لبنان: ضربة قوية لعون وفوز «14 آذار»
توجه اللبنانيون امس بكثافة الى صناديق الاقتراع لاختيار 128 نائبا في معركة طاحنة، خصوصا في الدوائر المسيحية، اعتبر كثيرون انها ستحدد مصير لبنان وخياراته الداخلية والاقليمية لفترة طويلة.ومنتصف ليل أمس نقلت «رويترز» عن مصدر في حزب الله أن الحزب وحلفاءه خسروا الانتخابات، وأن أكثرية «14 آذار» احتفظت بأكثريتها بفارق نحو عشرة مقاعد، بينما تأكد أيضا ان الجنرال ميشال عون خسر الأكثرية الشعبية المسيحية. وبغضّ النظر عن الثغرات والشوائب الإدارية التي اعترت العملية الانتخابية، وبمعزل عن الإشكالات الأمنية التي لم تخرج عن إطارها الفردي الضيق، نجح لبنان أمس، في اجتياز إمتحان تجديد مجلس النواب في عملية توجت مساراً حافلاً بالاصطفاف السياسي والانقسام المذهبي الحادّ شهده لبنان منذ أحداث 7 مايو 2008. وعلى الرغم من التهويل السياسي الذي سبق الانتخابات، التي تعتبر الأكبر في تاريخ لبنان لناحية إجرائها في 26 دائرة انتخابية في يوم واحد، إلا أنها مرّت على خير، وسط إقبال جماهيري فاق كل التوقعات. وأقبل اللبنانيون شيباً وشباباً على صناديق الاقتراع، فتجاوزت نسبة الاقتراع الاجمالية الأولية الـ 52%، وفقاً لما أعلنته وزارة الداخلية والبلديات.
وبحسب النتائج الأولية التي أظهرتها عملية فرز الأصوات حُسمت حتى منتصف ليل الأحد ـ الاثنين بعض الدوائر التي كانت تشهد معارك حامية، مثل دائرة صيدا التي فازت فيها لائحة قوى 14 آذار المؤلفة من النائبة بهية الحريري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، كما فازت لائحة 14 آذار في دائرة البترون الممثلة بنائبين مارونيين حيث يبدو ان صهر الجنرال ميشال عون وزير الاتصالات جبران باسيل خسر الانتخابات، ومن المرجح فوز «14 آذار» في زحلة وبيروت الأولى والكورة، فيما حسمت المعركة في جبيل لمصلحة عون، وفي دائرة جزين لمصلحة لائحة عون أيضا على حساب لائحة حليفه في المعارضة رئيس مجلس النواب ورئيس حركة "أمل" نبيه بري. ولم تحدث مفاجآت في الدوائر المحسومة سلفاً مثل دوائر الجنوب حيث كان من المؤكد فوز المعارضة التي يقودها "حزب الله"، او في الدوائر ذات الغالبية السنية في الشمال او في دائرة بيروت الثالثة حيث كان متوقعا فوز لوائح الحريري و 14 آذار. وأثار وقوف الناس في طوابير طويلة وانتظارهم لساعات أمام أقلام الاقتراع حفيظة المرشحين من الفريقين السياسيين وخلق حالة من التذمر لدى الناخبين، ما استدعى تدخلاً متكرراً من وزارة الداخلية، لناحية زيادة عدد المعازل الانتخابية في الأقلام والسماح بدخول ثلاثة ناخبين دفعة واحدة، إلا ان كل هذه التدابير لم تخفف من الزحمة في بعض الدوائر "الصعبة" في القاموس الانتخابي، ما حدا بوزير الداخلية والبلديات زياد بارود الى اعتبارها "دليل عافية"، وسأل: "لا افهم كيف ينتظر اللبنانيون ساعات امام ابواب السفارات ولا ينتظرون للإقتراع".ولم يسلم الوزير بارود، الذي أثبت وفريق عمله بالتعاون مع الاجهزة الامنية كفاءة عالية في إدارة العملية الانتخابية، من انتقادات وصلت الى حد تحميله مسؤولية اجراء الانتخابات في يوم واحد واتهامه بخفض عدد مراكز الاقتراع، لكن ذلك لم يمنعه من اعتبار "أننا دخلنا في مرحلة كسرنا فيها حاجز الخوف عبر إجراء الانتخابات في يوم واحد"، معبراً عن اعتقاده أن "ذلك مدخل لإصلاحات أخرى"، وأن "كل العالم سينظر الى التجربة الانتخابية اللبنانية على أنها ناجحة والتحدي الأكبر هو مواكبة ظهور النتائج".وكان الوزير بارود، أشار في مؤتمر صحافي عقده بعد اقفال صناديق الاقتراع ، الى ان "تجربة الانتخابات أمس يمكن اعتبارها ناجحة بالحد الأدنى ويبنى عليها في هذه المنطقة من العالم". وأشار الى أن "الاصطفاف السياسي الحاد واكب العملية الانتخابية من دون أن يؤثر على مجراها"، موضحاً أن "القبول بالنتائج يجب أن يكون الأهم، والمجلس الدستوري هو الضمانة للجميع".وفي محصلة عمل الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، التي تولت ومجموعة من المراقبين العرب والاجانب مهمة مراقبة حسن سير العملية الانتخابية والتقيد ببنود القانون الانتخابي، رصدت الجمعية اللبنانية 788 مخالفة، وثّقت 85% منها، جاء في المرتبة الاولى "الترويج الانتخابي داخل أو في محيط مركز الاقتراع"، يليه بنسبة أقل بكثير "وقوع أعمال عنف داخل أو قرب مراكز الاقتراع"، وفي المرتبة الثالثة "الضغط على الناخبين داخل أو في محيط مراكز الاقتراع".يذكر أن عملية الاقتراع سجّلت مشاركة عدد كبير من المغتربين تجاوز الآلاف، بحسب ما تناقلته وسائل الاعلام المرئية في لبنان، وقد تولت الأحزاب السياسية، بمختلف انتماءاتها دفع كلفة بطاقات السفر ذهاباً وإياباً.