«التحقيقات» تغلي... والخالد أمام لجنة العرائض والشكاوى!

نشر في 07-03-2010 | 00:01
آخر تحديث 07-03-2010 | 00:01
• حملة تواقيع من أكثر من 300 محقق تطالب باستقلالية الإدارة وكفِّ يد الوزير!

• هل تكون لجنة بوجروة القضائية طوق النجاة للإدارة؟
بدأ أكثر من 300 محقق في الإدارة العامة للتحقيقات التابعة لوزارة الداخلية، حملة تواقيع وإرفاقها بشكوى إلى لجنة العرائض والشكاوى في مجلس الأمة، ضد وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد لوقف تدخله في عمل الإدارة، وفقاً لرأي عدد من المحققين.

جملة من الأحداث تعيشها الإدارة العامة للتحقيقات التابعة لوزارة الداخلية هذه الأيام، أولها عدم وجود مدير عام بالوكالة للإدارة منذ سنة تقريبا، وثانيها تشكيل لجنة برئاسة وكيل وزارة الداخلية الفريق أحمد الرجيب، وثالثها الصراع الدائر الذي بدأ يتضخم بين المحققين ووزير الداخلية، والذي انتهى بحملة تواقيع من مجموعة محققين إلى لجنة العرائض والشكاوى في مجلس الأمة، لكشف حال الإدارة المزري وبحث قضية استقلاليتها التي أصبحت الآن على محك الصراع بين الوزير والمحققين.

والحدث الأخير الذي يقاتل المحققون من أجله إلى جانب الاستقلالية، هو تعديل قانون الإدارة وربط كادر المحققين بكادر أعضاء النيابة العامة والقضاء، أسوة بالمشروع المقدم من إدارة الفتوى والتشريع.

نجاح المحققين

وإزاء حملة المشاريع التي يحرص المحققون على تحقيقها، هناك ثمة صعوبات مازالت تعترض نجاح خطتهم لتحقيق جملة المشاريع، بسبب تبعية الإدارة لوزارة الداخلية واعتبارها وفق مفهوم قادة الوزارة إحدى الإدارات التنفيذية التابعة للوزارة، بينما يحرص قادة التغيير من المحققين على أن الإدارة جهاز تابع لوزارة الداخلية، لكنها بعيدة عن تحكمها لما يجب أن تتمتع به من استقلالية كبيرة.

بداية الخلاف نشأت بسبب قرارات وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد بشأن غربلة الإدارة من مفهومها الإداري، وكان أبرز القرارات إعادة المحققين إلى المخافر بدلا من وجودهم داخل الإدارات المدنية، ثم تبعها قرار وقف المدير السابق عن العمل لوجود قضية كانت معروضة ضده أمام النيابة العامة، ثم تصريحات وكيل وزارة الداخلية الفريق أحمد الرجيب، التي تبعتها ردة فعل من قِبل عدد من المحققين بتقديم شكاوى بحقه لدى الوزير، وأخيرا مطالبة المحققين وزير الداخلية بالتحرك نحو إقرار مشروع زيادة الرواتب أمام مجلس الوزارء، أسوة بالمشروع القضائي الذي حظي بالموافقة عبر مكرمة أميرية من صاحب السمو أمير البلاد، وصاحبت تلك المطالبات رغبة أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات في ضم الإدارة إلى النيابة العامة رجوعا إلى نصوص الدستور، الأمر الذي لقي معارضة من وزارة الداخلية قبل أن يلقى معارضة من قِبل السلطة القضائية لإقراره، ما فتح الباب أمام المحققين إلى المطالبة عن كف يد الوزارة عن التدخل في شؤون الإدارة العامة للتحقيقات لتتمتع بالاستقلالية المطلوبة.

لجنة العرائض

وأبرز المطالب التي يسعى المحققون إلى تحقيقها، احتكامهم إلى لجنة العرائض والشكاوى في مجلس الأمة لمناقشة وضع الإدارة العامة للتحقيقات ووضع العاملين فيها، وقد تكون هذه الخطوة أشد الخطوات المتخذة حتى الآن، والتي من المتوقع أن تكشف الوضع الحقيقي من وجهة نظر المحققين لوضع الإدارة العامة للتحقيقات أمام أعضاء لجنة العرائض والشكاوى، التي قد تنتهي إلى وعود وتوصيات لا أكثر ولا أقل، وهي بطبيعة الحال ستعد أحد الضغوط التي ستسبب "صداعا مؤقتا" لقادة وزارة الداخلية، لأن قضية الإدارة ستكون على طاولة إحدى لجان مجلس الأمة.

ورغم أهمية الخطوة التي ينتهجها المحققون، فإنها لن تسعف في تحقيق النتائج المطلوبة في غربلة الإدارة التي يتعين أن تخضع لـ"عملية قيصرية" من شخص محايد ليس للمحققين صلة به أو حتى للوزارة تدخل بشأنه، وبالرجوع إلى واقع الحال فإن اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للقضاء برئاسة المحامي العام في النيابة العامة والمستشار سلطان بوجروة، وعضوية عدد من المستشارين بينهم عويد الرشيدي وعدد من أعضاء الجهاز القانوني في وزارة الداخلية، هي الأفضل لوضع حلول لحال الإدارة القانونية التي برأي رئيس اللجنة أو حتى الأعضاء القضائيين فيها لن تكون سوى الإدارة العامة للتحقيقات تلك الجهة القانونية التي منحها الدستور أحقية التحقيق والتصرف والادعاء في قضايا الجنح، بعيدا عن يد وعين وقلب الجهاز التنفيذي في وزارة الداخلية، وبالتالي يتعين أن تسارع "لجنة بوجروة" إلى وضع مفهوم جديد للإدارة وشكل يبعد الفوضى التي تعيشها الإدارة العامة للتحقيقات حاليا أو مستقبلا، وهذه اللجنة التي قد تكون سلاح الدفاع الذي سيريح الوزير جابر الخالد بالحديث عنه ورغبته في إصلاح الإدارة لدى طرح الأمر لدى أعضاء لجنة العرائض والشكاوى في مجلس الأمة، وبالتالي يتعين على المطالبين بتعديل وضع الإدارة من المحققين التعويل على عمل اللجنة مع العمل على إلزام الوزير بالتوصيات التي ستنتهي إليها اللجنة، والتي بالتأكيد لن تكون جميعها من مصلحة الجهاز التنفيذي في وزارة الداخلية.

لجنة بوجروة

ومن البدائل التي بإمكان المحققين القيام بها، المطالبة بسرعة تعيين مدير عام جديد للإدارة من القانونيين وسرعة العمل على إحالة العسكريين الذين يتقلدون مناصب في الإدارة إلى الجهاز القانوني في الوزارة بعيدا عن الإدارة، فضلا عن ضرورة التحرك نحو تقدم باقتراح قانون من قِبل أعضاء مجلس الأمة يعمل على تغيير هوية الإدارة ونقلها من شكلها الحالي إلى شكل آخر يضمن عدم تدخل الوكيل في ترقيات أعضاء الإدارة، أو حتى إبعاد يد الوزير في تدوير الأعضاء، وأن يكون قرار الوزير لمجرد الاعتماد الذي يضمن الاستقلال الإداري التام لأعضاء الإدارة، مع إيجاد نظام فعال للتفتيش على أعمال المحققين ومراقبة أعمالهم وتطوير مجلس التأديب للمحققين لتحاشي الأخطاء الحالية.

حصر المشاكل

ومع التأكيد على ضرورة دفع عجلة "لجنة بوجروة" إلى حصر المشاكل التي تعتري الإدارة، والموقع الذي يجب أن تكون فيه الإدارة وغربلة عملها وتقييم أدائها لأكثر من 40 عاما، يجب أن يصدر الوزير جملة من القرارات المريحة للمحققين والدافعة لهم،لتقديم الأفضل في عملهم على الأقل من الناحية المالية ومنحهم بعض المزايا المشجعة التي من شأنها أن توقف غليان بعض الأعضاء، إلى أن تصدر لجنة "بوجروة" تقريرها ويخضع للدراسة ومن بعدها للاعتماد، وهو بلاشك سيتطلب ميزانية لاعتماده من قِبل مجلس الوزراء، لأن مناقشة لجنة العرائض والشكاوى الأمر لن توقف غليان الأعضاء، لأن الوزير أو قادة الوزارة سيتسلحون بجملة من المستندات التي تؤكد وجود أخطاء، والتي بالتأكيد لا يتحملها الأعضاء، فضلا عن خطوة الوزير الاستعانة بالسلطة القضائية نحو إصلاح وضع الإدارة العامة للتحقيقات.

يبقى أخيراً تساؤل يطرح نفسه: ماذا بعد لجنة العرائض والشكاوى، جلسة في مجلس الأمة لمناقشة وضع الإدارة أمام الملأ والرأي العام أم صحيفة استجواب، أم ماذا؟ الأيام القليلة المقبلة ستكشف ذلك.

أعضاء إدارة التحقيقات يقدمون شكوى ضد وزير الداخلية

السيد رئيس لجنة الشكاوى والعرائض في مجلس الأمة المحترم

تحية طيبة وبعد،،

الموضوع/ شكوى مقدمة ضد وزير الداخلية بصفته ووزارة الداخلية

لا شك أن مسؤولية تمثيل المجتمع في الدعوى العمومية هي من المهام الخطيرة التي يرتكز عليها أمن المجتمع والأفراد، لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم وأجسامهم وأعراضهم وأموالهم، من خلال الصلاحيات الممنوحة للقائمين بالدعوى العمومية من إلقاء القبض والتفتيش والتحقيق والحجز ومنع السفر.

لذا، حرص الدستور الكويتي في الباب الرابع الخاص بتنظيم السلطة القضائية في المادة "167"، على بيان الجهة التي تتولى الدعوى العمومية "تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين، ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يولون وظائفها".

"ويجوز أن يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء، وفقا للأوضاع التي يبينها القانون".

وقد كان هذا النص مثار جدل قانوني وسياسي كبير لدى المجلس التأسيسي، لأخذه بمبدأ تقسيم الدعوى العمومية "انظر محاضر المجلس التأسيسي"، لذا حرصت المذكرة التفسيرية للدستور للمادة "167" على تأكيد ضرورة أن يحظى العاملون بالدعوى العمومية بالجنح بالضمانات اللازمة، إذ نصت "أن يكفل للقائمين بالدعوى العمومية المنوطة بجهات الأمن العام، ما تقتضيه هذه الأمانة الأخيرة من مؤهلات قانونية في القائمين بها، وتنظيم إداري يكفل لهم القدر الضروري من الحيدة والاستقلال والبعد عن أصداء ما يلازم عمل جهاز الأمن من اتصال يومي بالجمهور والاحتكاك بالكثير من الناس كل يوم، فبهذه الضمانات يحقق هذا الطريق الاستثنائي الفوائد المرجوة من دون أن يكون ذلك على حساب العدالة أو الحقوق والحريات". ولقد كان المشرع الكويتي على قدر المسؤولية بأن حرص على إصدار القانون رقم 53 لسنة 2001، في شأن الإدارة العامة للتحقيقات الذي نظم عمل الإدارة العامة للتحقيقات، وبين اختصاصاتها وفقاً لما نصت عليه المادة "167" من الدستور والمادة "9" فقرة "2" من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وكفل لها كثيراً من الضمانات الفنية التي تضفي نوعاً من الاستقلالية والحيدة على عمل الإدارة العامة للتحقيقات، وكفل القانون لأعضاء الإدارة العامة للتحقيقات مجموعة من الميزات المالية والعينية،

وذلك كله تأكيداً على أهمية طبيعة المهام التي يقوم بها أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات، التي هي أعمال قضائية بطبيعتها "انظر حكم محكمة تمييز مدني كويتي رقم 243 /2001 جلسة 18 /3/ 2002"، مماثلة لأعمال النيابة العامة في الجنايات، بل إن الإدارة العامة للتحقيقات تتحمل الجهد الأكبر بالدعوى العمومية، إذ إن أعداد القضايا التي تتولاها الإدارة تمثل ثلثي عدد القضايا "مرفق إحصائية بأعداد القضايا".

لكن هذه الضمانات التي حرص عليها المشرع الدستوري وأدرك المشرع أهميتها وضرورتها بإصدار القانون رقم 53 لسنة 2001 بشأن الإدارة العامة للتحقيقات، في ظل ممارسات وزارة الداخلية في الآونة الأخيرة والضغوط التي تُمارس على الإدارة بعدم توفير الإمكانات للإدارة العامة للتحقيقات وأعضائها، والانتقاص من حقوقها وحقوق أعضائها واتخاذ قرارات مجحفة بحق الإدارة وأعضائها، وتجاوز التنظيم القانوني والإداري للإدارة العامة للتحقيقات، جعلت القانون حبراً على ورق، وأوقعت الإدارة وأعضاءها في حرج كبير يجعل قيامهم بحماية الحريات وحقوق وأموال الأفراد في خطر كبير، وما قيام الوزارة بعدم تطبيق المادة "10" من قانون رقم "53" لسنة 2001 بشأن الإدارة العامة للتحقيقات المتعلقة بمرتبات وبدلات وعلاوات أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات، وعدم إقرار حقوق الإدارة أسوة بالأجهزة القضائية بالدولة -النيابة العامة- "انظر مضابط مجلس الأمة بشأن المادة 10"، وتدخل الوزارة بعدم تطبيق الحصانة القضائية المقررة لأعضاء الادارة العامة للتحقيقات وفقا للمادة "14" من القانون المذكور، ووقف الترقيات ومباشرة وكيل الوزارة كثيراً من الاختصاصات المقررة للوزير بالمخالفة للمادة "2" من القانون المذكور، إلا أمثلة لهذه الممارسات.

ولما كانت هذه المطالبات مشروعة لأعضاء الإدارة العامة للتحقيقات، وفقا للدستور وما نص عليه القانون وأكدته الاتفاقيات الدولية بوجوب استقلال أجهزة التحقيق وسلطات الاتهام وعدم تداخلها مع السلطة التنفيذية، وبما أنه قد سبق وحاول أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات مراراً وتكراراً مقابلة وزير الداخلية من دون جدوى وإبداء أي أسباب لهذا الرفض من قِبل إدارة مكتب الوزير، الأمر الذي جعل أعضاء الإدارة يشعرون بالتهميش والظلم والتعسف، وهو ما حدا بهم إلى التقدم بهذه الشكوى إلى مجلس الامة من أجل إنصافهم.

لذا، نتقدم بهذه الشكوى للنظر في إيجاد الحلول المناسبة حتى يستقر العمل في الإدارة العامة للتحقيقات، ويتوافر لأعضائها البيئة الفنية والنفسية والاجتماعية المناسبة للعمل بشكل صحيح، إسهاماً في تطوير مؤسسات الدولة وفقاً لما رسمه القانون، وذلك تأكيداً على مبدأ الفصل بين السلطات وتطوير النظام القضائي في الكويت.

وتفضّلوا بقبول فائق التقدير والاحترام،،

back to top