وجهة نظر : الكهرباء... هدر الانتاج والاستهلاك إلى متى ؟


نشر في 21-07-2009
آخر تحديث 21-07-2009 | 00:00
 د. عباس المجرن يتم تشغيل الأغلبية العظمى من وحدات توليد الطاقة في محطات الكهرباء في الكويت باستخدام زيت الوقود الثقيل أو زيت الغاز أو النفط الخام، بينما يعمل عدد محدود جداً من الوحدات باستخدام الغاز الطبيعي.

وتتفوق الوحدات التي تُشغَّل باستخدام الغاز الطبيعي على الوحدات البخارية في كفاءتها التشغيلية، ويمكن تجهيز هذه الوحدات عند الحاجة بصورة فورية، بينما يتطلب تجهيز الوحدات البخارية عدة ساعات، كما أن تكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي تصل إلى أقل من ثلث تكلفة إنتاجها باستخدام أنواع الوقود البترولي الأخرى، كما أنها أقل تلويثاً للبيئة.

ونظرا إلى عدم كفاية إمدادات الغاز الطبيعي المحلية، إذ يتم استغلال الغاز المنتج محلياً لسد احتياجات المناطق الصناعية في الشعيبة وميناء عبدالله والمخابز الآلية والمستشفيات ومطاحن الدقيق بالشويخ وشركة الصناعات الوطنية وغيرها من الصناعات، اضطرت الكويت إلى استيراد الغاز من مصادر متعددة على مدى العقود الثلاثة الماضية.

كما حاولت الدولة الحصول على إمدادات غاز منتظمة من خلال اتفاقات مع البلدان المجاورة، وكان أهم المشروعات بهذا الخصوص مشروع إمدادات الغاز القطري والغاز الإيراني والغاز العراقي، إلا أن جميع هذه المشروعات لم تتحقق على أرض الواقع، ولكن يبدو أن التفاوض مع الأشقاء في قطر بشأن الحصول على إمدادات غاز عبر الناقلات البحرية مازال متواصلاً، وفي حالة تحقق ذلك، فإن الكويت ستتمكن من تحقيق وفر في تكاليف إنتاج الكهرباء.

ولكن إلى أن يتحقق ذلك تظل تكلفة الوقود المستخدم في إنتاج الكهرباء في الكويت عالية جداً بالمقارنة مع إجمالي التكاليف، إذ يشكل الوقود نحو 60 في المئة من إجمالي تكلفة الإنتاج في محطات الدوحة الشرقية والدوحة الغربية والزور الجنوبية، ونحو 40 في المئة من إجمالي التكلفة في محطة الشعيبة.
وتختلف هذه النسبة بطبيعة الحال مع اختلاف أسعار النفط، فهي قد تزيد أو تقل مع زيادة أو انخفاض تلك الأسعار.

وقد تصل تكلفة إنتاج الكيلوواط/ ساعة من الكهرباء في بعض المحطات إلى نحو 20 فلسا في حالة ارتفاع سعر النفط، وهي في أفضل الحالات وأقلها تكلفة لا تقل عن 4 فلوس، بينما يبلغ سعر الكيلوواط/ ساعة فلسين للمستهلك في حالة الاستهلاك المنزلي أو التجاري، وفلسا واحداً في حالة الصناعات القائمة في الشعيبة.

وفضلا عن الدراسات المتعددة التي أكدت وجود هدر في استهلاك الكهرباء بسبب الأسعار المدعومة، أكدت دراسات أخرى وجود هدر لا يُستهان به في إنتاج الكهرباء.

وعند مقارنة تشغيل محطات الكهرباء بالوقود الغازي بدلا من الوقود البترولي قدرت بعض الدراسات الهدر السنوي في تكاليف إنتاج الكهرباء بما يقارب نحو 200 مليون دينار كويتي في حالة سعر النفط المنخفض «20 دولاراً للبرميل».

ولا شك في أن عدم كفاءة نظام تحصيل مقابل الانتفاع بخدمات الكهرباء على مدى عدة سنوات قد أسهم في تفاقم مشكلة الهدر في الاستهلاك في هذا القطاع، كما أسهم ضعف الرقابة في تزايد تكاليف الإنتاج من جانب آخر.

وعلى الرغم من مشكلة الهدر في استهلاك الكهرباء، فإن سعرها في الكويت مازال هو الأقل عند مقارنته مع الأسعار السائدة لها في دول مجلس التعاون الأخرى. إذ بينما يصل سعر الكيلو واط/ساعة في الكويت إلى نحو سبعة أعشار السنت الأميركي، نجد أنه يتراوح في السعودية ما بين 1.5 و10 سنتات أميركية، وفي قطر ما بين 1.5 و3 سنتات، وفي البحرين نحو 3 سنتات، بينما في دولة الإمارات نحو 4 سنتات، وفي سلطة عمان ما بين 3 و6 سنتات.

ولقد طرحت عدة مقترحات لتعديل سعر الكهرباء في السابق، ومن بينها مقترح بالتسعير وفق شرائح الاستهلاك، بحيث إن عبء تعديل السعر يقع على أصحاب شرائح الاستهلاك العالية، ومن ثم فهو لا يضر أصحاب الدخول المنخفضة، وأعتقد أن النظر بجدية إلى مثل هذه المقترحات بات أمرا مطلوبا وضرورياً.

* أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت. 

back to top