أم الهيمان... و إبر التخدير!!

نشر في 09-05-2010
آخر تحديث 09-05-2010 | 00:00
 سعد العجمي ما يحدث لأهالي أم الهيمان كارثة إنسانية بكل المقاييس تسببت فيها ممارسات حكومية وتخاذل نيابي، يقابلهما سلبية من قبل أهالي المنطقة أنفسهم لفترة طويلة انقضت بعد تشكيل لجنة الأهالي البيئية برئاسة المهندس أحمد الشريع التي حركت بعد تشكيلها المياه الراكدة في هذه القضية الإنسانية.

مؤسف جدا أن يقاطع الأطفال مقاعد دراستهم بحثا عن هواء نقي فقط يضمن سلامتهم وصحتهم، فالمنطق يقول إن أطفال أم الهيمان كان من المفترض أن يضربوا عن الدراسة لمدة يومين للمطالبة بتحسين مستوى وخدمات التعليم في مدارسهم، ولكن لأن الأوضاع معكوسة ومقلوبة في هذا البلد، فإنهم قاطعوا الذهاب إلى مدارسهم من أجل حق بسيط لهم، هو مجرد استنشاق هواء غير ملوث!!

قبل وقوع الاختيار على أم الهيمان كمنطقه سكنية، نصحت جميع الدرسات والاستشارات الحكومية بأنها لا تصلح للسكن، في ظل قرب المصافي النفطية منها، إضافة إلى وجود حوالي خمسين مصنعا على بعد كلومترين فقط منها، وأين؟ شمال المنطقة، والرياح التي تتعرض لها المنطقة في الأغلب هي رياح شمالية وشمالية غريبة.

رغم ذلك كله أقيمت منطقة سكنية من أربعة آلاف وحدة سكنية يقطنها حوالي أربعين ألف مواطن، والغريب أن عدد المصانع قفز من خمسين عام 2000 إلى مئة وستة وخمسين مصنعا اليوم، والأدهى والأمر أنه وبحسب التراخيص الممنوحة فإن هناك 118 مصنعا فقط، لكن أصحاب المصانع استخدموا المساحات الممنوحة لهم لإنشاء مصانع أخرى في نفس المساحة وبنفس الترخيص.

اليوم تسجل منطقة أم الهيمان، مقارنة بمناطق الكويت الأخرى، أكثر معدلات الإصابة بمرض الربو وبأمراض السرطان والحساسية والإجهاض وغيرها من الأمراض، والحكومة مازالت تمارس حلولها الترقيعية لحل هذه المشكلة، وآخرها ما أعلنته الهيئة العامة للبيئة قبل يومين بإغلاقها عدداً من المصانع لمدة أسبوع، وهي بالمناسبة لا تملك إلا إغلاق المصنع المخالف سبعة أيام فقط، أما سحب التراخيص، وهو ما يطالب به أهالي المنطقة ونائب الدائرة خالد الطاحوس، فهو من اختصاص الهيئة العامة للصناعة وليست هيئة البيئة فهي لا تملك هذا الحق.

على كل من وجهة نظري الخاصة فإن المسألة السياسية هي السبيل الوحيد لإنهاء كارثة أم الهيمان، وما عدا ذلك من إجراءات فإنها لا تعدو كونها مجرد «إبر» تخدير والتجارب السابقة أثبتت ذلك.

* * *

في مقالي قبل أسبوعين، والذي جاء تحت عنوان «في انتظار البرابرة» أريد أن ألفت الانتباه إلى أن بداية المقال هي ملخص للرواية نفسها، وأردت إسقاطها على حالة ربما نعيشها في الكويت، فأنا لم أكتب عن موقف سياسي أو عن موضوع معين بل عن رواية كتب عنها كثيرون سواء على شكل مقال أو ملخص للرواية ذاتها، وبمناسبة الروايات أو القصص والإسقاطات تمعنوا جيدا في قصيدة الرائع فاروق جويدة التي يقول فيها:

كم عشت أسأل أين وجه بلادي؟

أين النخيل؟ وأين دفء الوادي؟

هذه بلاد تاجرت في أرضها

وتفرقت شيعا بكل مزاد

وعصابة سرقت نزيف عيوننا

بالقهر... والتدليس... والأحقاد

كل الحكاية... أنها ضاقت بنا

واستسلمت للص و«الجلاد»

تتلاطم الأمواج فوق رؤوسنا

والريح تلقي للصخور عتاد

فصرخت والكلمات تهرب من فمي

هذي بلاد لم تعد كبلاد!!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top