إلفيرا يونس: أصبح التمثيل منبراً للشهرة وعرضاً للسيقان!
صوتها الذهبي شكّل بطاقة مرورها إلى الشهرة والنجاح. اشتهرت في أدوار كثيرة عندما كانت الدراما اللبنانية في عزّ عطائها، وفي دبلجة الأفلام الكرتونية الشهيرة مثل {سانشيرو} و{زينة ونحول} إضافة الى المسرح والإذاعة. لم يكن الفن يومًا هدف إلفيرا يونس الأساسي في الحياة، فاختارت ما يليق بصورتها كامرأة وأم، لذا غابت طويلاً عن الشاشة ثم عادت في مسلسلي {غريبة} و{الطاغية}.
عن بدايتها وعملها النقابي والفني تتحدث إلى {الجريدة}. كيف كانت البداية؟شاء القدر أن تكون جارتنا الفنانة فريال كريم، وفي إحدى المرات، كنت ما زلت في سن الطفولة، طلبت منها أن تصطحبني معها إلى المسرح، تردّدت في البداية بسبب رفض والدي لكنها ما لبثت أن وافقت عندما أبدى المسؤولون عن المسرح حاجتهم إلى ممثلة جديدة، هكذا كانت البداية.ما الذي ساهم في دخولك السريع إلى عالم التمثيل؟أدائي الجيّد، الذي صقلته بتطبيق نصائح الأساتذة الكبار. ما أبرز الأعمال التلفزيونية التي شاركت فيها؟مسلسل {اليد الجريحة} كان الخطوة الأولى، من ثم كرت السبحة: {أبو المراجل}، {عازف الليل}، {البديل}، {الكوخ القديم}، {غريبة}، {الطاغية}... على خطّ موازٍ عملت في دبلجة أفلام كرتونية من بينها: {سانشيرو} و{زينة ونحول}... كم فرحت عندما شاركت أخيراً في حلقة من برنامج {سيرة وانفتحت} مع زافين على شاشة {المستقبل} استضاف فيها شباباً تربوا على هذه الأفلام الكرتونية وأرادوا التعرّف إلى الأصوات التي رافقتهم في طفولتهم، فكان لقاؤهم بي وبوحيد جلال مؤثرًا.وماذا على صعيد السينما؟قدمت فيلمًا سينمائيًا واحدًا هو {الأسيرة}، لم يضف إليّ شيئًا سوى أنني اختبرت مجالات التمثيل كافة. عُرض في سورية ووزِّع في البلدان العربية، إلا أنه لم يُعرض في لبنان بسبب الحرب. أي مجال برعت فيه أكثر، الإذاعة أو التلفزيون أو المسرح؟الإذاعة، لأنها كانت الأهم بالنسبة إليّ.غبت كثيرًا عن الساحة الفنية، ما الأسباب؟لم يكن الفن هدفي الأساس ولم أجعله أولوية على حساب عائلتي. فعندما تحتاجني العائلة أبتعد عنه وعندما تسير الأمور بشكل جيد وأتلقى عرضاً ملائماً أعود إلى التمثيل. أحبّ تقديم شخصية محورية هادفة وأرفض أن أكون مجرد تكملة عدد في أي عمل. ألا يؤثّر هذا الغياب على حضورك في الساحة الفنية؟لست غائبة عن الفن، فأنا موجودة في برامج كثيرة تُعرض على شاشة {تلفزيون لبنان}.ما الذي تغيّر فنيًا منذ بدأت التمثيل لغاية اليوم؟عندما بدأت التمثيل كان وضعنا أفضل، بسبب بوجود لجان كانت تطلع على النصوص وتوافق على تلك التي تحترم قيم العائلة. كانت ثمة لائحة ممنوعات تُفرض علينا، وكنا نعمل بها إيماناً منا بعدم تقديم مشاهد غريبة عن مجتمعنا لأنها تبدو مصطنعة وبالتالي فاشلة.مهما تحضّر الفنان وتطوّر يبقى متعلقاً بمبادئ مجتمعه وتراثه، فهو لم ينشأ في الغرب ليتصرف مثل الغربيين. كيف تقيّمين واقع الدراما اليوم؟ما يُعرض راهنًا يعيدنا إلى الوراء بدلاً من تطويرنا فنيًا.هل يفسر هذا القول سبب ابتعادك الطويل عن التلفزيون؟نعم، إذ كيف نعمل والساحة ليست لنا؟ نحن نقدّس عملنا ونعتبر أنفسنا ضيوفًا ندخل المنازل ونتحدث إلى المشاهدين، للأسف الأعمال التي تقدم اليوم لا تحترم المشاهد، ومن يقدم عملاً غير محترم يسقط حتمًا. إضافة إلى ذلك تبدو الدراما اليوم موجّهة للأغنياء وأصحاب القصور، ولا تجد الفئات المهمّشة في المجتمع مكانًا فيها، وهذا خطأ كبير لأن الدرما يجب أن تكون لكل الناس وتعكس معاناتهم. من تلومين؟الممثّل الذي يقبل بمثل هذه الأدوار فيحكم على نفسه بالإعدام فنيًا. غابت الحدود فبان الفلتان، إلى درجة أننا بتنا نبيع لحمًا في التلفزيون. كيف ترين صورة المرأة في الدراما؟سيئة جدًا. عقدنا مؤتمرًا صحافيًا وتناولنا فيه تشويه صورة المرأة في الإعلانات. ما يهمني شخصياً ماهية دور المرأة التي أقدّمها والصورة التي تظهرها في الدراما. يصوّر البعض الأم كأنها إضافة عدد، وهنا أسأل الكاتب: أين دور الأم في حياتك؟ لكن ألا يبدو طرحك مثاليًا بعض الشيء؟ربما، إنما أطالب بتقديم جزء من هذه المثالية لنشعر أننا استفدنا من العمل الفني المعروض. بماذا تنصحين الممثلين الشباب؟أنصحهم بالبدء بمستوى راقٍ ليكملوا طريقهم برقيّ، للأسف لا يهتمّ العاملون في القطاع الفني اليوم بالقيم وباتوا يقدمون ما هبّ ودبّ من الأعمال، لذا من الطبيعي أن تزداد النقمة على الفنانين. كيف يحافظ الممثّل على حضوره رغم غيابه عن الشاشة؟عندما يحترم نفسه، يفرض احترامه على الجميع ويتصرف هؤلاء معه عكس ما يتصرفون مع من يقبل بأي دور في سبيل الشهرة. أصبحنا منبرًا للشهرة وعرضاً للسيقان والعري... وهذا معيب، وغير مناسب أبدًا للقيم العائلية. يركّز بعض المنتجين على الصورة والجمال لتسويق أعماله في الخارج، ما رأيك؟ قد يكونان وسيلة تسويق جيدة إلا أنهما يساهمان في المقابل في رسم صورة سيئة عن المجتمع اللبناني في الخارج. يبدو أن ثمة مؤامرة علينا كشعب عبر الإضاءة على الشواذ بدلاً من النواحي الإيجابية لدينا.ألا ترين أن ثمة أعمالاً جيدة؟ثمة أعمال فنية كثيرة جيدة ويحقق بعض الكتاب والمنتجين التوازن بين التطور والموضوع والدراما وإلا كيف أنجز مسلسلا {الطاغية} و{غريبة}؟ من جهة أخرى بات الجمهور يتمتع بالوعي الكافي ليختار ما يلائمه.ما موقع الدراما اللبنانية في قائمة الدراما العربية؟في الماضي تربعت الدراما اللبنانية على عرش الدراما العربية وكانت رائدة في هذا المجال، لكن عندما تراجعت وضعف مستواها خفّ وهجها وانكفأت أمام المسلسلات العربية لا سيما السورية التي باتت منتشرة في أنحاء العالم العربي. في المناسبة شهد شهر رمضان مجموعة من الأعمال العربية المميزة.ما الذي يلفتك في الدراما العربية؟تلفتني الصورة التي تقدّمها والمواضيع التي تطرحها أكثر من أسماء الممثلين.ماذا تحضرين راهنًا؟لا شيء على صعيد التمثيل. ثمة عروض كثيرة لكني لست مقتنعة بها فنيًا. تنشطين كثيراً في المجالين الثقافي والنقابي، ما هدفك من ورائهما؟لن أمحو ذاتي من الفن، لكني من خلال خبرتي أود المساهمة في تثقيف الأجيال عبر المشاركة في الأمسيات الشعرية والنشاطات الاجتماعية المختلفة، أما في مجال العمل النقابي، فأهدف من خلال منصبي كأمينة سر نقابة الفنانين المحترفين إلى رفع مستوانا الثقافي والفني وذلك عبر التعاون مع الفنانين الآخرين.ما الذي سيتغير بعد إقرار القانون المهني؟سينظّم العلاقة بين الممثل والمنتج. تضم نقابة الفنانين المحترفين مجالات فنية منوّعة، لكل واحد منها لجان خاصة تُعنى بوضع أطره وطروحاته التنظيمية ليصار بعدها إلى نيل الموافقة عليها وإقرار القانون، إضافة إلى أن صندوق التعاضد سيهتم بناحية الفنان الاجتماعية. هل ستفرض النقابة معايير معينة على المنتجين لاختيار الممثلين؟بالطبع، يحق للمنتج استخدام 10% من غير الممثلين الأكاديميين، فثمة خريجون جامعيون يجب حمايتهم ومنحهم الفرصة لإظهار كفايتهم الفنية. يحتاج المنتج، بعد إقرار القانون، إلى نيل موافقة النقابة ليتمكّن من توظيف ممثل معين من خارج إطار الخريجين وذلك ضمن معايير محددة. نسعى إلى حفظ حقوق المنتج والممثل في آن وتنظيم العلاقة بينهما، لإعادة الاعتبار والاحترام إلى هذا القطاع.لكن ثمة صعوبة في التغيير وسط هذه الفوضى المستشرية في الفن. لا نجد في النقابة صعوبة في التغيير لأن الأمور واضحة بالنسبة إلينا وننتظر الوقت المناسب لوضع الأمور في نصابها ووضع حدّ لهذا الفلتان. هل أنصفك الإنتاج اللبناني أم ظلمك؟لم يظلمني لأنني لست موظّفة، فإما أقبل العرض أو أرفضه.ماذا أضاف إليك التمثيل؟صقل شخصيتي ونمّى فكري.هل ندمت على قرار معين اتخذته؟ لا، لكني أتحاشى تكرار أمور لم تكن مناسبة لي، سأستمر في العمل لبلوغ هدفي على رغم كل شيء.ماذا أكسبك العمل في الإذاعة اللبنانية؟أكسبتني الخبرة الإذاعية القدرة على التحكّم بطبقات الصوت وفق الشخصية والإحساس والتفاعلات. كانت الإذاعة اللبنانية بمثابة المنزل للفنانين الكبار الذين تميزوا بأصواتهم مثل عبد المجيد مجذوب وجهاد الأطرش ووحيد جلال ومحمود سعيد... ألا تودّين العودة الى المسرح؟إذا قُدم إليّ عرضٌ جيد لمَ لا. لم أعتزل لكني لا أشارك في أعمال تجرّنا إلى الوراء، ما من جمهور مسرح اليوم لأن أحدًا لم يعد يثق فيه، إضافة إلى أن الأوضاع الأمنية أثرت عليه سلبًا والأوضاع السياسية المتأزمة كذلك، خصوصًا احتلال السياسيين الشاشات الذي جاء على حساب الفن.