شروط عون تضعف مسيحيّي الأكثرية وسليمان تضع الحريري في مواجهة مع حلفائه ورئيس الجمهورية
ترى جهات سياسية مراقبة في مطالبة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بأربعة وزراء موارنة من أصل خمسة اتفق على أن يكونوا من حصته في الحكومة التي يتم العمل على تشكيلها، مشروعَ مواجهة مباشرة مع الفرقاء المسيحيين في قوى 14 آذار، ومحاولة لزرع الشقاق والفرقة بين مسيحيي الأكثرية النيابية ومسلميها، وتحديدا بين القوات اللبنانية والكتائب والمستقلين من جهة، وتيار المستقبل من جهة مقابلة.
كما ترى الجهات نفسها أن مطالبة عون بحقيبة وزارة الداخلية، المفترض أنها من حصة رئيس الجمهورية بحسب ما يتم تداوله، مشروع مواجهة مباشرة بين عون من جهة ورئيس الجمهورية ميشال سليمان من جهة ثانية. ويصب كلا المطلبين في خانة المواجهة بين عون وخصومه السياسيين على الساحة المسيحية على خلفية التمثيل المسيحي، ذلك أن العماد عون ينطلق من شعار أنه رئيس أكبر كتلة مسيحية وثاني أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب، ليطالب بما من شأنه أن يؤدي، إن لم يكن إلى إلغاء الآخرين من الجهات السياسية المسيحية الفاعلة، فعلى الأقل إلى تحجيم دورهم وفاعليتهم، وتهميش حضورهم في أي تركيبة حكومية مقبلة. فالترجمة العملية لمطالب عون تعني أن حصة الموارنة في الحكومة المقبلة المؤلفة من ستة وزراء ستعطي عون أربعة وزراء، مما يبقي لرئيس الجمهورية وزيرا واحدا، وللكتائب والقوات اللبنانية والمستقلين مجتمعين وزيرا مارونيا واحدا مع ما يعنيه ذلك من إقصاء لتمثيل هؤلاء أو على الأقل تمثيلهم بغير موارنة، مما يفتح الباب على أزمات داخل الأكثرية ليس فقط على التمثيل الماروني بل في شأن التمثيل الكاثوليكي والأرثوذكسي. أما في شأن الحقائب فإن اشتراط عون الحصول على خمس حقائب ورفض إبقاء أيٍّ من وزرائه كوزير دولة من دون حقيبة، علما أن الوزير الماروني من حصة رئيس الجمهورية سيتولى حقيبة وزارية، يعني أن الوزير الماروني السادس من حصة مسيحيي 14 آذار سيبقى من دون حقيبة، وهو ما يزيد من إضعاف موقع مسيحيي الأكثرية إذا تمت الاستجابة لمطالب عون. أما إذا رست التسوية على إبقاء الوزير الماروني المحسوب على رئيس الجمهورية من دون حقيبة فسيكون العماد عون نجح في إضعاف الحضور الماروني لرئيس الجمهورية داخل الحكومة، وهو بحد ذاته مكسب لعون أيضا. ويبدي المراقبون اعتقادهم بأن نزول الرئيس المكلف سعد الحريري عند مطالب العماد عون سيضعه في مواجهة مباشرة مع كل من رئيس الجمهورية كشريك له في السلطة، وأحزاب 14 آذار المسيحية ومستقليها كشركاء سياسيين له في الأكثرية النيابية والتوجهات السياسية والوطنية. ويخلص هؤلاء إلى قراءة مطالب عون في ضوء هذا العرض بالعنوان الأساسي الذي تندرج تحته كل المحاولات منذ انتهاء الانتخابات النيابية، والذي يكمن في سعي الأقلية إلى الالتفاف على النتائج ومحاولة إفراغها من مضمونها السياسي وإلغاء مفاعيلها داخل المؤسسات الدستورية. أما في شأن أحقية عون في ما يطالب به من حصة وزارية على قاعدة أنه رئيس ثاني أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب، فيرى المراقبون أن اللعبة الديمقراطية تؤدي باستمرار إلى أن تكون المعارضة ثاني أكبر كتلة في مجلس النواب، وهذا لا يعني أن تقاسم الأكثرية على دورها. أما في شأن أنه يمثل أكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب فيرد مسيحيو 14 آذار بأن التكتل الذي يرأسه العماد عون يضم 24 نائبا مسيحيا في حين أن مجلس النواب مؤلف من 64 نائبا مسيحيا، مما يعني أن تحالف مسيحيي 14 آذار يضم 40 نائبا أي ضعف نواب الأقلية المسيحيين.