«المديونيات الصعبة»... هل كانت الدولة تنوي التربح والتكسب من هذا القانون أم جاء لحل مشكلة اقتصادية؟!

نشر في 21-02-2010 | 00:01
آخر تحديث 21-02-2010 | 00:01
No Image Caption
الخاضعون للقانون محكوم عليهم بالإعدام مدنياً!
هل انتهت الحكومة بالفعل من تحصيل ديونها كاملة

خلال 17 عاماً؟

17 عاما وقانون المديونيات الصعبة مازال في حيز التنفيذ، بعد أن اشترت الدولة بعض مديونيات المواطنين المتعثرين عن السداد، في حين مازالت التساؤلات عن جدوى القانون باقية وأخرى عن انتهاء الدولة من تحصيل مديونياتها من المواطنين الذين شملهم القانون، خاصة في ظل تردد المعلومات غير المؤكدة رسميا من أن الدين تم سداده وتحصيله من قبل الهيئة العامة للاستثمار، وهو الأمر الذي يتطلب من الهيئة الكشف عن قيمة المديونيات والمبالغ التي تم تحصيلها خلال 17 عاما من تطبيق القانون رقم 31 لسنة 1993.

"الجريدة" سألت المحامي السابق في جهاز المديونيات الصعبة والمحامي المقيد حاليا أمام المحكمة الدستورية ومحكمة التمييز خالد حسن الجمعة الذي تحدث عن بداية تطبيق قانون المديونيات الصعبة والعيوب الواردة فيه.

 ويقول المحامي خالد الجمعة: "إن القانون 31/93 والخاص بشراء الدولة بعض المديونيات وكيفية تحصيلها تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 7/9/1993 م بالعدد رقم (119)، وكلنا يعلم أن هذا القانون صدر بهدف معالجة أوضاع الجهازين المصرفي والمالي للدولة بعد العدوان العراقي الغاشم على دولة الكويت، ورغم المثالب التي اعترت هذا القانون سواء على المستوى التنفيذي منه أو القانوني إلا أن أحكام الإفلاس بدأت تصدر تباعا لكل من تخلف عن الوفاء بما عليه من ديون تحقيقاً للأهداف التي شرّع القانون من أجلها.

الصلح

ويضيف الجمعة "انه وتبعاً لذلك أخذت الهيئة العامة للاستثمار بتفعيل دورها وفقاً للمهمات المنوطة بها والمنصوص عليها في المادة (20) من القانون وهي صفتها كمدير للتفليسة ومراقبها، ومدير اتحاد الدائنين، ومراقب للصلح، لافتا إلى أن كلمة (صلح) تعني اتفاقا والاتفاق أيا كان لابد من أن يتوافر به أمران هما الإيجاب والقبول الذي يتحقق من خلاله موافقة الطرفين على سداد مبلغ معين للحصول على الصلح، إلا أنه ظهرت مشكلة قانونية اعترضت هذا الأمر وهي أنه لا يوجد أي تشريع أو قانون يجيز لأي جهة كانت بدولة الكويت التنازل عن المال العام.

ويبين الجمعة قائلا "إنه وفقاً للمبالغ الكبيرة التي عُرضت في أوائل إحالة دعاوى الإفلاس من قبل جهاز حماية الأموال العامة (بالنيابة العامة) إلى المحكمة، لذلك تم إعداد مذكرة من قبل الهيئة العامة للاستثمار بشأن الأسس المقترحة التي يمكن بناء عليها الموافقة على الصلح الواقي من الإفلاس المنصوص عليه بالقانون 93/ 41، وفعلاً قدمت هذه المذكرة إلى مجلس الوزراء الذي أصدر بدوره القرار رقم (798) بتاريخ 2/9/2000 بمباركة المقترحات المقدمة من الهيئة العامة للإستثمار بشأن الصلح الواقي من الإفلاس والصلح القضائي، وما أدراك ما الصلح الواقي والصلح القضائي؟!

المحكوم بالإعدام

ويقول الجمعة: "لن أخوض كثيرا في المعوقات التي واجهت الخاضعين لهذا القانون والذي أطلقت عليهم أنا شخصياً اسم (المحكوم عليهم بالإعدام مدنياً)، ولكن سأتطرق إلى موضوع مهم جداً كان عائقاً أمام هذه الفئة للحصول على الصلح الواقي أو القضائي من الإفلاس وهي حالة (الديون الآخرى)، وهم مجموعة من الدائنين الذي يداينون العميل المحال إلى المحكمة بديون أخرى غير دين الدولة، مثال ذلك ديون استهلاكية أو عقارية أو غيرها من الديون الشخصية للعميل، مضيفا أن القانون رقم 93/41  تتسم أحكامه ونصوصه بالشدة والسرعة في الإجراءات، وكان الهدف من ذلك هو التشديد على كل من تسول له نفسه التخلف عن الوفاء بما عليه من ديون للدولة، وذلك وفقاً لما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون.

الإفلاس لا يتجزأ

ويقول الجمعة "إنه عند إحالة العميل إلى محكمة الإفلاس ليقدم طلب الصلح الواقي من الإفلاس فإنه يجد تدخلا من الدائنين الآخرين مع الدولة للمطالبة بديونهم الأخرى، والتي ربما استجدت بعد صدور القانون نفسه، وذلك تطبيقاً لمبدأ مفاده أن الإفلاس "لا يتجزأ"، فيصبح العميل مرتبطا -لكي يخرج من دعوى الإفلاس- بتسديد دين الدولة وفقاً للأسس الصادرة بقرار مجلس الوزراء المذكور آنفاً وديونه الأخرى أيا كانت ؟! سواء ديونا قبل صدور القانون أو بعده ؟! وتواترت هذه الحالات بكثرة حيث أصبح العميل الذي يسدد دين الدولة غير قادر على التخلص من دعوى الإفلاس وإجراءاتها الصارمة من حجوزات ومنع سفر وغيرها إلا بعد أن يسدد ديونه الأخرى والتي يفترض أنه لا شأن لها بقانون المديونيات رقم 41 لسنة 1993 ولا بالهدف من إصداره.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة من الذي أعطى هذا الدائن الآخر الحق في أن يتمتع بأحكام القانون رقم 41/93 التي اتسمت بالسرعة والشدة لضمان تحصيل دين الدولة؟! .

ويقول الجمعة إنه "لابد من إصلاح هذا الخلل الذي زج بعدد كبير من العملاء الخاضعين لهذا القانون إلى مقبرة الإفلاس والسبب (الديون الأخرى) ولا يخفى على أحد أن الحكم بإفلاس التاجر هو في حقيقته حكم بإعدامه مدنياً وتجارياً.

ومن ناحية أخرى فإن الدولة عندما قامت بشراء المديونيات الممثلة في الوحدات لدى الجهاز المصرفي والمالي قامت بسداد مبلغ ستة مليارات دينار كويتي تقريباً، وخلال مدة تنفيذ القانون رقم (41/91) تم تحصيل ما يقارب هذا المبلغ أو يزيد أي أن الدولة تحقق لها ما تريد من تشريع هذا القانون وهو سداد الديون التي قامت الدولة بشرائها، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام ما مصير العملاء المعلقين إلى هذه اللحظة بمخالب هذا القانون ؟! فهل الدولة عندما قدمت هذا القانون إلى مجلس الأمة لإقراره كان هدفها التربح والكسب أم حل مشكلة اقتصادية ألمت بالجهاز المصرفي والمالي؟!  

الحقوق

وتساؤل الجمعة قائلا "إلى متى تبقى هذه الفئة الخاضعة لهذا القانون مجردة من جميع حقوقها المدنية ؟! رغم تحقق الهدف الذي أُعد القانون من أجله، مبينا أن هذه ليست كل السلبيات التي تكتنف هذا القانون العقيم الذي يفتقر إلى مبدأ المساواة بين العملاء الخاضعين له، ولكن هناك الكثير والكثير من المثالب.

back to top