوابل على الاستعمال الموضعي في المراهم المخدِّرة لمعالجة بعض أنواع الأوجاع العصبية، إذ يظنّ بعض الباحثين أنها تساهم في إعاقة مسار مؤشرات الألم التي يرسلها الجسم إلى الدماغ.بالإضافة إلى الخصائص المضادة للالتهاب والمخدِّرة للوجع، برز بعض الأدلة على أنّ استهلاك البهارات الحارة، وبالتالي مادة الكابسايسين، بشكل منتظم قد يساهم في حرق طاقة أكبر. لكن ثمة على الأرجح طريقة أسهل وأكثر فاعلية لفقدان بعض الكيلوغرامات.صحيح أنّ فلفل الكايين كان يُعتبَر تقليدياً نوعاً من المحفزات الهضمية، لكن لا يعني ذلك المبالغة في استهلاكه، فقد تؤدي كمية كبيرة من الفلفل إلى إزعاج المعدة، حتى أنّ بعض الدراسات التي تبقى غير جازمة ذهب إلى حدّ القول إنّ تناول كميات كبيرة من الفلفل قد يؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بسرطان المعدة.الفلفل الأسودينصح معظم الطهاة باستعمال كمية متنوعة من التوابل اللذيذة في مختلف الأطباق، ويُعتبر الفلفل الأسود تحديداً أحد أكثر البهارات شيوعاً. ليس هذا النوع استوائياً، لكنه يجذب الاهتمام لأسباب أخرى عدا عن النكهة اللذيذة وحدها.ثمة مادة شبه قلوية في الفلفل الأسود، وهي المادة الأساسية الناشطة فيه. كشف الباحثون الذين كانوا يحققون في خفايا هذا العنصر أنّ له آثاراً متنوعة مثل تحفيز عملية الهضم وتحسين عملية امتصاص المغذيات، ولا ننسَ خصائصه المضادة للأكسدة والمكافِحة للاكتئاب، بالإضافة إلى آثار إيجابية أخرى.لكن لا يعني ذلك أن زيادة نسبة استهلاك الفلفل الأسود ستحمل هذه المنافع جميعها. في الواقع، تختلف تجارب المختبرات التي تستعين بخلاصات خاصة عن الحمية الغذائية الواقعية. لكن من المدهش أن نظنّ بأنّ تابلاً مثل الفلفل الأسود يحتوي على هذه المكوّنات المفيدة.بهارات غارام ماسالا الهنديةعبارة عن خليط من التوابل الحارة التي تُستعمل في مختلف الأطباق الهندية. لا وجود لوصفة معينة تحدد الأنواع الصحيحة التي تتشكل منها هذه البهارات، لكنها قد تحتوي على حب الفلفل الأسود بالإضافة إلى توابل أخرى معروفة بمفعولها المضاد للأكسدة مثل بذور الكمّون والكزبرة والقرفة وغيرها.تماماً مثل الفاكهة والخضار، ستحصل على خليط من المكونات النباتية المفيدة في حال تناول مجموعة متنوعة من البهارات.