الجدارة يا أحمد

نشر في 14-05-2010
آخر تحديث 14-05-2010 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي الجدارة مفهوم دخل منظومة تنمية الموارد البشرية لتحسين الأداء في المؤسسات الإدارية معتمدا على إظهار الكفاءة، كما أن أصل الكلمة اشتق من الجدار والجداري وهو ظاهر الشيء.

موضوع الجدارة تناوله أحد المحاضرين بخفة دم حاكت الواقع الذي تعيشه المنظمات الحكومية، وسأكتفي بنقل مثالين لهما إسقاطات على آلية التعامل باستخفاف مع العلوم الإدارية الحديثة:

المثال الأول كان عن تجربة مشاهدة لبطة وأفراخها حول انصياع الأفراخ لأمهم البطة، فيسيرون حيث تسير ويسبحون حيث تسبح، وفي لحظة تم استبدال الأم بلوح خشبي دون أن تلاحظ الأفراخ ذلك، فاستمرت بالمتابعة وهذا المثل يفسر لماذا البعض يستغني عن عقله بالاتباع الأعمى للمرؤوسين والعوم على عومهم.

المثال الثاني كان عن أسراب الطيور المهاجرة التي تطير في مجموعات يترأسها قائد يُستبدل كل أربع ساعات ليكمل المسيرة ليوصل القافلة إلى بر الأمان، أما نحن- بني كويت- فالأربع سنوات لا تكفينا، لأننا نومن بـ«عتيق الصوف» أو بـ«مجنون تعرفه خير من عاقل لا تعرفه» تاركا لحكومتنا أن تقرر لمن ستنحاز إلى البطة أم إلى الطيور الحرة.

حالنا مع الإدارة كحالنا مع التكنولوجيا، فقد كشفت لنا الميكنة الضعف وقلة الحيلة، فكانت هذه الفوضى من تباين المعلومات فيما بين وزارات الدولة، ولأقرب الفكرة سأنقل إليكم حكاية مراجع عنده ثلاث شهادات لمن يهمه الأمر لنفس الشركة من ثلاث وزارات، احتوت على بيانات تختلف عن الأخرى، ليس فيها معلومة واحدة صحيحة، ليضيع المواطن في سيناء الحكومة.

ربط الإدارة بالجودة يحتاج إلى رفع كفاءة المؤسسة، وهو محور التطور في العمل الإداري، وهو أساس التنمية، فكيف للخطة أن تنجح، وهي بهذا الضعف أمام نفوذ من أكل عليهم الدهر وشرب، فلم يجاروا التكنولوجيا في شيء ولا وجود لهندسة الإجراءات (تبسيط العمل الإداري) في أجندتهم، وخير دليل على ذلك أطنان الورق يقابلها آلاف الكمبيوترات، وهي حالة فريدة من سوء الاستخدام، بحيث يطلب من المراجع صورة البطاقة المدنية في كل مرة، والتي من البديهي أن تكون محملة على كل كمبيوتر، كونها المستند المعتمد لدى كل الجهات الحكومية.

تجربة الربط الآلي فشلت مع كل الإمكانات المتاحة وحلها في غاية البساطة أذكر منها على سبيل المثال:

- عدم اعتماد جهة مركزية تعتمد برامج الربط تشرف على فك التشابك بكل أنواعه.

- تنوع مصادر التدريب أدى إلى تفاوت مستوى الموظفين.

- ضعف مخرجات التعليم وبعدها عن الواقع المهني.

- اختلاف برامج تحميل المعلومات بين وزارات الدولة وهيئاتها مما يسبب صعوبة انسيابيتها وتوافقها.

إذن قوام الجودة والتنمية الإدارية يعتمد بالدرجة الأولى على العنصر البشري والتكنولوجي، لذا إن كانت حكومتنا جادة في سعيها بتطبيق برامج التنمية فعليها أن تفرد لها فصلا كاملا للحكومة الإلكترونية يوضح آلية التعامل مع التنمية البشرية والتكنولوجية في برنامج زمني مقرون بالأهداف.

عودا على عنوان المقال وإلى أحمد ذاك الشاب المتزن، وهو بالمناسبة ضابط في وزارة الداخلية برتبة رائد، التقيته في ديوان أبي الخليل، أعجبني حديثة عن الوطنية وعن رفاقه وطبيعة العلاقة التي تجمعهم، واتفاقهم على حب الكويت بتطبيق القانون في إطاره المسموح دون تعسف، ليضع الكويتيين سواسية أمامه، فهو وزملاؤه مثال للجودة والطيور الحرة.

ودمتم سالمين.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top