«كفى مزايدات... وخلونا ساكتين»!


نشر في 02-07-2009
آخر تحديث 02-07-2009 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي أعتقد أن استجواب وزير الداخلية هو من أكثر الاستجوابات، التي يصعب فيها الحكم والتشخيص الصحيح، ذلك لأن الأمر مرتبط بما سيحدث بعد الاستجواب من أمور قد لا تُحمد عقباها، في ظل نهج يتحدى تطبيق القوانين ويريد للأمور أن تسير كما سارت في السنوت الماضية.

نعم الوزير مخطئ حتى النخاع في المحور الأول، وجوابه غير مقنع إطلاقاً، ولا يوجد أي تبرير لتمرير مثل هذا العقد بهذا المبلغ الخيالي، لكن هذا المحور كلمة حق يُراد بها باطل، والوقوف مع طرح الثقة بالوزير بهذه الطريقة هو نصرة غير مباشرة للباطل، الذي أراده المستجوب وبعض نواب الفرعيات من خلال هذا الاستجواب.

هذا لا يعني طبعاً السكوت عن هذه الفضيحة، بل يجب على الوزير استرداد الفارق بين عقد هذا العام والعام الماضي، ومعاقبة كل مَن جهّز له هذا العقد المشبوه، ويجب على النواب متابعة هذا الملف إلى النهاية.

لكن إذا كان هدف الاستجواب حماية المال العام فهناك مخالفات وهدر بالجملة وبمبالغ أكبر بكثير من 5 ملايين، ومع ذلك لم نرَ النائب البراك يحرك لها ساكناً، وأبرزها الخسائر الفادحة بمئات الملايين التي تكبدتها مؤسسة التأمينات من عمليات «الأوبشن»، وأعتقد أن سبب تجاهل هذا الملف معروف، واللبيب بالإشارة يفهم!

فدوافع الاستجواب معروفة، أحدها الوفاء بالقسم الذي قطعه البراك أمام ناخبيه بعدم وجود الوزير في «قاعة عبدالله السالم»، والثاني هو معاقبة الوزير على اعتقال النائبين طاحوس وبورمية. واصطف وراء الاستجواب بعض نواب الفرعيات ونواب الخدمات (أو بالأحرى التجاوزات)، حتى أن ثلاثة منهم وجدوا أنفسهم مجبرين على توقيع طلب طرح الثقة حتى لا تطيح بهم الفرعية القادمة كما أطاحت بالأربعة السابقين بسبب عدم استجوابهم للوزير في المجلس السابق على خلفية مواجهته للفرعيات المجرمة قانوناً.

إذن... فالمغزى من الاستجواب واضح جداً، وهو معاقبة مَن يريد تطبيق القانون عندما يكون ذلك ليس من مصلحة البعض، ولو تم إسقاط الوزير فإن ذلك يكون بمنزلة رسالة للآخرين وهي: «إما أن ترضخوا لنا، وإما أن نكسر راسكم». وسيعقب ذلك بالطبع استجوابات أخرى. فسيكون مثلاً رأس وزيرة التربية مطلوباً أيضاً إذا لم تستجب للضغوط وتقبل شهادات خريجي الدكاكين التعليمية في الفلبين وغيرها من الدول، وكذلك بالنسبة إلى بقية الوزراء الذين لا يستجيبون لمطالب جبهة خرق القانون.

والمثير للسخرية في هذه القضية هو قول مؤيدي طرح الثقة، إن معارضيه يمزقون الوحدة الوطنية... «عجيب»!

فبالله عليكم مَن الذي يريد فرز المجتمع وتعزيز حالة الاستقطاب الفئوي فيه: الذين يريدون مواجهة النفس الانتقامي البغيض وتعزيز تطبيق القانون على جميع فئات المجتمع من دون تمييز، ويريدون التركيز على الإنجاز وخدمة الشعب بدلا من إضاعة الوقت في الاستجوابات العبثية ذات المحاور المخفية، أم أولئك الذين أتوا باستجواب شخصاني أرادوا منه الانتقام من الوزير للاعتقالات والفرعيات؟!

فلو كنا نغلِّب نفس الثأر والانتقام والمصلحة الشخصية على المصلحة العامة واستقرار البلد لكنا أول المؤيدين لطرح الثقة بجابر الخالد، نتيجة لمواقفه وتصريحاته الاستفزازية اللامسؤولة أثناء التأبين، والتي شجعت وسهلت حملة الزار والطعن بشرف ووطنية من قام بالحفل، وحتى مَن لم يكن مشاركاً فيه أصلاً، وتبع ذلك اعتقالات امتدت لأسبوعين وثلاثة أسابيع، إضافة إلى الإساءات التي لم يذق النائبان طاحوس وبورمية حتى عُشرها. ومع أن ما صاحب أزمة التأبين من خطر على الوحدة الوطنية يفوق عشرات المرات ما قام به الجويهل، لم نر البراك يستجوب الوزير على تلك الخلفية، بل كان البراك وتكتله أحد الذين زادوا النار حطباً عندما انساقوا وراء حفلة الزار باستبعادهم للنائبين عبدالصمد ولاري من التكتل، وصمتهم عن حملات الطعن بوطنيتهم ووطنية طيف كامل من الشعب الكويتي!

إذن... كفى مزايدات وتهديدات وتصنيف مَن هو ضد الاستجواب بأنه «حكومي»، لأن هذا الكلام يدين النائب البراك نفسه لأنه وقف ضد استجواب النيباري للوزير شرار «وكلنا يعرف مَن هو شرار». و»خلونا ساكتين» لأن الجميع يعرف مَن هو ملك المعاملات في وزارة الداخلية وبقية الوزارات، ومن سيكون المستفيد الأكبر «خدماتياً» لو كان طرح الثقة قد نجح!

فنجاح طرح الثقة هو ضوء أخضر لمزيد من كسر القوانين والظلم والتجاوز على حقوق الآخرين، وهو ضوء أخضر لنهج التهديد والابتزاز في حال لم يتم تحقيق مطالب البعض سواء كانت مشروعة أم غير مشروعة.

back to top