ورد الخال: التمثيل في لبنان ناكر للجميل و أقرف من هيك ما بقى في
إبنة الشاعر اللبناني يوسف الخال والشاعرة السورية مها بيرقدار، ورثت الممثلة ورد الخال عشق الكلمة الجميلة من والديها وساهم الجو العام الذي عاشته في طفولتها، (طغى عليه الشعر والمناظرات الأدبية كون والدها من أبرز واضعي اسس الشعر الحديث في العالم العربي)، في تعميق موهبتها التمثيلية واختيار الأدوار التي تعتبر امتداداً لمسيرة والديها في تذوّق الفن الجميل.
عن مسلسل «الطائر المكسور» ومشاريعها المستقبلية ومجمل مسيرتها الفنية كانت الدردشة التالية. شاركت أخيراً في مهرجان وهران السينمائي، كيف تقيّمين هذه التجربة؟ كانت جميلة التقيت خلالها فنانين من سورية ولبنان ومصر والجزائر... وتبادلنا الآراء واطلعنا على المشاكل التي تواجه الإنتاجات العربية بالإضافة إلى الإنجازات التي تحققت على صعيد السينما العربية وكذلك الإخفاقات، وكانت مناسبة لمشاهدة أحدث الأفلام العربية. خاضت والدتك الشاعرة مها بيرقدار مجال كتابة الدراما للمرة الأولى في مسلسل «الطائر المكسور» الذي يعرض حالياً على شاشة الـمؤسسة اللبنانية للإرسال وهو من بطولتك، ما أبرز مقومات الكتابة لديها؟ الواقعية والعاطفة والرومنسية والخيال الواسع الذي يلتقي مع الواقع في نهاية المطاف، الطبيعية... كل هذه الأمور تجتمع في النص الذي تبتكره والدتي، من هنا يحاكي «الطائر المكسور» واقع كل شخص. أما الميزة الأهم التي تتمتع بها الشاعرة مها بيرقدار فهي الكتابة عن الحب بالدرجة الأولى، الحب السامي البعيد عن الإبتذال وليس العلاقات السائدة حالياً والمبنية على المصلحة أو الغريزة... إلى أي مدى تشبهك الشخصيات التي ترسمها والدتك في كتاباتها؟ ليس هناك شبه كبير بيني وبين هذه الشخصيات، لأن والدتي تتوجه بكتابتها إلى الناس كافة وتعطي شخصيات المسلسل حقّها، على غرار ما حصل في «الطائر المكسور»، إذ أدّى الممثلون جميعهم أدواراً محورية. ترسم مها شخصيات جديدة لنمثلها أنا وأخي يوسف الخال وباقي الممثلين، بهدف الخروج من الروتين والأدوار التقليدية وتقترح علينا أدواراً لم نقدمها بعد وتعرف أنماط الشخصيات التي تليق بنا لذلك نستشيرها دائماً في هذا المجال. صرّحت قبل عرض «الطائر المكسور» أن هذا المسلسل سيكون نقلة نوعية في الدراما اللبنانية، فهل كانت الأصداء على قدر توقعاتك؟ بالطبع، الدليل ثناء الصحافة عليه ونسبة المشاهدة العالية وتجاوب المشاهدين مع واقعيته، فهو لا يعالج قضايا خيالية غريبة عن مجتمعنا تشعر القارئ بأنه يقرأ قصة لباربرا كارتلند مثلاً، ولا يحتوي مشاهد تجرح عين المشاهد مثل الدم والعنف والعري والإبتذال... كان هناك تشديد مسبق على ضرورة تصوير القيم والجانب الجميل لدى اللبناني. هل يفهم من كلامك أنك تتهمين المخرجين والمنتجين بتشويه صورة اللبناني؟ طبعاً وأسألهم إلى أين يريدون الوصول من خلال الأعمال الفارغة من المضمون التي يقدمونها؟ ولماذا لا يتحدثون عن الجوانب الإيجابية لدى الإنسان؟ مؤسف أن يصوّر البعض المرأة اللبنانية على أنها مستهترة أو مغرورة ولا يهمها سوى شكلها وإطلالتها، كذلك يصوّر الشاب بـ «النسونجي» أو الظالم.... هناك تشويه لصورة اللبناني، يتحمل مسؤوليته بعض المخرجين والمنتجين، لذا أشدد على ضرورة تقديم أعمال تصور المثقفين والمتعلمين والاذكياء والخيّرين وتسلط الضوء على المشاكل الإجتماعية مثل الأمراض والفقر والتشرد. كيف تقيّمين واقع الدراما اللبنانية كونك ممثلة ومنتجة؟ أنا متشائمة جداً لمستقبل الدراما اللبنانية، على الرغم من إصرار البعض على رفع شأنها وجعلها قادرة على منافسة الأعمال المصرية والسورية وحتى الخليجية، إلا أن الواقع يثبت أننا نتراجع إلى الوراء وستقلّ الأعمال الدرامية مع الأيام بسبب تحجيم الإنتاج والموازنة التي تخصص لمسلسل معين ما يؤثر في النوع وفي الكمّ ويساهم في غياب عنصر الإبهار، وبدلا من مشاهدة مسلسل يشارك فيه مجموعة من الممثلين المحترفين سيكتفي القيمون عليه بممثلَين يكونان بطلي العمل، أما الباقي فلا دور لهم... وما دور الشاشات في هذا الواقع المرير؟ المفارقة أنها تبدي رغبتها في إنتاج أعمال درامية محلّية إلا أنها تضع حدوداً للموازنة المخصصة للمسلسل لا تكفي لتقديم عمل ناجح ومميز خصوصاً أن أجر الممثل وفريق العمل وأماكن التصوير... يرتفع يوما بعد يوم. من جهة أخرى تتسابق محطاتنا المحلية على الحصول على الحق الحصري لعرض مسلسلات عربية خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك وتدفع مبالغ طائلة لها فيما لا تلتفت إلى الأعمال المحلية ولا نتلقى أي تقدير وشكر على الجهد الذي نبذله «أقرف من هيك ما بقى في». أليس من فسحة أمل لتجاوز هذا الواقع؟ كان لدي أمل بتحسين واقع الدراما اللبنانية لتدخل الشاشات العربية على غرار الأعمال السورية والمصرية، واشتغلنا في مسلسل «الطائر المكسور» على هذا الأساس لا سيما أنه يتوجه إلى الإنسان عموماً بغض النظر عن جنسيته ويتميز بالحوار الراقي ولا يتضمن أي كلمة نابية أو مشهد مبتذل إضافة إلى التصوير الجميل والتمثيل المحترف، لكن للأسف لم يشاهد في الدول العربية. أين يكمن الحلّ بنظرك؟ في أن تشجع المحطات اللبنانية الأعمال اللبنانية النظيفة من خلال شراء أكبر نسبة منها وألا يكون همها «تعبئة هوا بس»... لا تهتمّ شاشاتنا بنوعية العمل بل بكلفته وتقبل نصوصاً دون المستوى المطلوب، النتيجة وقوع الدراما في الانحطاط والابتذال تماماً مثل الحال التي تسيطر على الغناء. أما في الدول العربية فالوضع مختلف، لأن القيمين على الفن فيها يتنافسون نحو الأفضل. هل ندمت على دخولك مجال التمثيل والإنتاج؟ كلا، لكن يثير شفقتي أي شاب ينوي اختيار التمثيل مهنة له. ماذا لو تزوجت وقرر أحد أولادك خوض مجال التمثيل؟ (تقول غاضبة) أقتله ولا أدعه ينفّذ خياره، مهنة التمثيل في لبنان ناكرة للجميل ولا تعطيك أي مردود معنوي أو مادي، المردود الوحيد يأتيك من كلمة الشكر التي تسمعها من الناس. لماذا لم تشاركي في المسلسلات الرمضانية العربية هذه السنة؟ عرض علي حوالى تسعة مسلسلات بين المصري والسوري والخليجي لكني لم أجد ما يناسبني إضافة إلى أنني أرفض تكرار نفسي وأبحث عن عمل بمستوى مسلسل «أسمهان» الذي قدمته العام الماضي. ماذا أبرز مشاريعك حالياً؟ أشارك في بطولة فيلم «نهاية حلم» للأب فادي تابت، موضوعه اجتماعي ويحمل طابعاً غنائياً استعراضياً. كذلك سأشارك في مسلسلين بعد انتهاء شهر رمضان المبارك من انتاجي وكتابة مها بيرقدار، وهي تنكبّ حالياً على كتابة فيلم سينمائي سننتجه في الربيع المقبل.