لا معنى لمعاقبة من لم يقترض لأنه أكثر شعوراً بالمسؤولية وأفضل في تخطيطه المالي 26٪ من الكويتيين مقترضون

نشر في 11-10-2009 | 00:00
آخر تحديث 11-10-2009 | 00:00
اشتدت حدة الدعوات لشراء ديون المواطنين الاستهلاكية والمقسطة وإسقاط الفوائد وإعادة جدولة الأصل، ويبدو أن الموقف الحكومي منقسم، بعد أن تسرب ما يوحي بأن للحكومة رأياً غير المعلن حول الموضوع. وضعف الحكومة إلى جانب ما يبدو من انقسام فيها يخلق فراغاً كبيراً في السلطة، وعندما يحدث فراغ من الطبيعي أن يتقدم من يحاول احتلاله بالحق أو بالباطل، والتعدي على الخزينة العامة وحقوق الصغار ومن لم يولدوا بعد، جزء من محاولات ملء الفراغ بالباطل.

وقبل الخوض في خطورة الدعوة إلى شراء القروض، لابد من التذكير بآخر الأرقام المتوافرة، وقد لا تكون دقيقة، لكنها قريبة من الواقع، فالأرقام حتى نهاية العام الفائت تشير إلى وجود نحو 278 ألف مقترض كويتي بعدد نحو 508 آلاف قرض، أي بمعدل 1.83 قرض لكل مقترض، أو أقل قليلاً من قرضين. يبلغ عدد القروض الاستهلاكية منها نحو 282 ألف قرض أو نحو 55.5 في المئة من إجمالي عدد القروض، ويبلغ عدد القروض المقسطة نحو 226 ألف قرض أو نحو 45.5 في المئة من إجمالي عدد القروض. ويبلغ إجمالي رصيد القروض الاستهلاكية نحو 977 مليون دينار كويتي، بمعدل لقيمة القرض الواحد بحدود 3.5 آلاف دينار كويتي، بينما يبلغ رصيد القروض المقسطة نحو 3906 ملايين دينار كويتي، بمعدل لقيمة القرض الواحد بحدود 17.3 ألف دينار كويتي، أو نحو خمسة أضعاف معدل القرض الاستهلاكي. وبلغ إجمالي رصيد القروض الاستهلاكية والمقسطة نحو 4883 مليون دينار كويتي بين تقليدية غير مضمنة بفوائدها وبين إسلامية مضمنة بالفوائد، وبمعدل قرض للفرد الواحد -وليس للقرض الواحد- بحدود 17.6 ألف دينار كويتي، وبمعدل قيمة للقرض الواحد بحدود 9.6 آلاف دينار كويتي.

وتشير الأرقام إلى أن عدد المقترضين يعادل نحو 26 في المئة من عدد الكويتيين ونحو نصف الراشدين منهم، بما يعني أن نحو ثلاثة أرباع الكويتيين أو نصف الراشدين لم يقترضوا، ولا معنى لمعاقبة من لم يقترض لأنه أكثر شعوراً بالمسؤولية وأفضل في تخطيطه المالي. وحتى على مستوى المقترضين هناك تباين شاسع بين معدل القرض الاستهلاكي والمقسط، وحتى ضمن كل شريحة هناك تباين كبير، فالقروض الصغيرة دون الـ5 آلاف دينار كويتي للقروض الاستهلاكية تبلغ 82.2 في المئة من إجمالي عدد قروض تلك الشريحة. وتلك مفارقات حادة تلغي مبدأ العدالة بين المواطنين، كما إن هناك شكاً بدستوريتها، وتكلفتها، أياً كانت في مثل هذه الظروف، تعني أنها اقتطاع من حق العمل وحق التعليم وحق الخدمة الصحية للصغار ولأجيال لم تر الدنيا بعد.

ولعل الأهم في المشروع هو تخريب قيم الإنتاج والالتزام لدى الإنسان، وهي دعوة إلى التهور والإمعان فيه، لأن المكافأة بقدر التهور، والعقوبة للملتزم. وفي الدول الأخرى التي كانت منشأ الأزمة، والتي تحملت أشد وزرها، أقصى ما فعلت هو خفض مؤقت للضرائب، لأن المواطنة تعني توازن الحقوق والواجبات، وتعني توازن التضحية والمكافأة بين الحاضر والمستقبل، وجميعها، حالياً، تبشر بالعودة إلى زيادة الضرائب بعد تجاوز الأزمة، أما سياساتنا فهي شيء آخر همومه الوطن والمستقبل. ذلك كله لا يعني أن ليس هناك قضية إنسانية، وهناك بعض المعسرين الذين يستحقون العون، ونعتقد ضرورة التفكير في فرض ضريبة، ولو رمزية، على كل القادرين للتكافل مع غير القادرين، ولابد للوزراء والنواب أن يكونوا في مقدمة دافعي الضريبة.

back to top