المتحدثون في جلسة الخريجين الحوارية: تعديلات «المرئي» و«المطبوعات» تخالف الدستور وتكمّم الأفواه

نشر في 28-01-2010 | 00:00
آخر تحديث 28-01-2010 | 00:00
محمد الفيلي: التعديلات المطروحة لن تغير شيئاً فالعقوبات منوطة بالقاضي.
نظّمت جمعية الخريجين الكويتية مساء أمس الأول جلسة حوارية تحت عنوان "تعديلات قانون المطبوعات وقانون المرئي والمسموع"، أبدى خلالها المتحدثون امتعاضهم من التعديلات المطروحة.

استغرب الخبير الدستوري د.محمد الفيلي الطلب المقدم من قبل وزارة الإعلام لإدخال بعض التعديلات على قانون المطبوعات والنشر وقانون المرئي المسموع، رغم صدور هذه القوانين منذ فترة وجيزة، متسائلاً لماذا أُدخلت هذه التعديلات؟ وما آثارها المحتمل حدوثها؟

فرضيات مقترحة

وأشار الفيلي إلى أن منهج البحث العلمي يربط بين الأسئلة والفرضيات التي يجب بحثها في سبيل الوصول إما إلى تأييدها أو نفيها، معتبراً أن الفرضيات المطروحة ليست نهائية ولا تشكل أكثر من اقتراح، لاسيما أنها قابلة للزيادة والتعديل.

وأوضح خلال الجلسة الحوارية التي نظمتها لجنة الدفاع عن الحريات في جمعية الخريجين مساء أمس الأول تحت عنوان "تعديلات قانون المطبوعات وقانون المرئي والمسموع"، أن الفرضيات المقترحة تجسّدت في مهمة السلطة التنفيذية وهي حفظ النظام العام وكفالة الحريات، لاسيما أن الجمع بين هذين التكليفين وحسن تنفيذهما يحتاج إلى إدارة على درجة عالية من التمكّن والخبرة، معتبراً أنه نظراً إلى صعوبة المهمة اتجهت الإدارة إلى التفكير في تقليص الحريات اعتقاداً منها أن هذا الفعل يقلل من واجباتها والصعوبات التي قد تواجهها.

وأضاف الفيلي: "ثمة فرضية أخرى مقترحة تتمثل في أن السلطة التنفيذية لم تتخذ الإجراءات القانونية والسياسية اللازمة حيال قناة "السور"، ما ترتب عليه تقديم تعديلات تكون بمنزلة تبرير جيد لتخاذلها عن هذا الأمر". واعتبر أن التعديلات المطروحة لن تغير شيئاً لأن العقوبات منوطة بالقاضي، الذي لن يعدل عن مسلكه لمجرد زيادة العقوبات، بل انه قد يصبح أكثر تشدداً في عدم الإيقاع بالعقوبة ما دامت بهذا القدر من القسوة.

حكومة تسلّطية

وبدوره، اعتبر رئيس جمعية الخريجين الكويتية سعود العنزي أن أي حكومة في المطلق تسلّطية ضد الحريات، مشيراً إلى أن ثمة حكومات في ظل ظروف خاصة ونتائج نضال قلّصت حدود تسلّطها وأضحت ديمقراطية، معتبراً أن الحكومات تتأهب لاستغلال أي شاردة أو واردة لوأد الحرية وتقليص مساحات الديمقراطية، مستشهداً بالإجراءات التعسّفية والقوانين القمعية التي سعى الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى إصدارها بمباركة الكونغرس الأميركي بعد أحداث 11 سبتمبر، حتى تراجع المجتمع الأميركي الذي كثيراً ما تغنّى بالحرية وبات من دول العالم الثالث في عام واحد بعد قرابة 400 عام من النضال لأجل الحرية والديمقراطية.

وأضاف العنزي: ان "حكوماتنا من الأساس تسلّطية، جاء دستور عام 1962 للحد من تسلّطها ولكن منذ هذا التاريخ، وهو حبر على ورق، أصبحنا نتصارع نحن الكويتيين على بقاء الدستور أم عدم بقائه وتطبيقه أم عدم تطبيقه"، مشيراً إلى أنه حتى في حال تطبيق مواده تأتي قوانين أقل منه منزلة وتنسفه وتحول دون تطبيقه، معتبراً أن حكوماتنا الرشيدة كانت تنتظر على أحرّ من الجمر وقوع حادثة قناة "السور" لاستغلالها ضد الحريات وكأن ما تحدث عنه الجويهل جاء به من فراغ.

وأضاف العنزي: "تحدثنا في السابق عن قبول قانون المطبوعات وقانون المرئي المسموع وعن الإيجابية الوحيدة التي جاء بها المتمثلة في فتح الباب أمام إصدار صحف جديدة"، مشيراً إلى أن هذا القانون السيئ البائس يُعد خطوة للأمام و20 خطوة للوراء ويراد تحويله إلى قانون أكثر بأساً، لكونه لا يحمي الصحافيين ولا مصادرهم، ولا يكفل لهم حق الحصول على المعلومات ما يعد عبئاً على كاهل الصحافيين، للتعرف على المصادر والتودد للمسؤولين للحصول على المعلومات، مستغرباً موقف الحكومة بدلاً من تعديل القانون إلى الأفضل تأتي بتعديلات تدفع القانون الحالي إلى أبعد ما يمكن عن الدستور.

مقبلات

وقال العنزي: "حضرت لقاء وزير الإعلام الشيخ أحمد العبدالله مع رؤساء التحرير، وأعتقد أن حديثه عن السلطة كان يقصد به المقبلات التي تقدم قبل الطبق الرئيسي، لاسيما أن كان يقصد أن الآتي كان أعظم"، مبيناً أنه بسؤال وزير الإعلام عن عدد القضايا التي رفعت على الصحف بتهمة الإساءة للذات الإلهية منذ صدور القانون حتى الآن تبين أنه صفر".

تدخّل خارجي

من جهته، قال رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان المحامي علي البغلي: "من المعروف أن السلطة هي التي تعادي دائماً حرية الرأي والتعبير وتسعى جاهدة إلى تقليصها، أما الآن فنشاهد نواب الأمة الذين خرجوا من رحم الحرية والديمقراطية هم الذين يقفون حجر عثرة أمام الحريات، لأنهم اعتبروا أنفسهم بعيدين عن النقد".

من جانبه، أكد عضو الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان عبدالمحسن مظفر أن التعديلات المطروحة تُعد مخالفة للدستور الذي يدعو إلى مزيد من الحريات، إضافة إلى أنها غامضة حتى الآن، معتبراً أن مرور هذه التعديلات وتطبيقها سيكشفان عن أعضاء مجلس الأمة المتخاذلين والمعادين للحريات، إضافة إلى أن الصحف ووسائل الإعلام ستفقد قيمتها وستوجه الدفة إلى وسائل الإعلام الأجنبية.

نتاج طبيعي

أما الكاتب الصحافي في جريدة "الجريدة" أحمد عيسى فقال: إن "التعديلات نتاج طبيعي ومنطقي لما حدث قبل عام من تقسيم الإعلام إلى فاسد ونظيف، وتجريم الحل غير الدستوري، والحملات التي شنّت على الحريات"، مشيراً إلى أن وزير الإعلام لا يدرك الدور المطلوب منه ويطبق منطق السياسي الظريف، علماً بأنه يتعامل مع مواقف خطيرة جداً.

وأوضح العيسى أن ثمة مشكلة في موضوع الممارسة، لاسيما أن بعض وسائل الإعلام خرج عن دوره الأساسي في نقل الأخبار والمعلومات.

وأبدى الخبير الاقتصادي عامر التميمي امتعاضه من التعديلات لكونها مجحفة ولا تواكب العصر ولا التطور التكنولوجي، إضافة إلى أنها تحظى بتأييد بعض نواب الأمة الذين خرجوا من رحم الديمقراطية لحماية الدستور والحريات، مشيراً إلى أن ثمة منظومة قيم مجتمعية معادية للحريات تعتمد على إقصاء الآخر والاستقطابات التي لا تتماشى مع القيم الدستورية، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في المناهج الدراسية وبرامج التعليم بصورة تؤصّل الحريات وتدعمها.

ويرى الكاتب الصحافي إبراهيم المليفي: أن "مساحة الحرية التي نتمتع بها في الكويت تتقلّص، ومطالبات بعض نواب الأمة بتقييد الحريات خير دليل على هذا"، موضحاً أن القانون الحالي كاف جداً ولا يحتاج إلى أي تعديلات.

وأكد الكاتب الصحافي محمد جوهر حيات أن التعديلات على قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع تشكّل تحدياً كبيراً، داعياً الجميع خصوصاً جمعيات النفع العام إلى التكاتف للوقوف أمام كل من يعبث بالحرية والديمقراطية.

back to top