اكسرن القيود

نشر في 22-10-2009
آخر تحديث 22-10-2009 | 00:00
 ضاري الجطيلي غاب عني أن أؤشر على رزنامتي عندما كتبت قبل أربعة أشهر «ولنا موعد هذا الصيف مع نظر المحكمة بدستورية اشتراط موافقة الزوج عند استخراج المرأة جواز سفرها» في مقال بعنوان «محامو الحريات وحقوق الإنسان»، إذ جاء الصيف ورحل ونسيت الموعد، إلى أن أتى الخبر صباح الثلاثاء الماضي بينما كنت أهُم بكتابة المقال، وأي خبر كان! ها هي المحكمة الدستورية تنتصر للمرأة الكويتية بحكمها بعدم دستورية المادة (15) من قانون 11/1962 بشأن جوازات السفر، منهية بحكمها حلقة أخرى من مسلسل انتهاك مبادئ العدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان التي نص عليها الدستور، خصوصاً في مجال التمييز ضد المرأة.

يوما بعد يوم، وقضية تلو الأخرى، تبرز أكثر فاعلية اللجوء إلى المحكمة الدستورية لتنقية القوانين واللوائح والممارسات الإدارية القائمة مما يشوبها من شبهات دستورية، إذ في قضية الجواز لم يتطلب الأمر تعديلاً تشريعياً في مجلس الأمة، ولا مطالبة تقودها منظمة مدنية، ولا حملة شعبية تنزل إلى الشارع، بل مواطنة عادية تمسكت بحق أصيل لها كإنسانة ومواطنة كويتية ولم تقبل رفض وزارة الداخلية استخراج الجواز، فاتخذت خطوة شجاعة باللجوء إلى القضاء، والآن حفرت اسمها بالتاريخ وكسرت قيداً من القيود المفروضة على جميع نساء الكويت. ولطالما آمنت بأن هذا المسلك أقصر وأثمر من مسلك تعديل القوانين تشريعياً، وكل ما يحتاجه هو تسهيله أكثر عبر تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية لإعطاء الأفراد حق اللجوء المباشر إليها، وهو الاقتراح الذي تقدمت به النائبة أسيل العوضي في دور الانعقاد الماضي.

يمثل هذا التعديل بوابة لتصحيح المسار الديمقراطي، ويشرك المواطن بشكل مباشر في عملية التصحيح، وكل ما على مجلس الأمة هو إقرار التعديل وترك الباقي لنا كمواطنين، فهناك الكثيرون ممن هم مستعدون لرفع الدعاوى أمام المحكمة الدستورية قياساً بعدد الدفوع التي تقدم في المحاكم الأقل درجة. وإذا كانت المسيرة التشريعية حافلة بالقوانين المشبوهة، فإن القرارات واللوائح الحكومية تزيد عليها بالكثير، لذلك من المرجح أن تقف الحكومة ضد التعديل، ما يعني أن إقراره يتطلب تحالفاً نيابياً متعدد التوجهات، إذ يجدر التذكير بأن الحريات ومحاربة تعسف السلطة لم تعودا مقتصرتين على اهتمام الليبراليين فقط، فإجراءات السلطة المشبوهة التي صاحبت قضية التأبين العام الماضي واعتقال النائبين ضيف الله بورمية وخالد الطاحوس أثناء الحملة الانتخابية تثبت أنه مثلما الحرية حق للجميع، فإن انتقاصها يمس الجميع أيضاً، لذلك يجب حشد أوسع قاعدة نيابية ممكنة لدعم الاقتراح، ولتكن البداية مع النواب حسن جوهر وحسين القلاف وعلي الراشد كونهم من مقدمي الاقتراح ذاته في المجلس الماضي.

Dessert

تحية شكر وتقدير للمواطنة صاحبة المبدأ فاطمة البغلي ومحاميها المثابر عادل قربان لتذكيرنا بعبارة «الأمة مصدر السلطات جميعاً» في الدستور.

back to top