خمس دول إفريقية تؤكد حقها بمياه النيل ومصر ترفض

نشر في 16-06-2010
آخر تحديث 16-06-2010 | 00:01
في شهر مايو وقعت كل من إثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا وأوغندا على اتفاقية جديدة مانحة نفسها حرية أكبر في استخدام مياه النيل كما ترتئي بصرف النظر عن رغبات مصر التي تعتبر المياه "خطاً أحمر" يُفترض عدم تجاوزه وأن هذه المسألة مرتبطة بالأمن القومي.
 ذي تيليغراف  نيروبي في كينيا وأديس أبابا في إثيوبيا، حيث تهدد حرب كلامية بالتحول إلى نزاع حقيقي فيما تتواجه الدول الإفريقية ضد بعضها في حرب للحصول على مياه النيل مصدر الحياة.

وفي التفاصيل، تؤكد عدة دول في إفريقيا الوسطى ينبع منها النيل على حقها باستعمال مياهه للري والطاقة المائية، لكن مصر التي يمر فيها أكبر جزء من النهر الشهير ويصب في البحر المتوسط أعربت بوضوح تام عن رفضها اقتسام مياه النيل من جديد، حتى أن هناك تلميحاً إلى الحرب.

ينبع هذا النهر الشهير من أعالي الجبال الإثيوبية، حيث يشرف دير قديم على ينبوع غيش آباي المقدس، وتغذي المياه التي تخرج من الأرض بحيرة تانا ثم تتدفق عبر ممر ضيق لتشكل النيل الأزرق.

يشق النيل الأزرق طريقه إلى العاصمة السودانية، الخرطوم، حيث يلتقي بالنيل الأبيض الذي يتدفق شمالاً وبقوة من بحيرة فيكتوريا، وذلك بعد سلوكه مساراً ملتفاً بحدة على شكل U. وسوياً يمران عبر مصر إلى البحر المتوسط فيسقيان الأراضي الزراعية، ويؤمنان مياه الشرب ومياه الصرف ويشغلان محطات توليد الطاقة الكهربائية بواسطة المياه.

هذا أطول نهر في العالم يتدفق على مسافة 6650 كيلومترا تقريباً ويغذي شمال شرق إفريقيا مؤمناً كامل حاجة مصر تقريباً من المياه العذبة و75 في المئة من حاجة السودان، على الرغم من أنه لا ينبع من أي منهما. لقد حمت الدولتان بشدة حقهما التاريخي بالاستفادة من مياه النيل لكن الآن بدأت الموازين تتغير ويحذر المحللون من عواقب قد تكون خطيرة.

ويرى ستيفن سولومون مؤلف كتابWater: The Epic Struggle for Life, Power and Civilization أنه "في دول حوض النيل، ليست استفادة الناس الفقراء من مياه النيل مسألة تنمية لا بل مسألة بقاء، حياة أو موت".

تستند مصر والسودان للمطالبة بكل مياه النيل تقريباً إلى معاهدتين عمرهما أكثر من نصف قرن منحتا مصر معظم المياه والحق بمنع دول المنبع من استعمالها.

في الشهر الماضي، توحدت 5 من دول المنبع في مقدمتها إثيوبيا لصياغة صفقة جديدة تعترض عليها مصر.

وُقِعَت المعاهدة الأساسية المرتبطة بمياه النيل عام 1929 بين مصر وبريطانيا، القوة الاستعمارية آنذاك لمصلحة الدول الخاضعة لسيطرتها. وبعد 30 عاماً أعيد التفاوض حولها مع دولة سودانية مستقلة فحصلت مصر على 75 في المئة من المياه في حين حصل السودان على الكمية المتبقية. لكن المعاهدتين لم تعيرا أي اهتمام لحاجات ورغبات دول المنبع.

رغم ذلك، يمتد حوض النيل على 10 دول، جميعها فقيرة، ومعرضة لتغيرات مناخية تسبب لها الجفاف، وفشل المحاصيل والفيضانات، وذات كثافة سكانية تنمو بنسبة 2 إلى 3 في المئة سنوياً. اليوم يعتمد 200 مليون شخص على مياه النيل للتمكن من البقاء، لكن خلال جيل يكون هذا العدد قد ازداد بمعدل الضعفين.

ويعلق البروفيسور سالف ديوب خبير سنغالي في شؤون المياه: "لدينا عامل بارز هنا ألا وهو الديموغرافيا، على امتداد نهر النيل تعتبر هذه إحدى المسائل البارزة، فثمة حاجة إلى المياه للري والزراعة توليد الطاقة ولن تختفي هذه الحاجات كلها".

يعني ذلك بالتالي أنه لا بد من إعادة التفاوض بشأن المعاهدات القديمة.

ويرى سيمون ماسون، خبير في شؤون النيل في مركز ETH زيورخ للدراسات الأمنية في سويسرا أنه: "في مرحلة معينة لابد من تعديل الاتفاقات التاريخية لأخذ مصالح دول المنبع بعين الاعتبار، فلا مفر من ذلك".

ويوضح بيتر فام، مدير مشروع إفريقيا في اللجنة الوطنية للسياسة الخارجية الأميركية في نيويورك، أن: "السيناريو الأفضل يتمثل في أن تستغل الدول هذه الفرصة لمراجعة الاتفاقات القديمة، استعمال تقنيات جديدة للاستفادة بشكل أفضل من المياه والتعاون على أساس إقليمي".

في شهر مايو وقعت كل من إثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا وأوغندا على اتفاقية جديدة مانحة نفسها حرية أكبر في استخدام مياه النيل كما ترتئي بصرف النظر عن رغبات مصر. ومن المتوقع أن تحذو بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية حذوها قريباً.

ردت مصر على هذه الاتفاقية بخطاب عدواني، فقد تحدث وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط عن "خط أحمر" يُفترض عدم تجاوزه وعن المياه باعتبارها مسألة مرتبطة بالأمن القومي، وقد ذكرت التعليقات الصادرة عن مصر بقول الرئيس المصري السابق أنور السادات في سبعينيات القرن الماضي: "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يدفع مصر إلى الحرب مرة أخرى هو المياه".

على الرغم من أن التوتر كبير على ضفاف النيل، فإن هذا ليس المكان الوحيد الذي تبدو فيه الحرب على المياه وشيكة.

ويشير بيتر غلايك، رئيس معهد باسيفيك Pacific Institute، مركز أبحاث بيئية واقتصادية مقره في كاليفورنيا، إلى أن: "تاريخ الصراع على الموارد المائية طويل جداً، يتخطى الحدود ويعود إلى آلاف السنين".

لقد تتبع معهد باسيفيك الصراعات على المياه حول العالم والتي تعود إلى 3 آلاف سنة قبل الميلاد، أما المناطق الساخنة اليوم فهي النيل، ونهر السند، ونهر ميكونغ ودجلة والفرات.

وأوضح غلايك: "تميل المشاكل الكبيرة إلى الظهور في الأماكن التي تندر فيها المياه وتضعف فيها المؤسسات".

وختم بالقول: "نأمل في التمكن من التفاوض والتوصل إلى اتفاق حول كيفية تقاسم مياه النيل. لكن المخيف أن التنافس على المياه سيكون حامياً جداً لدرجة أنه سيستحيل التوصل إلى اتفاق".

* كون كافلين | Con Coughlin

back to top